أبانت حكومة الوزير الأول نذير العرباوي، عن نسق جديد في تنفيذ أولويات التوجهات الاقتصادية الكبرى لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي أمر منذ أشهر باتخاذ الميدان مجالا أساسيا لترجمة السياسة العمومية بقدر عال من الفعالية، وتمكنت في الأسابيع الأخيرة، من الدفع بعدّة مشاريع حيوية.
تميز الاجتماع الأخير للحكومة المنعقد، الأربعاء الماضي، بكونه الأول من نوعه ومنذ 2020، الذي يخصص حصرا لدراسة مشاريع اقتصادية حيوية وأخرى تتعلق بالبحث العلمي، ولم ينظر في أي نص تشريعي أو تنظيمي، مثلما جرت العادة.
وبحسب البيان الختامي الصادر عن مصالح الوزير الأول نذير العرباوي، فقد استمعت الحكومة إلى عرض حول التقدم الحاصل في إنجاز مشروع مركب سحق البذور الزيتية بولاية جيجل، المنتظر تسليمه في نهاية السداسي الأول من سنة 2024.
هذا المشروع الهام، يحظى بمتابعة مباشرة من الرئيس تبون، الذي أصدر تعليمات من أجل استكمال بنائه وإدخاله حيز الخدمة في أقرب الآجال، وأقر تدابير هامة لإزالة كافة العراقيل التي عطلت وتيرة الإنجاز في وقت سابق.
وبفضل هذا الحرص، استكملت الطاقة الكاملة لبناء المركب، بعد إعفاء عتاده المتواجد بميناء جن جن، منذ سنوات من حقوق الحراسة الجمركية، بموجب قانون المالية التصحيحي.
وفي اليوم الموالي لاجتماع الحكومة، أي الخميس، تنقل وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني علي عون، إلى ولاية جيجل، أين زار مركب الحديد والصلب ببلارة للشركة الجزائرية القطرية للصلب، ومركب سحق البذور الزيتية، وأسدى تعليمات بالإسراع في وتيرة الإنجاز ومباشرة التجارب الأولية شهر أفريل قبل دخوله حيز الخدمة شهر جوان المقبل.
وبحسب معلومات تحصلت عليها “الشعب”، فقد كانت زيارة الوزير عون، إلى الشركة الجزائرية القطرية للصلب، هامة للغاية بالنسبة للفريق المسير للمركب، كونها ترجمت حرفيا التزامات رئيس الجمهورية بحماية المؤسسات الاقتصادية المنتجة، وتوفير الظروف الملائمة لازدهار أنشطتها.
وأكد عون، للجهاز المسير للمصنع، أن دائرته الوزارية ستحرص كل الحرص على تمكين المركب من ظروف التطور الملائمة، خاصة مع اقتراب موعد المرحلة الثانية لتوسعة النشاط لتصل الطاقة الإنتاجية إلى 4.2 مليون طن سنويا.
يذكر، أن مركب بلارة حقق رقم أعمال فاق 1 مليار دولار، وصدر ما قيمته 600 مليون دولار نحو 30 دولة، سنة 2023. وخلفت زيارة الوزير عون أثرا معنويا جد إيجابي مما وضع الحوافز الضرورية للمضي قدما نحو تطوير نشاطه.
واستمعت الحكومة في اجتماعها، الأربعاء الماضي، إلى عرض حول سير حملة الحرث والبذر لموسم 2023-2024، الجارية “في ظروف حسنة نظير تدابير المساعدة والدعم لفائدة الفلاحين التي أقرها رئيس الجمهورية، “على غرار مجانية توزيع البذور”.
واستمعت في الاجتماع ذاته، إلى عرض حول مشروع طوره فريق بحث من جامعة سيدي بلعباس لمعالجة المياه المستعملة، باستخدام تقنية الأوزون لإعادة استخدامها في الري الزراعي، في انتظار استكمال الدراسات الاقتصادية والبيئة اللازمة.
وسبق للرئيس تبون، أن أمر وزارة الري، بإعادة الخدمة لكافة محطات المياه المستعملة عبر التراب الوطني، حتى توظف في عمليات السقي المحوري، تحسبا لأي طارئ يتعلق بشح الأمطار، مثلما حدث في الموسم الفلاحي الماضي، حيث عانى الفلاحون من الجفاف ومن غياب وسائل السقي البديل.
دراسة الحكومة لعروض اقتصادية وعلمية حصرا، ولأول مرة، يفهم على أنها استطاعت تقليص المسافة بين النسق السريع الذي يلح عليه الرئيس تبون، وأداء الجهاز التنفيذي الذي لم يبلغ الذروة التي يرغب فيها الرئيس، خاصة من حيث إدارة الوقت لإنجاز المشاريع ذات الأولوية وإعادة إطلاق المشاريع التي واجهتها عراقيل إدارية.
ومنذ مطلع نوفمبر الماضي، تاريخ تنصيب نذير العرباوي وزيرا أول، خرجت الحكومة من حلقة مفرغة عطلت اكتمال المنظومة القانونية للاستثمار لمدة ثلاث سنوات وإطلاق بنى تحتية حيوية لقرابة السنتين.
وبتاريخ 14 نوفمبر، وافق مجلس الوزراء، برئاسة رئيس الجمهورية، على صفقة إنجاز خط السكة الحديدية تندوف- بشار، مع الانطلاق بشكل فوري في الأشغال من قبل الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية “أنسريف” وشركتي “كوسيدار” وCRCC الصينية، وشدد الرئيس على تقليص آجال المشروع، مع إنجاز ما تبقى من مشاريع خطوط السكك الحديدية، لمواصلة تقوية وتعزيز الاقتصاد الوطني.
ووافق أيضا على صفقة إنجاز مشروع التزويد بالمياه الصالحة للشرب لمدن بشار والعبادلة والقنادسة، وأمر الرئيس برفع طاقة تصفية المياه المستعملة واسترجاعها، مع تحديد هدف استغلال 60٪ من الكمية المُنتجة.
وفي مجال الرقمنة، وافق مجلس الوزراء، في الاجتماع ذاته، على مشروع إنشاء قاعدة لتخزين وحماية المعطيات الإلكترونية (Data center)، من قبل شركة هواوي الصينية.
هذه القرارات وضعت حكومة نذير العرباوي، في طريق ممهد لتنفيذ التعليمات المتعلقة ببلوغ السرعة القصوى في تنفيذ قرارات مجلس الوزراء، سواء “تلك التي جسدت أو لم تجسد”. وبات ملاحظا أنها بدأت ترفع نسقها في العمل الميداني والتركيز على المشاريع المتعلقة خصوصا برفع الإنتاج الاقتصادي ومعدلات الأمن الغذائي والأمن المائي.