دخلت اتّفاقية التجارة الحرة الأفريقية حيزّ التنفيذ مع مطلع العام الجديد، لتعيد الأمل لشعوب القارة السمراء في بناء تكتل اقتصادي، قد يكون طريقا نحو إحداث نهضة إفريقية حقيقية، تقود في نفس الوقت إلى إرساء دعائم الإتحاد الأفريقي، باعتباره قاطرة الشراكة السياسية بين بلدان المنطقة، أمام تحوّلات العالم نحو نظام عالمي جديد بدأت معالمه تلوح في الأفق، وتتطلّب التكيف مع هذا التحول التاريخي في القرن الواحد والعشرين.
تهدف اتفاقية التجارة الحرّة الأفريقية إلى استحداث 3.5 تريليون دولار من السلع والخدمات، وتعزيز التجارة البينية بـ 60 بالمائة مع حلول 2034، انتهاء بمحو كل السياسات الضريبية بين مليار شخص في القارة الأفريقية من شمالها لجنوبها، وهي خطوة تؤكّد لا محالة بلورة إرادة سياسية حقيقية لإعادة الاعتبار للشعوب الأفريقية التي عانت، ولا تزال تعاني من ويلات بطش القوى الاستعمارية السابقة من جهة، والأنظمة الاستبدادية من جهة أخرى.
وستشكّل الاتفاقية فرصة لتعزيز التجارة بين البلدان المجاورة، وإخراج نحو 100 مليون أفريقي من الفقر بحلول 2035، وقد وقّعت عليها 54 دولة، مشكّلة بذلك بداية معركة التغيير الاقتصادي الذي يعد أساس التغيير على كل الأصعدة، لاسيما وأن العديد من بلدان القارة الأفريقية تواجه تحديات عدم الاستقرار الأمني والسياسي، وكذلك تبعات الاستعمار التقليدي والحديث في آن واحد.
ووفقاً للبنك الدولي، تعتبر اتفاقية التجارة الحرة أكبر اتفاقية تجارية وقّع عليها في التاريخ، وهي ميلاد لأفريقيا جديدة. لكن من دون شك ستكون الدول القوية والصلبة اقتصاديا أكثر ميلاً للاستفادة منها، كما أنّها ستنشط في الجانب الآخر الاقتصاد الجزئي، لتشكّل بذلك سوقا أفريقية مشتركة بامتياز تعيد الأمل للمواطن الأفريقي، من الجزائر شمالا إلى جنوب أفريقيا جنوبا، ومن مصر شرقا، إلى موريتانيا غربا، نحو تحقيق تكامل متكافئ، ويعزّز الشراكة السياسية بين البلدان بتجسيد تكتل «اقتصادي سياسي» يحقّق طموحات شعوب القارة الأفريقية، ويبني مستقبلا متميزا في طريق حجز مكانة ضمن خارطة التكتلات العالمية العملاقة لتحقيق حلم إشعاع النهضة الإفريقية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.