تباشر الجزائر، غدا الأثنين، شغل مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن الدولي، لمدة سنتين. وتعتزم تشريف عهدتها، بالعمل على قضايا دولية وإقليمية والاستجابة لتطلعات الشعوب الإفريقية والعربية في السلم والأمن الدوليين التي تضعها كأولوية.
تبدأ الدبلوماسية الجزائرية مهامها داخل مجلس الأمن الدولي، بالتزامن مع تراجع غير مسبوق للسلام العالمي، وتزايد سياسات الكيل بمكيالين بشكل فاضح أثر على مصداقية الأمم المتحدة وأصاب المجلس بالشلل التام.
وبالرغم من هذه الظروف، تتطلع الجزائر إلى المساهمة في إحلال السلم والأمن الدوليين، والدفاع عن المطالب التاريخية والمشروعة لشعوب الجنوب، في تحصيل سياسات دولية متوازنة وعادلة، معولة على قدرتها في التنسيق والحوار الثنائي والمتعدد مع الدول الأعضاء ومع المنظمات الدولية والقارية.
ونيل الجزائر مقعدها عن جدارة يؤكد مكانتها الدولية المرموقة، حيث صوتت لصالحها 184 دولة في الانتخابات التي أجريت شهران جوان الماضي، لتبدأ عهدتها رسميا مطلع جانفي الداخل لتمتد إلى 31 ديسمبر 2025.
وعبر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عن شكره البالغ للدول التي وضعت ثقتها في الجزائر، مؤكدا بذل الجهود الحثيثة والضرورية لتشريف هذه الثقة وخاصة نقل انشغالات وتطلعات المجموعتين العربية والإفريقية اللتين زكتا ترشح الجزائر.
وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، من جانبه، فصل في أكثر من مناسبة عن أجندة نشاط الدبلوماسية الجزائرية داخل المجلس، معلنا عن تسطير ثلاث أولويات تتعلق بالبعد العالمي الشامل، والبعدين الجهوي والمحلي.
وبموجب ورقة الطريق هذه، تولي الجزائر أهمية لإعادة الاعتبار للتعاون متعدد الأطراف، ومعالجة الاختلالات التي ظهرت في منظومة الأمن الجماعي وكذا محاولة تجاوز الفشل الذريع الذي مني به مجلس الأمن في السنوات الأخيرة.
وبحسب الوزير عطاف، تضع الجزائر، مواضيع النزاعات والصراعات التي تتصدرها قضية فلسطين، وأيضا القضايا المرتبطة بمنطقة الساحل الإفريقي والصحراء الغربية ضمن أولويات السياسة الخارجية.
وسيتركز الدور الجزائري في السياق، على البعد الجهوي والمتمثل في تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، والعمل على تجاوز حالة الاستقطاب التي بلغت ذروتها بين الأعضاء الدائمين داخل المجلس.
وأعلن عطاف، أن الجزائر باشرت الاتصالات مع الأعضاء غير الدائمين وعددهم 10، من أجل ربط «جسر بين الأقطاب الممثلين للمقاعد الدائمة داخل المجلس، والمتصارعين بشكل أجج وضع الاستقطاب وتسبب في حالة الجمود».
وبالنسبة للجزائر، فإن حالة الشلل التي أصيب بها مجلس الأمن، خطيرة، خاصة مع تزايد شدة العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني وما يرتكبه يوميا من جرائم وحشية بحق المدنيين العزل والنساء والأطفال في قطاع غزة.
وتعطي السياسة الخارجية الجزائرية الأولوية القصوى للقضية الفلسطينية وكل القضايا المدرجة في أجندة الأمم المتحدة وستتزامن بداية عهدتها مع أزمات معقدة، على غرار الوضع الصعب للغاية في السودان، وتنامي الاضطرابات في منطقة الساحل الإفريقي، ناهيك عن استمرار الحرب الروسية- الأوكرانية بتداعياتها الدولية على الاقتصاد والتجارة والدولية.