صدّرت «ناشيونال جيوغرافيك» صفحتها الأولى لعدد شهر فيفري الجاري، بصورة فارهة عن الصحراء الجزائرية، وأطلقت العنان لعدسة المصوّر السّلوفيني ماتجاز كريفيك، كي يسافر بالقراء الأوروبيّين إلى رحاب «المتحف العجيب» لأرقى أعمال الفنّ الصّخري في تاريخ الإنسانية، وقدّرت عدد الأعمال الفنية الراسخة على صخور الطاسيلي، بـ 15 ألف «جدارية» (إن صحّت التسمية)، ونقلت عن واحد من علماء الآثار قوله إنه يعتبر طاسيلي «أكبر متحف لفنّ ما قبل التاريخ في العالم».
ولقد توقّفت المجلة عند عمل فنّي وصفته بأنه «يصنع الاستثناء»، وقالت إنّ الأمر يتعلق بمجموعة من النقوش عرفت باسم «البقرة الباكية»، وقالت إنّها «لوحة» ترمز إلى بدايات الصحراء القاحلة مع شحّ الأمطار.
المهم..روبورتاج «ناشيونال جيوغرافيك»، أيقظ فينا ذكرى حكاية «هدارة..الطّفل النّعامة»، وهي لوحة سردية من عمق الصحراء الجزائرية، عرفت السويدية مونيكا زاك كيف تصنع منها رائعة أدبية، حين روت سيرة «هدارة» الذي ضاع في أثناء عاصفة رملية وعمره لا يتجاوز السنتين، ليعيش مع النّعام أكثر من عشر سنوات، ويعود في الأخير للعيش مع البشر..
الحاصل هو أنّ حكاية «هدارة» متواترة عندنا، ولكنها بقيت في حكم «الشفاهي» إلى أن فتح الله عليها بـ «مونيكا زاك» لتقتحم بها أسوارا عالمية، بل تقدّمها لتكون إضافة هامة إلى التراث الإنساني، وهي لا تختلف عن «لوحة البقرة الباكية» التي ستتحوّل – دون شكّ – إلى عنوان إنساني ملهم، خاصة وأن كثيرين من الأوروبيين صاروا يستعملون «الحكاية» في تسيير شؤون مختلفة، أقلها الترويج لـ «الحليب الطبيعي».
ما الذي يمنح عدساتنا وأقلامنا الفعالية اللازمة كي تستثمر في تراثنا الشفاهي العتيد، وتضيفه إلى المنجز الإنساني؟! هذا هو السّؤال.