تتزايد قدرات الجزائر في إنتاج الطاقة باستمرار، مع إمكانياتها الضخمة التي تتمتّع بها. ومع الاستكشافات الكثيرة للبترول والغاز، تعمل على تكريرها في مواد مصنعة وشبه مصنعة، لأن تكرير النفط صناعة ناجعة وذات جدوى اقتصادية. في هذا الإطار، جاءت تعليمات رئيس الجمهورية لتوجه بالإسراع في إنجاز مشروع محطة جديدة لتكرير البترول بحاسي مسعود، بعد الحسم في إنهاء عملية الاستيراد.
يتوقع أن تنجح الجزائر في المرحلة المقبلة لتقفز إلى مصاف البلدان القادرة على ضخ المواد النفطية المكررة نحو الأسواق الخارجية، بفضل بنائها لقاعدة تكريرية مهمة، وهذا ما سيعمق من مكاسب الثروة السوداء، لأن عملية التكرير ستحقق أرباحا مالية واقتصادية أكثر من تسويق النفط مادة خاما، حيث يحملها المستورد الأجنبي إلى مصافيه ليسوقها بعد ذلك بأسعار مرتفعة، تحقق له مكاسبَ ضخمة. بل إن صناعة التكرير، ينظر إليها باهتمام كحلقة استراتجية وركيزة للنهضة التنموية. وفي الوقت الحالي باتت العديد من الدول، حتى غير النفطية، تنظر لصناعة التكرير كرافد حقيقي لإرساء صناعة المستقبل وتحاول توجيه استثمارات إلى هذا القطاع، وعلى خلفية أنه في عديد الدول الأجنبية، تتكامل هذه الصناعة الواعدة مع صناعة البتروكيماويات، وبما أنها مربحة بشكل مضمون، صارت جد مطلوبة من طرف العديد من الدول.
عهد جديد..
مشروع محطة مشروع حاسي مسعود، سيعزز من صناعة التكرير التي حققت فيها الجزائر خطوات معتبرة، جعلتها تنجح في التحرر من الاستيراد، محققة الاكتفاء الذاتي، بفضل عدة مشاريع أخرى. علما أن الجزائر تملك نحو 6 مصافي لتكرير البترول، وبما أن مدينة حاسي مسعود شهيرة بحقولها النفطية والغازية الضخمة، يأتي بناء هذه المحطة على مستواها ليقلص من كلفة وآجال نقلها، بل ويفعل من سرعة ضخ المادة الخام وتكريرها لتكون في شكل بنزين ومازوت ووقود الطائرات.
بالموازاة مع ذلك، يتواصل الحرص على زيادة إنتاج المشتقات النفطية، بالنظر إلى نجاح مصافي تكرير النفط بالجزائر في تلبية طلب السوق الوطنية وإنهاء عملية الاستيراد منذ ثلاث سنوات كاملة.
ويمثل المشروع الجديد، الذي أقره رئيس الجمهورية لينجز بسرعة قياسية، نوعا مهمّا من الاستثمارات المثمرة وذات جدوى عالية في تحقيق الأرباح بالعملة الصعبة على الصعيد الخارجي، بينما محليا يعول عليها في استحداث مناصب شغل وتوفير هذه المادة الحيوية في السوق المحلي، بتكلفة جد منخفضة. علما أن هذه الصناعة التحويلية المهمة، فضلا عن طرحها بالأسواق الداخلية والخارجية الوقود المحول لقطاع النقل بكل أنواعه، تنتج كذلك المواد البتروكيماوية من بلاستيك ومطاط.
وينبع اهتمام الجزائر بقطاع ذي أداء مثمر، من كون مجال التنقيب والإنتاج يحتاج إلى أن يستكمل بالتحكم وتوسيع صناعة التكرير، على خلفية أن عملية الإنتاج الخام للبترول تحقق أرباحا كبيرة عندما ترتفع أسعار برميل النفط بالأسواق الخارجية، بينما عند انخفاضها يمكن لأرباح قطاع أو صناعة التكرير والبتروكيماويات أن تعوض أي خسائر مسجلة وتحقق أرباحا بديلة. ويبقى نشاط القطاع الصناعي والسياحي والخدماتي والفلاحي مرتبطا بالطاقة والوقود.
الاستكشافات المهمة تنوع المشاريع
هذا النوع من الاستثمارات مضمون المكاسب، كونه يمتص البطالة ويحتاج إلى إنشاء شركات أخرى من أجل ضمان عملية التخزين. ورغم أن سونطراك تمكنت من وقف استيراد المشتقات النفطية، لكن الهدف المحوري يكمن في التموقع الجيد في الأسواق الخارجية، وما يترجم ذلك المنحنى التصاعدي الذي يتوخاه الإنتاج لمختلف المصافي الموجودة حيز الإنتاج حاليا.
وتنوي الجزائر استثمار ما لا يقل عن 30 مليار دولار وضخه في عمليات الاستكشاف وإنتاج المحروقات ما بين 2023 إلى غاية آفاق 2027، في إطار مخطط تكريس أمنها الطاقوي وتصدير كميات معتبرة لأسواق خارجية. ويرتقب أن تبلغ طاقة المازوت الإنتاجية في آفاق عام 2030 نحو 12.5 مليون طن “91.62 مليون برميل”، وفوق ذلك حققت الجزائر عام 2022 وخلال النصف الأول من عام 2023، اسكتشافات مهمة، بلغت 23 اكتشافا نفطيا وغازيا، مما عزز نشاطها الواعد، لترشح كي تتبوأ مكانة مهمة كمنتج طاقوي وممون هام في مجال تسويق مشتقات النفط بفضل آليتها الإنتاجية المهمة، المتمثلة في عديد المحطات.
ولعل الاستكشافات المحققة والمستمرة ستسمح بتنويع المشاريع التنموية في هذا القطاع الاستراتيجي الضخم والمهم.الجدير بالإشارة، فإن صناعة التكرير تحولت في الوقت الراهن إلى رافد اقتصادي استراتيجي، وبما أن الجزائر تتمتع بقدرات ضخمة، ينتظر أن يكون لها دور واعد في تصدير مشتقات البترول، لأن إنجاز محطة تكرير النفط بحاسي مسعود، سيعزز تدفق الكميات من أجل التصدير ومن ثم ضخ العملة الصعبة.