يتداول كثير من الفسابكة فيديوهات إشهارية، تروّج لما تصفه بأنّه «أدوية» ناجعة مصنوعة من خلطات نباتية، وممهورة بـ (تعاويذ) فرعونية، ومرصودة بعفاريت (بحر-أرضية)، تستجيب لحاجة من يشتريها، وتحقّق له رغبته في اللحظة والآن، وتغنيه عن سؤال الأطباء..
وتستند هذه الفيديوهات – كما جرت بها العادة – إلى شهادات أشخاص مفترضين سبق لهم تجريب (دوائها)!! فيقسمون بأغلظ الإيمان أن النتائج مضمونة، والأسعار مضبوطة، ولم يبق سوى (النقر) على إيقونة «الشراء» كي يصل المنتج (السّحري) إلى باب الدار، دون أن يتحمّل الزبون أي عناء، حتى إن الباعة، من شدّة ثقتهم في الزبائن، وورعهم وتقواهم، لا يقبلون تلقي أي أموال، إلا بعد التّحقق من وصول البضاعة إلى صاحبها، ويرفعون – جميعم – شعارا واحدا..(الخْلاص عند الاستلام)..
ولا نحتاج إلى قراءة الفنجان كي نؤكّد أن لعبة (الخلاص عند الاستلام) يُقصد منها تجنّب إبقاء أي أثر يدلّ على المعاملة «التجارية»، فالدفع عبر رقم بريدي – مثلا – يضمن معرفة المروّج للخلطة الشافية، ولا تختلف الحال مع رقم الهاتف، فهو يقدم معلومات كافية عن مستعمله؛ لهذا، تتّفق جميع الفيديوهات الإشهارية على الاكتفاء بالمنصة الرقمية، فهي تتيح لأصحاب الفيديوهات بعض (السّلامة)، فالواحد منهم يمكن أن يتنصّل من المسؤولية (بسهولة)، ويدّعي أنّ (البيع حابس)، إن حدث أي ضرر من خلطته..
إنّ «التّجارة» الحقّة لا تكون بـ (الإشهارات الكاذبة) و(المواعيد الخلاب)، فهي ساحة رزق وبركة للصادقين ممّن يحرصون على خدمة مجتمعاتهم، ولا فرق حين تكون كلاسيكية أو رقمية، فهي إن تأسّست على (الغشّ) وحرصت على (الكذب)، تكون فسادا ينبغي ردعه..