خاض فاعلون ومختصون في الصناعة المالية، في تشريح دور الصيرفة الإسلامية في تنشيط المبادلات على مستوى بورصة الجزائر، بهدف تطوير فعالية المنظومة المالية والمصرفية للبلاد، تحقيقا للشمول المالي وإعادة تحريك السوق المالي.
أتاح اليوم البرلماني “بورصة الجزائر، بين الواقع والمأمول في تنمية الاقتصاد الوطني”، هذا الأربعاء، بالمجلس الشعبي الوطني، فرصة لفتح نقاش واسع حول دور مؤسسة البورصة وأهميتها في توسيع الخيارات والحلول الاقتصادية.
وأشار مزاري سفيان، مدير مكلف بالصيرفة الإسلامية القرص الشعبي الجزائري، إلى السياسات العمومية الإصلاحية الرامية إلى تحقيق الشمول المالي، بغية تحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين جودة حياة المواطن عبر تشجيع الاستثمار.
إلى جانب تحسين مناخه، وإعادة النظر في المنظومة المالية والمصرفية بتوسيع نطاق تدخل المؤسسات المالية وتحسين حوكمتها وإدارتها.
وفي السياق، تحدث المصدر عن خطوات بنك الجزائر لتأطير نشاط الصيرفة الإسلامية، ما سمح للجهات الفاعلة بتنويع منتجاتها بإطلاق نوافذ إسلامية تقترح منتجات وخدمات مصرفية تتطابق مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء.
ومكنت هذه الإستراتيجية، حسب المتحدث، من إطلاق 10 نوافذ إسلامية لدى المصارف الكلاسيكية، لتسويق منتوجات وخدمات بنكية إسلامية تغطي جل احتياجات الأفراد والمهنيين والمؤسسات الاقتصادية، وأزيد من سبع مئة شباك إسلامي متواجد عبر ربوع الوطن.
سمحت هذه الخطوة باستقطاب أزيد من 150 مليار دينار جزائري، من طرف البنوك العمومية، في ظرف سنتين من النشاط، وفق المتحدث.
وفي عرض حول القرض الشعبي الجزائري في نشاط الصيرفة الإسلامية، أطلق البنك 16 منتوج، وتصل 20 منتوج خلال الأسابيع المقبلة، إضافة إلى 98 شباك إسلامي، واستقطاب مدخرات تزيد عن 355 مليار دينار جزائري، أودعت في أكثر 50000 حساب معظمهم مكتتبين من الأفراد.
وسلط مزاري الضوء عن دور الصيرفة الإسلامية في تنشيط المبادلات على مستوى البورصة من خلال عدة آليات، أبرزها:
1- تسهيل استقطاب المدخرات، حيث تعتبر الصيرفة الإسلامية واجهة جذابة للمدخرات من خلال قدرتها على توفير منتجات استثمارية متوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
وتطرح إمكانية توسيع هذا التوظيف إلى أدوات تمويلية في السوق المالية، سواء كانت أسهم مدرجة في البورصة أو عن طريق صكوك إسلامية تصدرها هيئة حكومية لتمويل مشاريع تنموية أو مؤسسات اقتصادية لتمويل نشاطها، هذا ما يزيد من توفر رأس المال لدعم الاستثمار وتقوية التنمية الاقتصادية ونشاط السوق.
2- تعزيز قدرات النظام المالي والمصرفي بإسهام المالية الإسلامية في تمتين القدرة التنافسية للمصارف والمؤسسات المالية، وذلك بتوفير منتجات وخدمات مبتكرة تلبي احتياجات العملاء وتتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية. مما يساهم في تنويع الخيارات المالية والمصرفية المتاحة في السوق وتحفيز الابتكار والتنمية المستدامة.
3 – تنويع المنتجات المالية والمصرفية، اذ تعد الصيرفة الإسلامية محركا لتنويع المنتجات المالية والمصرفية في السوق.
ويوفر هذا النوع من الصيرفة منتجات على غرار الصكوك وصناديق الاستثمار الإسلامية، التي يمكن استخدامها في تمويل المشاريع الاقتصادية ذات القيمة المضافة العالية. مما يساهم في توفير فرص جديدة للاستثمار وتشجيع روح المبادرة الاقتصادية.
وقدم المتحدث أرقام وإحصائيات حول إجمالي أصول الصناعة المالية الإسلامية في العالم، والتي بلغت في نهاية سنة 2021، إلى ما يقارب أربعة آلاف 4000 مليار دولار أمريكي، مع نسبة نمو سنوية متوسطة تعادل 17 %، منها 70% منها تمثل حصة القطاع المصرفي الإسلامي و 18% تمثل الأموال المستثمرة في الصكوك الإسلامية.
وبلغت حصة الإصدارات الحكومية للصكوك، على المستوى العالمي، تعادل ثلثي (3/2) المبالغ المستثمرة وأزيد من 80% من هذه المبالغ إذا أخذنا بعين الاعتبار إصدارات المؤسسات شبه الحكومية، جلها موجهة لتمويل مشاريع تنموية أو ذات فعالية اقتصادية عالية.
ولجأت دول وشركات كثيرة بتمويل مشاريع تنموية هامة، منها إنشاء ميناء خليفة بأبي ظبي وانجاز جسر البوسفور في تركيا وسد مروي بالسودان ومشاريع أخرى لا يسع المقام لذكرها.
وللمالية الإسلامية، يشرح المتحدث، دور هام في تشجيع الاستثمار في المشاريع الخضراء الصديقة للبيئة، من خلال تمويل مشاريع الطاقة المتجددة أو البنية التحتية الخضراء، وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية، مما يعزز النمو الاقتصادي المستدام، ويجذب المستثمرين المهتمين بالاستثمارات الخضراء.
وتساهم الصيرفة الإسلامية في تعزيز الشفافية والعدالة الاجتماعية، عن طريق آليات التمويل بالصكوك التي تدفع الى المزيد من الشفافية والفعالية في تسيير المشاريع، وهو ما يعزز الثقة في النظام المالي، والبورصة على وجه الخصوص.
وبمقدور هذا النوع من التمويل الإسلامي المساهمة في تنشيط المبادلات على مستوى البورصة، بتوفير حلول مالية متنوعة مع تعزيز النظام المالي والمصرفي بتنويع المنتجات والخدمات المالية والمصرفية وبالتالي تقوية التمويل الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في البلاد.