راهن قطاع التعليم العالي والبحث العلمي على جعل الجامعة عاملا مساهما في خلق الثروة من خلال التقريب بين الطلبة حاملي المشاريع وبين المؤسسات الاقتصادية، وهي الفرصة التي انتهزها عديد الطلبة ممن رفعوا شعار المقاولاتية والاستقلالية.
أبرز معظم الطلبة الذين التقتهم وأج، حرصهم على ولوج سوق العمل من باب المشاريع المستقلة، استثمارا لمعارفهم وجهودهم الجامعية، حيث أوضح الطالب بكلية الصيدلة، جامعة الجزائر 1، عزيز محمد العربي فيلالي، أن مشروعه يتمثل في نظام يهدف لحماية الأشخاص من مشكلة نقص الفيتامينات والمغذيات الأساسية.
واستوحى المتحدث مشروعه، الذي تحصل على وسم “لابل” مشروع مبتكر، من الارتفاع الحاد في عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص في الفيتامين (د) على سبيل المثال، وكذا ارتفاع حالات فقر الدم الناجمة عن نقص الحديد، وهي النقائص التي يمكن أن تتطور لتمثل مشكلا صحيا.
وتعمل المؤسسة الناشئة قوميون “Gummion”، على تطوير الفيتامينات، مرفوقا بتطبيق يرافق تناول المنتوج ويقترح التوقيت الأمثل لذلك.
بدوره، هندس الطالب المتخصص في الذكاء الاصطناعي بالمدرسة العليا للإعلام الآلي بسيدي بلعباس، أحمد إلياس بن سالم، مشروعه الخاص بإنتاج الدراجات الكهربائية، والتي تتميز –مثلما قال– ببطاريتها الذكية المعدة خصيصا لتتلاءم مع المناخ في الجزائر، فضلا عن تمتعها بخصائص مميزة في القيادة.
من جهتها، اختارت طالبة القانون الجنائي والعلوم الجنائية بجامعة الجزائر 1، صوفيا تسبية، برمجة تطبيق مكتبي يمكن الطالب والباحث من التسجيل والبحث عن المراجع المطلوبة وحتى حجزها، وذلك تسهيلا لعملية البحث وتوجيه المعني مباشرة لهدفه باستغلال التقنيات الحديثة.
واستوحت الطالبة مشروعها من تجربتها الخاصة في عملية التقرب من المكتبات، وما تستهلكه العملية من وقت وجهد، وهو ما جعلها تعمل على وضع تطبيق يوحد أرشيف المكتبات ويضعها بين يدي طالبيها.
وفي ظل الحاجة للتكوين، ارتأى الطالب ياسين بقواسي، تخصص تسويق بجامعة الجزائر 3، استحداث مشروع أكاديمية إلكترونية مختصة في الدورات التدريبية عن بعد، مشيرا إلى أنه استوحى فكرته من ظروف التباعد التي فرضتها أزمة كورونا في وقت سابق.
ويقوم المشروع على تبني نظام أوتوماتيكي، ويتيح للمستخدم الوصول للدورات التدريبية دون تدخل العمال أو اضطرارهم لتحويل الروابط، حيث تمكن حاليا من إبرام شراكات مع عدة مؤسسات مختصة في الخارج.
وتم إطلاق النسخة التجريبية في السوق الوطنية مع بداية سنة 2022، وبلوغ النموذج النهائي نهاية السنة نفسها، مع ميزة الدفع الإلكتروني، أين مكنه ذلك من الحصول على علامة مؤسسة ناشئة في 18 ديسمبر من ذات السنة.
ولتحقيق طموح نقل مشاريع هؤلاء الشباب إلى أرض الواقع، يوضح الطالب فيلالي، أن الأمر رهين عملية الاستثمار التي تعد أحد أبرز رهانات وزارة التعليم العالي، الساعية للتقريب بين حاملي المشاريع وبين الفاعلين الاقتصاديين.
وفي السياق ذاته، يضيف الطالب بن سالم، أن مشروعه يجعله أول منتج للدراجات الكهربائية على المستوى الوطني وهو ما يقوي طموحه في الاستثمار عبر إنتاج هذه المعدات.
بالمقابل، أشارت الطالبة تسبية إلى دور حاضنات الأعمال في إبراز مشروعها بعدما أتاحت لها فرصة الاحتكاك بالمشاريع المشابهة، وهو ما يخلق جوا من المنافسة الدافع نحو النجاح.
وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد عمدت، مؤخرا، إلى إطلاق أول حاضنة أعمال رقمية، والتي ترتكز على مرافقة الطلبة في تحويل منتجاتهم إلى سلع قابلة للتسويق، والتواصل مع الخبراء للاستفادة من خدمة المرافقة والتكوين في ريادة الأعمال، وكذا التواصل مع الشركاء الاقتصاديين للاستفادة من تمويل مشاريعهم.