يتوسم كثير من «الفسابكة» و»التكاتكة»، في أنفسهم، أنهم يحكمون القبضة على (زمّارة) التكنولوجيا، وأنهم متفوقون في معالجة صعوبات «النشر» و»المشاركة» و(اللايكات)، وقد يحسّون أنهم اكتسبوا «المعارف الجديدة» وطوّعوها، حتى صار الواحد منهم يحصل على (كأس العالم) في تطبيق «الفيفا»، أو يقفز بـ»السوبر ماريو» على جميع الديناصورات، ليحرّر الأميرة الحسناء في جولة الانتصار..
وقد يكون واضحا أن «التكنولوجيا» مختلفة تماما عن «استغلال منتجات التكنولوجيا»، فالأولى لغة ومنهج وتفكير، أي أنها فرع معرفي قائم بذاته، بينما لا تمثل الثانية سوى تدريبات بسيطة على تطبيقات معدودة، تبهر المتدرب (والغافلين أمثاله) وهي تنتج ما لم يخطر لهم على بال.. ومثال ذلك الفلاح الذي يتعلم ويجتهد ويثابر، فيحرث ويزرع وينكش ويسقي ويحصد، ما يعني أننا لا يمكن أن نطلق اسم «فلاح» على من يستطيع التكهن بلون (الدلاعة)؛ لأنه اكتسب شيئا من الخبرة في شراء (الدلاع)، بلْهَ عمّن يحقّق الإنتاج الفلاحي الوفير على تطبيق «المزرعة السعيدة»!!.. ومثله ذاك الذي يعتقد أنه أحكم المعرفة التكنولوجية؛ لأنه تمكّن من تصميم «موقع» على أنترنيت، مع أن دهاة التكنولوجيا وفروا له كلّ ما يسمح له بالتصميم دون أي معرفة بلغات الـ(Html) والـ(PHP) والـ(Java) وهلم جرّا مما تشيب له الولدان، وتحار فيه الإنس والجان..
حاصل القول إذن، هو أن التكنولوجيا ليست أبدا اكتساب شيء من «المهارة اليدوية» في التعامل مع تطبيقات بسيطة مبرمجة سلفا كي تؤدي وظائف بعينها، وإنما هي إنتاج البرامج بما هو حصيلة درس معمّق، ولغة متقنة، ومنهج قويم.. ما دون هذا، يمكن وصفه بلغة قدور البومباردي.. إنها تكنولوجيا (لعب الذّر).. والله الهادي إلى سواء السبيل..