بدأت الجزائر خلال العام الجديد ولايتها كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، حيث تتسلم راية المسؤولية لتمثيل الشعوب العربية والأفريقية في تعزيز السلم والأمن الدوليين. تأتي هذه الولاية، التي تمتد لسنتين، في سياق تعزيز دورها على الساحتين الدولية والإقليمية وتحقيق عدة أهداف استراتيجية.
في سعيها لتحقيق التوازن والعدالة في العالم، تضع الجزائر مجموعة من الأهداف على رأس أولويات ولايتها الجديدة. من بين تلك الأهداف، دعم قضايا التحرر في العالم، وتسوية النزاعات الإقليمية، بما في ذلك القضية الفلسطينية والصحراوية، كما تتطلع إلى تعزيز السلم في إفريقيا، خاصة في منطقة الساحل الأفريقي ومكافحة الإرهاب.
القضية الفلسطينية على سلم الأولويات
تحتل القضية الفلسطينية مكانة خاصة في السياسة الخارجية الجزائرية، حيث تعتبرها القضية المركزية للأمة العربية. وخلال ولايتها في مجلس الأمن، تسعى الجزائر إلى لعب دور فعال في إيجاد حل سلمي وإنهاء الاحتلال الصهيوني لفلسطين والمستمر منذ العام 1948، والعمل على حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وإقامة دولة فلسطين كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف.
تأتي هذه الجهود في ظل استمرار العدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، وممارساته القمعية، خاصة في قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان صهيوني غير مسبوق ومستمر منذ شهر أكتوبر من العام الماضي، خلف استشهاد عشرات الآلاف من المدنيين العزل.
وخلال الكلمة التاريخية التي ألقاها رئيس الجمهورية أمام أعضاء الجمعية العامة في الأمم المتحدة، في شهر سبتمبر الماضي، أكد الرئيس تبون أن الجزائر ستلعب دوراً فاعلاً في القضية الفلسطينية، قائلاً: “سنعمل مع الشركاء الدوليين على إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، بما يضمن عودة الحق الفلسطيني إلى شعبه، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
القضيـة الصحراويـة
علاوة على ذلك، تسعى الجزائر إلى إيجاد حل عادل ودائم للقضية الصحراوية، التي تعتبر قضية تصفية استعمار وآخر مستعمَرة في إفريقيا. حيث تؤكد أن الحل الوحيد للقضية هو في التفاوض بين طرفي النزاع، تحت إشراف الأمم المتحدة من خلال مبدإ الاستفتاء وتقرير المصير، الذي تم الاتفاق عليه بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية سنة 1991 برعاية أممية، لكن لم يتم تطبيقه إلى اليوم.
دعم السلام وإزالة الظلم التاريخي الذي تتعرض له إفريقيــــا
إضافة إلى ذلك، تسعى الجزائر إلى دعم السلام في إفريقيا، خاصة منطقة الساحل، التي تشهد هشاشة أمنية كبيرة، مع انتشار الأسلحة والجماعات الإرهابية. وتعمل الجزائر على بلورة خطة شاملة جديدة لمحاربة ظاهرة الإرهاب في القارة، تهدف من خلالها إلى تعزيز التعاون الأمني بين الدول الأفريقية ودعم جهود الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب.
وفي مارس من العام الماضي، عرض رئيس الجمهورية في الاجتماع رفيع المستوى لمجلس الأمن، الخطة الجزائرية الجديدة لمكافحة الإرهاب في القارة. وتأتي مقترحات رئيس الجمهورية بصفته منسق الاتحاد الإفريقي حول مكافحة الإرهاب، وتضمنت الخطة وضع قائمة إفريقية للأشخاص والمجموعات والكيانات المتورطة، سواء كانوا أفارقة أو أجانب.
كذلك، ترافع الجزائر لأجل إزالة الظلم التاريخي الذي تتعرض له إفريقيا، بعدم حصولها على مقعد دائم في مجلس الأمن. ومع بداية ولايتها الجديدة في المجلس وكخطوة أولى، تسعى الدبلوماسية الجزائر إلى زيادة عدد مقاعد الدول الأفريقية غير الدائمة في المجلس ورفع الحصة الإفريقية من ثلاثة مقاعد إلى خمسة، بهدف تحقيق تمثيل أوسع وأكثر فعالية للقارة الأفريقية في هذه الهيئة الدولية.
وترى الجزائر ومعها العديد من الدول الإفريقية، أن إفريقيا تستحق مقعدا دائما في مجلس الأمن، نظراً لأهميتها الجيوسياسية والاقتصادية، ومساهمتها في حفظ السلم والأمن الدوليين. وفي هذا السياق، تدعو الجزائر إلى تعزيز التعاون الدولي لتحقيق هذا الهدف، مؤكدة أن الإصلاحات الضرورية في هيكل مجلس الأمن يجب أن تتسق مع تحولات العالم الحديث وتعكس التمثيل العادل لجميع القارات.