تتواصل أشغال الملتقى الدولي حول مجازر الثامن ماي 1945، في طبعته الـ17، في ميزان القانون الدولي، اليوم الأربعاء، لتسليط الضوء على حيثيات هذه الجريمة الفرنسية اللإنسانية كاملة الأركان.
تطرق الدكتور نور الدين مقدر، من جامعة محمد بوضباف، بالمسيلة، إلى مجازر الثامن ماي 1945 وتكييفها القانوني، وأكد أن هذه “المجازر جريمة إرهابية نفذتها مليشيات الدولة الفرنسية ضد الجزائريين لتخويفهم وإجهاض المقاومة الوطنية ومنع الجزائريين من الإنخراط فيها”.
وأضاف الأستاذ الباحث، أن مجازر الثامن ماي أكدت للجزائريين أنه لا أمل يُرجى من فرنسا وكشفت عن الحقد الدفين للإدارة الإستعمارية وغلاتها على الجزائريين وهويتهم.
وتمحورت مداخلة الدكتور عبد الله مقلاتي، من جامعة المسيلة، على موضوع “جريمة 8 ماي 194، في أدبيات قادة الحركة الوطنية والثورة التحريرية، وأكد الباحث على أهمية شهادات الفاعلين في الحركة الوطنية.
وأبرز مقلاتي أن مجازر الثامن ماي كانت دافعا أساسيا في تبلور فكرة الكفاح المسلح وإعلان الثورة، كما أن سببها هو محاولة الدولة الفرنسية وأد الحركة الوطنية.
وقال المؤرخ، استنادا لشهادات قادة الحركة الوطنية وثورة التحرير، أن هؤلاء المناضلون اكتشفوا وجود مؤامرة سياسية حاكها الساسة الفرنسيون وغلاة المستوطنين، الذين كانوا يتربصون بالحركة الوطنية واستغلوا المظاهرات الشعبية السلمية للجزائريين لتوجيه ضربة قوية للحركة الوطنية، التي برزت بقوة على الساحة السياسية آنذاك.
وأضاف مقلاتي ان المناضل الشاذلي المكي كان فاعلا في الحركة الوطنية ومكلفا بالإطلاع على ما جرى في مدن الشرق الجزائري من مجازر مرعبة. جمع المكي الكثير من المعطيات وسجلها في شكل رسالة أرسلت للجامعة العربية آنذاك لمعرفة حقيقة ما يجرى في الجزائر وبالتحديد في قالمة، سطيف وخراطة.
وقال المؤرخ: “هذه المجازر المؤلمة خُطط لها، وكانت نقطة تحول حاسمة في مسار الحركة الوطنية، وأثبتت أن الاستعمار الفرنسي لا يفهم إلا لغة السلاح”.
وتطرق الدكتور أحمد بن نعماني، أستاذ محاضر بجامعة الجزائر 02، في مداخلة بعنوان “انتفاضة 8 ماي 1945 بسطيف، من الناحية الإجتماعية والإقتصادية”، إلى نخبة منطقة سطيف الذين استشهدوا خلال مجازر الثامن ماي، وأكد ان هذه المحطة التاريخية مقطع أساسي في تاريخ الجزائر وذاكرة الجزائريين.
وأشار الدكتور بن نعماني إلى ان السبب الأول للمجزرة هو عنصرية المستوطنين الأوروبيين والإدارة الإستعمارية.
وقدم الدكتور ياسر فركوس، من جامعة قالمة، مشاهد وتقارير فرنسية حول مجازر الثامن ماي 1945، بحيث عثر على صور عديدة في الأرشيف الفرنسي تبرز وحشية المستدمر الفرنسي.
وتطرقت الدكتورة خميسة مدور، من جامعة قالمة، إلى جرائم الاختطاف التي مارستها الإدارة الإستعمارية، وقالت إن “الشرطة الفرنسية كانت تتعامل بتجاهل ضد الجرائم، التي ارتكبتها عناصر المليشيات الأوروبية بقالمة”، وأشارت الى ان “78 عنصر من المليشيات كانوا مسلحين بأسلحة حربية، قتلوا الجزائريين بمنطقة بومهرة، وغيرها من مدن قالمة، بتغطية وبتستر من رؤساء البلديات”.
وأكدت أن جرائم مليشيات الدولة الفرنسية كانت بدافع الانتقام من سكان قالمة، الذين أبادتهم عن بكرة أبيهم.