جمعتان.. أولاهما توجّت مسار الجزائر الثائرة على الاستعمار، والثانية رسّخت مسار الجزائر الجديدة وتوّجت مسار الإصلاحات الجذرية بثورة كبرى في جميع القطاعات، وكلتاهما راسختان في قلوب الجزائريين..
كانت الجمعة الأولى غداة الاستقلال، بجامع كتشاوة وهو يستعيد التكبيرات المجلجلة، ويتخلص من الظلم الذي جعل منه كاتيدرائية للقديس فيليب، فكان عنوانا لانتصار الجزائر، ورمزا ساميا لعلوّ إرادة الجزائريين،
وجاءت الجمعة الثانية بـ «جامع الجزائر» لتكون – هي الأخرى – رمزا راقيا لـ»السيادة» بعد استعادة مسار البناء، والسير على خطى الرعيل الأول ممّن قدّموا أرواحهم فداء للأمة، حفظا للأمانة وصونا للوديعة..
إن ما تحقق للجزائر اليوم، بأيدي الصالحين من أبنائها، سواء بوقفتها الثورية الأثيرة في المحافل الدولية، دفاعا عن حقوق الشعوب المظلومة، وانتصارا لمبادئ الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، أو على المستوى الداخلي بتحوّلها إلى ورشة كبرى تُصدر الإنجاز يعقبه الإنجاز، لَحَريٌّ بالإكبار، حقيق بالتقدير، خاصة في يوم تُوّج بأسمى رمز وأرقى مقام..
من خطبة الشيخ البشير الإبراهيمي في كتشاوة، إلى خطبة الشيخ محمد مأمون القاسمي الحسني في جامع الجزائر.. مسار انتصار للقيم الوطنية العليا، وترسيخ للمبادئ الثورية، لا يُضيره إن كبا الكبوة، أو أُصيب بضيم، فالجزائري إبن الراسيات الشامخات، راسخ، لا يحول ولا يزول.. ولا يبدّل تبديلا..
ولك المجد يا بلد الشهداء..
لك المجد يا جزائر..