سجّلت ولاية تندوف حضورها المتميّز في عالم المقاولاتية، بالعديد من المشاريع الناجحة التي شقّت طريقها نحو الريادة والتألق، فرسمت معالم جيل مقاولاتي مؤمنٌ بقدراته، قادرٌ على إحداث فارق في معادلة التنمية المحلية.مشروع مطحنة الحبوب بولاية تندوف، يعدُّ من المشاريع الحديثة التي استفادت من توجّه الدولة الرامي الى تمكين الشباب من ولوج عالم المقاولاتية، حيثُ تمّ الشروع في إنجازه بتمويل ذاتي 100%.
الشاب يحياوي بيغا، خاض تجربة إنشاء أول مطحنة حبوب بالولاية، يدفعه في ذلك ترسانة القوانين التي أقرّتها الدولة والرامية الى تعزيز حضور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المشهد الاقتصادي في البلاد.
قال يحياوي بيغا أن نقص مادة الدقيق بالولاية وتذبذب التزويد بها، وتحمّل الدولة لأعباء نقلها للخواص، بالإضافة إلى نقص الأعلاف، هي مجموعة عوامل وأسباب دفعته للتفكير في إنشاء أول مطحنة حبوب بالولاية.
مشروع مطحنة الحبوب بالولاية الذي يتربّع على مساحة 04 هكتارات، انطلقت أشغال إنجازه في آجالها المحدّدة بعد القضاء على كل العراقيل والتحفّظات التي صادفت المشروع منذ البداية، ويسعى صاحب المطحنة الى تقليص مدة الانجاز الى سنة ونصف بدل 03 سنوات إذا استمرت الادارة في تذليل كل العراقيل وتوفير شروط نجاح المشروع.
يحياوي بيغا وهو يعدّد عوامل نجاح المشروع وفوائده الاقتصادية على المنطقة، أعرب عن أمله في مرافقة هذا المشروع الحيوي من طرف السلطات المحلية، مشيداً بما تمّ تحقيقه من خطوات عملاقة لتعزيز حضور الشباب في الاقتصاد الوطني، مشيراً في الوقت ذاته الى أن مشروع مطحنة الحبوب سيشكّل إضافةً نوعية ودفعةً قوية في تنمية المنطقة، فهو مشروع ذاتي التمويل، من شأنه توفير 50 منصب شغل مباشر وعشرات مناصب الشغل غير المباشرة، الى جانب إنتاج 300 طن من الدقيق يومياً، تشكّل الأعلاف 20% منها في المنطقة المعروفة بطابعها الرعوي.
وأكّد بيغا على حاجة الشباب للمرافقة المستمرة في مشاريعهم المقاولاتية، مجدداً التأكيد على أن الخطوات التي اتخذتها الدولة لتعزيز الفكر المقاولاتي وترسانة القوانين المصاحبة لهذا التوجه، يجب أن ترافقها متابعة مستمرة من طرف الإدارة وعدم ترك الشباب عرضة للمتاهات المتعلقة بالإجراءات الإدارية.
وأشاد المتحدث بقانون المقاول الذاتي الذي وصفه بالخطوة الجبارة في الطريق الصحيح، والذي من شأنه فتح باب المقاولاتية على مصراعيه أمام الشباب الجزائري الراغب في تكوين مشروعه الخاص ليتحوّل بذلك من طالب عمل إلى رب العمل.
الفكر المقاولاتي في الجنوب، صمّام أمان
أخذ الفكر المقاولاتي في ولايات الجنوب مستويات متعدّدة وأبعاد عديدة، متجاوزاً بذلك الشقّ الاقتصادي الذي وُضع لأجله بالأساس، ليشمل في تبعاته ونتائجه الايجابية الجانب الاجتماعي والأمني خاصة في الولايات الحدودية.
تحدث عضو المجلس الأعلى للشباب بولاية برج باجي مختار بيكناوي محمد، بإسهاب عن فوائد المقاولاتية في ولايات الجنوب، مشيراً إلى أنها تشكّل عامل مهم في إنعاش الخزينة المحلية لكل ولاية، من خلال دفع مستحقات الجباية والضرائب المترتبة عن نشاطات هذه المؤسسات سواء مؤسسات مصغرة أو ناشئة.واعتبر المتحدث أن غرس الفكر المقاولاتي لدى شباب الجنوب، من شأنه توفير مناصب شغل وامتصاص “البطالة المزمنة”، التي تنخر النسيج الاجتماعي في هذه الولايات التي تفتقر للمصانع والشركات التي بإمكانها امتصاص عدد كبير من البطالة.أشار عضو المجلس الأعلى للشباب بولاية برج باجي مختار، أن التوجّه العام للدولة الرامي إلى تعزيز حضور المقاولاتية والمؤسسات الناشئة في المعادلة الاقتصادية للبلاد، له مآلات ونتائج أخرى على المديين المتوسّط والبعيد، تمتد تأثيراته لتلامس الشق الاجتماعي بحكم أن غرس الفكر المقاولتي لدى شباب ولايات الجنوب سيحسّن من مستواهم المعيشي وسيضمن لهم دخلاً ثابتاً بعيداً عن روتين الوظيفة على حد تعبيره.المتحدث وهو يعدّد النتائج الايجابية للمقاولاتية في ولايات الجنوب، نوّه الى أن هذا التوجه الذي تبنّته الدولة وإقرارها لقانون خاص بالمقاول الذاتي، سينتشل الشباب من شبح الآفات الاجتماعية والاضطرابات الأمنية، وسيشكّل “صمام أمان” لهم، يحول دون انسياقهم خلف الآفات وانتهاجهم لنهج الجريمة المنظمة.
وفي السياق ذاته، أشاد بيكناوي بجملة الإصلاحات والإسهامات التي تبنتها الدولة في مجال المقاولاتية، والتي تعد -حسب وصفه- متنفساً للاقتصاد الوطني، وداعم لا يستهان به في رفع وتسريع عجلة التنمية، الى جانب دورها في تخفيف الضغط عن المؤسسات والوظيف العمومي وتنويع المداخيل بالنسبة للدولة.ونوّه المتحدث الى أن الدولة رافقت جملة الإصلاحات التي أقرّتها بالإفراج عن قانون المقاول الذاتي، الى جانب قانون الاستثمار الجديد اللذان يخدمان شباب الجنوب الحامل للمشاريع، وهما خطوتان، اعتبرهما المتحدث انعكاساً حقيقياً لوجود نية صادقة وجريئة من طرف الدولة في التكفل بالشباب من حملة المشاريع من أجل تمكينهم من إنشاء مؤسساتهم الخاصة.