شهد الدكتور آصف ملحم، أمس الأول، وهو يحاضر حول «الطاقة كمحدد للعلاقات الدولية»، بمقر وزارة الاتصال، أن الجزائريين – خلافا لكثير من ممثلي دول العالم – يدخلون المنتديات والمؤتمرات الدولية، برؤوس شامخة مرفوعة، وأنهم لا يخشون التصريح، ولا يتهربون من الكاميرات، بحكم أن منطلقاتهم سيادية، ورؤاهم عادلة..
ونعترف أن شهادة الدكتور ملحم أثلجت صدورنا، وفتحت الباب لشيء من الفخر كي يتسلل إلى نفوسنا، وإن كنا نعرف أن هذه الخليقة تدخل في صميم الموروثات الجينية الجزائرية، والتاريخ يحتفظ بصور راقية عن «الجزائري» الذي لا يمكن أن يُساوم في فضيلة، ولا أن يتردد ساعة النجدة، وهو لا يستكين، ولا يقبل الهوان، ولا ينصاع للظالمين، وهو ساعة الرّوع، ثابت الجنان، قويم البيان، لا يخشى في الحق لومة لائم..
ولا نغالي إذا قلنا إن التاريخ سجل كثيرا من صور السؤدد والرفعة التي تميّز «الجزائري»، ومن ذلك صورة المجاهد الذي يأبى الانصياع للجلاّد الفرنسي، ويفضل الموت واقفا، ومثله ذلك البطل المعروف باسم «سي الاستقلال» الذي أصيب بجرح في واحدة من المعارك، فلم يطلب النجاة، وإنما تصدى لفيلق فرنسي كامل بمفرده، كي يتيح لرفقاء دربه الانسحاب في آمان، ويلقى ربه صابرا محتسبا لم يبدل تبديلا..
الأمثال المتداولة بين الجزائريين، هي نفسُها تحضّ على الالتزام بالروح الجزائري، ومنها (المباتَه للشرّ ولا طعام عكّاس).. (النيف والخسارة).. (اللي يبدلك بالفول، بدّلو بقشورو).. (عاملني كي خوك، وحاسبني كي اعْدوك).. وأمثال أخرى كثيرة تتأسس على الرؤية الجزائرية الراسخة في الجينات..
على كل حال، شهادة الدكتور ملحم طمأنتنا على أنفسنا، وإن كان الثابت أن الجزائري لا يحول ولا يزول..