سلط الإعلام المغربي، اليوم الأحد، الضوء على الأساليب التي يستخدمها المخزن لمنع الأئمة من الحديث عن القضية الفلسطينية في مساجد المملكة، في محاولة لفك الارتباط الشعبي بهذه القضية المركزية، التي رفض لأجلها السواد الأعظم من المغاربة التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل ويطالبون في مظاهرات حاشدة، النظام الرسمي بالتراجع عن جميع اتفاقات “الذل والعار” التي تم إبرامها.
وحسب صحيفة “الاستقلال”، عاد موضوع عزل وإعفاء أئمة المساجد وخطباء الجمعة في المغرب إلى الواجهة، بعد قرار جديد لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب توقيف خطيب مسجد بمدينة سلا (شمال البلاد)، إثر تطرقه لموضوع فلسطين والعدوان الصهيوني على قطاع غزة، والانتهاكات المستمرة للكيان المحتل بحق المدنيين الفلسطينيين.
وفي 15 ديسمبر، كشف الخطيب المغربي المعزول، عبد الرحيم العبدلاوي، في تصريحات إعلامية أنه توصل بقرار العزل في 22 نوفمبر الماضي، بعد أن خصص إحدى خطبه ل”جرح فلسطين في قلب الأمة العربية والإسلامية”، تحدث فيها عن العدوان الصهيوني المتواصل على غزة منذ 7 أكتوبر الفارط، موضحا خلفياته وسياقاته وأهدافه.
و أكد العبدلاوي أن قرار توقيفه “تعسفي” وغير مبني على قواعد العدل والإنصاف، مشيرا الى أنه كان ينبغي للوزارة أن تطلب من خطباء المساجد التطرق لموضوع ما يجري في غزة وفلسطين بصفة عامة لأن “الخطباء هم صمام أمان المجتمع”.
وخلص العبدلاوي في الاخير إلى أن قرار عزله بسبب تناوله لموضوع “طوفان الأقصى ومراجعة الذات” في إحدى خطب الجمعة هو “شرف ووسام سأحتفظ به، وسأوصي أهل بيتي بأن يوضع معي في قبري حين وفاتي”.
كما سبق لموقع إخباري مغربي أن نشر في 12 أكتوبر الماضي، خبرا بعنوان “خطباء بطنجة (شمال) يتلقون توجيهات بتجنب الحديث عن أحداث غزة في خطبة الجمعة”، حيث أكد عدد من الخطباء المغاربة -حسب ذات المصدر- توصلهم بتوجيهات عبر تطبيق “واتساب” من طرف مراقبي المساجد التابعين للمندوبية الجهوية لوزارة الأوقاف، تحثهم فيها على تفادي الإشارة إلى ما يقع في قطاع غزة.
وفي وقت اتهم فيه الكثيرون، السلطات المخزنية ب”تكميم الأفواه”، وجه نائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية بداية الشهر الجاري، سؤالا كتابيا لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حول أسباب عزل الخطيب عبد الرحيم العبدلاوي، “ما دام أن الوزارة تقول أنها لم تتدخل لمنع تناول خطباء المساجد لموضوع العدوان الصهيوني على فلسطين”.
وفي تعليقه على الموضوع، قال عضو المكتب الوطني للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، محمد الرياحي الإدريسي، في تصريح صحفي إن “عزل أحد الخطباء بسبب حديثه عن فلسطين وغزة ليس بالأمر الجديد”، مضيفا بأن الدولة المغربية “دائما ما تسعى لعزل المساجد عن اهتمامات الشعب المغربي سواء المحلية أو الدولية”.
ولفت إلى أن “هناك حالات كثيرة تم فيها عزل خطباء جمعة لتجاوزهم حالة المنع وتكميم الأفواه التي تطالهم وتحول دون حديثهمفي بعض القضايا الممنوعة والتي تعتبرها الدولة خطا أحمر”.
وأعرب الإدريسي عن أسفه لهذا “الحصار الشديد” الذي تفرضه الدولة المخزنية على المساجد والخطباء، “مما يحول دون قيام المساجد بمسؤوليتها في الحديث عن مجازر غزة ومعاناة الفلسطينيين والدعاء لهم بالنصر والتمكين”.
وخلص في الأخير إلى أن “هذا السلوك يندرج في إطار محاولات الدولة المغربية فك الارتباط الشعبي بالقضية الفلسطينية والرغبة في التمكين لمسار التطبيع مع الكيان المجرم ورموزه القتلة”، مشددا على أن “استمرار المظاهرات وتوسعها في كل مدن المغرب، يبين فشل هذا الرهان ويؤكد أن الارتباط الشعبي مع القضية لا تزحزحه مثل هذه التصرفات والممارسات”.