يؤكد الخبير حسان قاسيمي، أن انتخاب الجزائر عضوا غير دائم بمجلس الأمن للأمم المتحدة، يكرس عودة دبلوماسية قوية جدا على المستوى الجهوي والإقليمي والدولي، بعد سنوات من الغياب.
أوضح الخبير قاسيمي، أن رجوع الجزائر القوي إلى الساحة الدبلوماسية من بوابة مجلس الأمن الأممي، يكلّل جهد وعمل رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي لديه إرادة قوية لإعطاء صورة إيجابية عن الجزائر.
وذكر قاسيمي في تصريح خص به «الشعب»، أمس، تزامنا وانطلاق عهدتها، مطلع جانفي الجاري، بمجلس الأمن، أن انتخاب الجزائر نتيجة منطقية وحتمية لحملة دبلوماسية كبيرة تمت على مستوى دول إفريقية وآسيوية وأوروبية، وكذا على مستوى المنظمات، على غرار منظمة التعاون الإسلامي، أدى خلالها الرئيس تبون عملا كبيرا.
ويرجح قاسيمي أن تمكن العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن الأممي، الجزائر من فتح أبواب كثيرة، قياسا إلى الطموحات الكبيرة التي تحدوها، لاسيما منها المتعلقة بالقارة الإفريقية، خاصة وأنها ستكون صوت إفريقيا وصوت الشعوب عموما والمضطهدة والضعيفة على وجه الخصوص. ولفت في سياق موصول، إلى أن الجزائر سترافع لصالح عالم مبني على العدالة، يكون محركه التنمية، ينعم بالأمن والاستقرار، على أن تسود مساواة بين الدول، تراعي خلالها مصالح الدول الناشئة.
وبرأي الخبير قاسيمي، فإن أهداف الجزائر واضحة، تستمدها من ميثاق الأمم المتحدة وميثاق الاتحاد الإفريقي التي تقوم على مبادئ المساواة؛ من الحق في التنمية المستدامة وحل الأزمات ونبذ التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول.
إلى ذلك، ستناضل الجزائر من أجل مبادئ هامة، يأتي في مقدمتها حق الشعوب في تقرير مصيرها، تعيش حاليا تحت وطأة الاستعمار، على غرار الشعب الفلسطيني ضحية حرب صهيونية همجية، تحاول القضاء على وجوده، بقصد تحقيق أهم أهداف الكيان المسطرة في العام 1948، متمثلة في «فلسطين إقليم بدون شعب».
وأشار محدثنا، إلى الإرادة على المستوى الدولي بأمريكا اللاتينية وإفريقيا وفي مقدمة الدول تأتي الجزائر، من أجل وضع حد للاحتلال الصهيوني. كما تناضل الجزائر أيضا من أجل دعم حق شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره، في إطار تصفية الاستعمار بالقارة الإفريقية، مذكّرا بأن الجزائر تستعمل كل الوسائل على مستوى المنظمات الدولية، لوضع حد للاستعمار الغاشم، متوقعا أن تكون 2024 سنة لتحريرها.
إلى ذلك، تحدّث قاسيمي عن نقطة أخرى لا تقل أهمية، متمثلة في مراجعة نظام مجلس الأمن الدولي، المبني – حسبه – على مبادئ غير عادلة، كرست منطق الأقوياء بعد الحرب العالمية الثانية، وما سياسته الحالية سوى تكريس لإرادة الأقوياء على حساب الدول الضعيفة.
وقال المتحدث، إن الجزائر ستناضل على مستوى مجلس 10 بالاتحاد الإفريقي، لمراجعة نظام مجلس الأمن، ليخلص إلى القول بأنه ملف ثقيل يستلزم بذل جهود كبيرة وتنسيق وإرادة سياسية للوصول إلى الأهداف المنشودة.
ولم يغفل قاسيمي ملف الوساطة، مشيدا بالخبرة الجزائرية الكبيرة في هذا المجال من الدبلوماسية، بعد أن سجلت حضورها في ملفات كبيرة وخطيرة جدا، بينها الأزمة الحدودية بين العراق وإيران في سبعينيات القرن الماضي، وفي النزاع بين إرتيريا وإثيوبيا، وكان للجزائر دور كبير سمح بوضع حد لأزمة خطيرة.
علاوة على ذلك، ذكر قاسيمي بمسارات أخرى، منها اتفاق الجزائر للسلم والمصالحة في مالي، الموقع في العام 2015، الذي يعرف بعض المشاكل بسبب محاولات خارجية تعمل على ضرب اتفاق الجزائر، غير أن الجزائر تناضل من أجل حل كل هذه المشاكل العويصة في ظل وجود أطراف أخرى؛ فمثلا – أضاف قاسيمي – وحدة ليبيا مهددة وأطراف خارجية تسخر إمكانات عسكرية كبيرة، لتمويل الميليشيات والجماعات المسلحة.
وأكد أن الجزائر ستعمل على إيجاد حلول فعالة، كفيلة بتنظيم انتخابات رئاسية بليبيا في أقرب الآجال للخروج من خطر التمزّق، والمساس بوحدة ليبيا، مشيرا إلى أن الجزائر تعمل مع المبعوث الأممي في المنطقة بجد لتنظيم هذه الاستحقاقات.