صنع العرض المسرحي “أنثى الجن”، الإنتاج الجديد للمسرح الجهوي لمستغانم، سهرة أمس الأربعاء، الفرجة على ركح خشبة المسرح الوطني الجزائري محي الدين باشطارزي، وذلك في إطار البرنامج الذي أعدته هذه المؤسسة الثقافية لإحياء ليالي شهر رمضان الكريم.
استمتع الجمهور الحاضر بمسرحية “أنثى الجن”، نص وإخراج هارون الكيلاني، وهو عمل يقدم صورة عن تيهان الانسان المعاصر في عالم اليوم بتعقيداته النفسية، حيث تدور أحداثه حول الطالبة الجامعية “فدوى” التي كانت تعيش حياة عادية لغاية إصابتها بحالة من المس والجنون فتدخل في دوامة من المعاناة النفسية والانهيار العقلي.
تحاول “فدوى” الصمود أمام الجن وتصارع من أجل الإفلات من قبضتهم، كما تحاول والدتها الاستنجاد براق لإنقاذها وإخراجها من حالتها الصعبة، لكن هذا الأخير يقع فريسة سهلة للشيطان ويدفع روحه مقابل عشقه ل “فدوى” التي ترفض الارتباط به.
وتتصاعد أحداث المسرحية، التي تم إنتاجها بدعم من الصندوق الوطني لترقية الفنون والآداب، على إيقاع كوريغرافي وخلفية مظلمة ومن خلال لوحات نفسية لبطلة العمل “فدوى” وهي تقاوم على حافة الجنون بحركاتها المخيفة فتحاول الإنتحار لكنها تسترجع إيمانها في النهاية وتنجو من محنتها بفضل قوة ايمانها وتشبثها بالقيم الدينية وإصرارها على تكسير قيود الوهم والانصياع للجن.
وحاول المخرج توظيف رؤية إخراجية رمزية مفتوحة على الفضاء مع استعمال بعض العناصر الجمالية على غرار الإعتماد على أزياء باللون الأبيض وإضاءة ذات إيحاءات، فضلا عن بناء الحوار وفق مزج بين لغة عربية فصحى وعامية مهذبة استطاعت أن تترجم مستويات النص.
وساعدت الرؤية السينوغرافية التي صممها زين العابدين خطاب والتأليف الموسيقي لعيسى الحاج عيسى على خدمة العرض جماليا وتقنيا، كما ساهم الفنانون وتناغمهم على المسرح في نسج رسائل عبر مشاهد متتالية.
وجسد شخصيات وأدوار هذه المسرحية، التي استغرق عرضها ساعة و10 دقائق، عشرة ممثلين على غرار أمينة بلعابد، عبد القادر بن معروف وفاطمة الزهراء مجاهد.
وقال مخرج المسرحية هارون كيلاني بأن هذا العمل الجديد يعالج موضوعا حساسا في المجتمع يتعلق بالمس، وهو يندرج في “خانة مسرح ما بعد الدراما” الذي “يتجاوز سلطة النص ويمنح أهمية قصوى لجماليات التشكيل الحركي للجسد على الخشبة”، مضيفا أن “الجمهور أيضا عنصر أساسي في تحريك العرض بفضل التفاعل, وهو ما يخلق علاقة خاصة بين الممثل والمتلقي”.