تملكنا شعور عميق بـ «الخيبة» ونحن نقع على وثائقي يشرح مأساة مواطنين أمريكيّين يقضون تحت وطأة السّكري، لأنّهم لا يستطيعون الحصول على جرعات الأنسولين، والعجيب أنّ الوثائقي ركّز على مواطنين يزاولون نشاطات مهنية عادية، ويتلقون رواتب ثابتة، ومع ذلك لا يقدرون على شراء (ماء الحياة)؛ لأن تغطية التأمين عندهم (مُهندَسَة) بطريقة عجائبية، لم نتمكن من استيعابها..
الحاصل وما فيه، هو أنّ الواحد من الناس قد يحصل على مرتب يفوق الألف والأربعمائة دولار شهريا، ومع ذلك يعجز عن شراء حاجته من الأنسولين، وردّ الوثائقي غلاء الأسعار إلى (تنافس محموم) بين اثنين من كبار المنتجين، يزايدون على الناس دون أن يجدوا في «القانون» (المبجّل) ما يستعيد لهم شيئا من (الإنسانية)، أو ينعّم قلوبهم بنسمة رحمة، ولا يخفى أن مسائل (التّضامن) و(الصّدقات) و(الخيرات) وما شابه ممّا يلتزم به النّاس الأسوياء، هي خلائق لا تجد أي مكاتب تقبل صرفها في أمريكا، فالأمر هناك متعلّق بـ (التّزدام) وحده، وأيّ خلل يعتريه، يضع صاحبه مباشرة في خانة (بوك ما يعرف خوك)..
ونعترف أنّنا حمدنا الله وأثنينا عليه، فالتراتبية القيمية عندنا، ما زالت تحتفظ لـ (الإنسان) بالصّدارة، وما تزال قيمة «التّضامن» في أوجّ ازدهارها، بل إن لديها وزارة كاملة تعتني بالمحتاجين والضعفاء، وتمسح على رؤوس الأيتام وتكفكف دموع الأرامل، وفوق هذا، نحتفظ بـ «بطاقة الشفاء» التي تتيح الوصول إلى «الدّواء» بالمجان، لا يُحرم منها بطال ولا محتاج..هذا، دون أن نتحدّث عن قيمة «الإحسان» الراسخة على المستوى الاجتماعي، وهذه لا تعرف المستحيل.
بعد هذا كله، يأتي من يستورد لنا (عيد الحب) من تربة لا تعرف الرّحمة.