ازدادت وتيرة الانتهاكات والمجازر التي ينفذها الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين بشكل فريد في وقت يتغنى فيه العالم بحقوق الإنسان وحق الأمن والسلام للجميع ليجد الفلسطينيون الذين تعرضوا منذ 76 عاما لنكبة اغتصبت في ظلها حقوقهم و أراضيهم وحياتهم، يواجهون محطة دموية أخرى في سجل الكيان الصهيوني الأسود الذي ينفذ منذ أشهر “إستراتيجية الجحيم” الإبادية بقطاع غزة في إطار مخططه التوسعي.
يحيي الفلسطينيون بعد غد الأربعاء، ومن ورائهم أحرار العالم، الذكرى الـ76 للنكبة، بينما يواصل الاحتلال الصهيوني عدوانه على الأهالي في غزة و بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وسط تنديدات دوليه ومطالبات بإنهاء الاحتلال.
ففي الـ 15 ماي 1948 وما تبعه من علامات سوداء في تاريخ الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، عاش الفلسطينيون على وقع دمار وخراب طال أكثر من 600 قرية فلسطينية اقترفت فيه الآلة الصهيوني مجازر ودفعت بأكثر من 800.000 فلسطيني إلى النزوح عن ديارهم في معضلة ما بات يعرف بالنكبة التي ظلت منذ ذلك الحين تعرف بقضية اللاجئين الفلسطينيين التي وضعت على جدول أعمال المجتمع الدولي.
وتعيد النكبة ذكرى 10 آلاف فلسطيني على الأقل استشهدوا في سلسلة مجازر وعمليات قتل ما زال معظمها مجهولا، فيما أصيب 3 أضعاف هذا الرقم بجروح.
وتوالت بعد ذلك خطط الصهاينة لتطهير أرض فلسطين من سكانها وبذلوا قصارى جهدهم لمسح التراث والثقافة الفلسطينية من الوجود ليفرز هذا الوضع معاناة ممتدة لملايين اللاجئين الفلسطينيين.
وشكلت أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، لما مثلته وما زالت من عملية تطهير عرقي حيث تم تدمير وطرد شعب بكامله وإحلال جماعات وأفراد من شتى بقاع العالم مكانه وتشريد 957 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1.300 قرية ومدينة فلسطينية، حيث انتهى التهجير بغالبيتهم إلى عدد من الدول العربية المجاورة إضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلا عن التهجير الداخلي للآلاف منهم داخل الأراضي التي استولى عليها الاحتلال عام النكبة، وما تلاها بعد طردهم من منازلهم والاستيلاء على أراضيهم.
ومنذ 76 عاما حتى اليوم، تعرض الشعب الفلسطيني للكثير من الويلات والمجازر والحروب وارتكبت بحقه مئات آلاف الانتهاكات العنصرية والاعتداءات الإرهابية صنفت كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لازالت فصولها متواصلة مع ما يجري بغزة وبباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة من عدوان خطير.
وبينما كان الفلسطينيون في الشتات والبالغ عددهم أزيد من ستة ملايين ينتظرون العودة إلى الديار، رغم مضي أزيد من سبعة عقود عن اللجوء، تم ضرب آمالهم في الصميم وهم يشاهدون عزم الكيان الصهيوني وإصراره على تجسيد مخططاته على الأرض الفلسطينية عبر نكبة جديدة لازال ينفذ أطوارها بحق أبناء غزة.
فمنذ السابع أكتوبر الماضي، يشهد القطاع أبشع جرائم الإبادة الجماعية والتجويع والتشريد والتهجير والدمار وكل ما تحمله الكارثة الإنسانية من معان، وسط صمت وعجز عالمي فاضح بعدما خلف العدوان أكثر من 35 ألف شهيد، أغلبهم نساء وأطفال.
ملحمة الصمود البطولي للشعب الفلسطيني ستدفع بالاحتلال إلى الزوال
وعلى مدار السنوات الماضية لا يزال الشعب الفلسطيني يحيي الذكرى الأليمة للنكبة، لتبقى في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، حتى استعادة الحقوق كاملة، وتحرير الأرض الفلسطينية من الاحتلال، وردا على الاحتلال الصهيوني الذي يرفع شعار “الكبار يموتون والصغار ينسون”.
إن ملحمة الصمود البطولي للشعب الفلسطيني تحت القصف والإبادة ، لابد أن تكون دافعا لأحرار العالم من أجل تجنيد كل طاقتهم لإجبار الاحتلال الصهيوني على وقف عدوانه الهمجي ودرء مخاطر التطهير العرقي والتهجير القسري.
لكن وفي الوقت الذي تستمر المحرقة التي تستهدف كل ما هو فلسطيني وخاصة الأطفال، نواة المجتمع الفلسطيني ومستقبله، يظل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية واقفة عاجزة عن تحقيق وقف لإطلاق النار بغزة .
ومنذ بداية العدوان الصهيوني على غزة تواصل الجزائر دون كلل ومن داخل موقعها بمجلس الأمن الدولي، العمل من اجل تحقيق وقف لإطلاق النار في غزة وأيضا الدفاع عن القضايا العادلة في العالم و منها القضية الفلسطينية التي أكدت أنها ستكون على رأس أولوياتها خلال فترة عضويتها في المجلس (كعضو غير دائم) والتي بدأت في يناير الماضي وتستمر عامين.
وتقود الجزائر داخل مجلس الأمن، بثبات، معركة دبلوماسية لجعل هذه السنة هي سنة انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة كبلد مستقل وعضو كامل الحقوق، وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في العديد من المناسبات من بين الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في سبتمبر الماضي، والتي جدد خلالها دعوته لعقد جمعية عامة غير عادية لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبعد أقل من ستة أشهر، أعرب رئيس الجمهورية عن قناعته بحصول دولة فلسطين على العضوية الدائمة في منظمة الأمم المتحدة.
ولن يكون قبول فلسطين في الأمم المتحدة، سوى استمرارية منطقية للجهود الجبارة التي بذلتها الجزائر، تجاه القضية الفلسطينية، وكانت من ابرز محطاتها استضافتها عام 1988 للمؤتمر حيث تم إعلان عن إنشاء دولة فلسطين.
لقد مكنت القمة العربية، التي عقدت يومي 1 و 2 نوفمبر 2022 في الجزائر، من إعادة إبراز القضية الفلسطينية من خلال التأكيد على طابعها المركزي.
وقبل القمة بوقت قصير تمكنت الجزائر تحت قيادة رئس الجمهورية وبالتحديد في الـ 13 أكتوبر من عام 2022 من تحقيق إنجازا تاريخيا عبر تنظيم مؤتمر ضم جميع الفصائل الفلسطينية التي وقعت “إعلان الجزائر” لتوحيد الصف الفلسطيني.