يتحدّث سفير كوريا الجنوبية لدى الجزائر يو كي جون، عن تفاصيل القمة الكورية-الإفريقية التي احتضنتها بلاده الأسبوع الماضي، ويؤكد على تطلع كوريا والجزائر إلى تقوية علاقاتهما الإستراتيجية، وحرصهما على المساهمة في إرساء السلم والأمن الدوليين، فيما أعلن في ردود مكتوبة على أسئلة “الشعب”، عن دخول شركات كورية لصناعات السيارات السوق الجزائرية.
حوار: ب. ب
الشعب: استضافت كوريا القمة الكورية-الإفريقية..الجزائر تهتم كثيرا بالعمل الإفريقي وإسماع صوت افريقيا وتحقيق التنمية والازدهار لشعوب المنطقة، وفرض سيادتها على ثرواتها، ماذا بإمكان الجانب الكوري تقديمه لإفريقيا وفق مبدأ “رابح-رابح”، وماذا تنتظر كوريا من إفريقيا؟
السفير يو كي جون: تعد القمة الكورية-الإفريقية (عقدت يومي 4 و5 جوان الجاري)، أوّل قمة متعددة الأطراف، تنظمها كوريا عن طريق إيفاد دعوات إلى القادة الأفارقة. وقد جمعت قادة وممثلي 48 بلدا، منهم 33 رئيس دولة وحكومة، إضافة إلى 4 منظمات دولية، منها رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي، الأمر الذي عكس مدى أهميتها.
الجزائر البلد الإفريقي الوحيد الذي أبرمنا معه شراكة استراتيجية 3.6 مليار دولار حجم المبـادلات الثّنائية
وتوّج الحدث بتبني الإعلان المشترك “للقمة الكورية الإفريقية 2024”، والذي سيرسخ التعاون بين بلدي والقارة الإفريقية، إلى جانب ذلك، سيتم استحداث تعاون قطاعي رفيع المستوى، لضمان السير الحسن لمشاريع الشراكة.
في المقابل، سينعقد اجتماع لوزراء خارجية كوريا وإفريقيا، سنة 2026، لتقييم نتائج القمة الأخيرة، ومناقشة خطط ومشاريع القمة المقبلة.
وفيما يتعلق بالتنمية المشتركة، فإنّ هذا الأمر يتطلب تقوية القواعد المؤسساتية للتبادل والتعاون في المجال التجاري، وسيتم بذل جهود لتجسيد اتفاقيات الشراكة الاقتصادية، وأطر ترقية التجارة والاستثمار في القارة الإفريقية.
وفي إطار الاستثمار، سنمضي قدما في توسيع اتفاقيات حماية الاستثمارات. إنّ كوريا ستساهم أيضا، وبشكل حثيث في جهود الاندماج الاقتصادي لإفريقيا، عبر منطقة التبادل التجاري الحر للقارة الإفريقية، وهي تتطلع إلى زيادة الدعم العمومي للتنمية في إفريقيا إلى نحو 10 مليار دولار، بحلول 2030، وستخصّص 14 مليار دولار لتمويل الصادرات قصد تحفيز التجارة والاستثمارات في القارة الإفريقية.
هذا، بالإضافة إلى دعم بلدي لاعتماد الإدارة الرقمية (الحكومة الالكترونية) من أجل تقوية التجارة الإلكترونية في إفريقيا.
البلدان الصّديقان يضطلعان بدور بنّاء لإرساء السّلم والأمن الدّوليين
أما فيما يتعلق بالاستدامة، فإنّ التحديات العالمية على غرار التغير المناخي، الأمن الغذائي، الصحة ومشاكل سلاسل الإمداد، يمكن مجابهتها عن طريق التعاون الوثيق بين الشباب، وحركية وموارد إفريقيا من جهة والتكنولوجيا المتقدمة والخبرة التي تحوزها كوريا.
وبالنسبة للتغير المناخي، وحتى وإن كان تأثير إفريقيا ضئيل في انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري، تعتبر من بين القارات الأكثر هشاشة للظاهرة. وستسعى كوريا، إلى تعزيز التضامن الدولي من أجل بلوغ هدف استحداث آلية للتمويل المناخي، بما يستجيب لاحتياجات القارة الإفريقية.
أما فيما يخص الإمداد العالمي، فمن المؤكّد أنّ أهمية الموارد المعدنية في التطور الصناعي المستقبلي تتزايد بشكل مستمر، وضمن هذا الإطار اتفق الطرفان كوريا وإفريقيا، خلال القمة، على إطلاق “حوار رفيع المستوى للتعاون حول سلاسل الإمداد بالموارد الحسّاسة”، والتي تعتبر نموذجا لضمان أمن سلاسل الإمداد والتنمية المستدامة للموارد المعدنية العالمية.
وبشأن التضامن، فإنّ كوريا تتعاون بشكل حثيث مع البلدان الإفريقية، ومن بينها الجزائر، خلال عهدتها كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي في الفترة 2024-2025.
اعتبرتم في تصريحات لكم، الجزائر بوّابة للاستثمار نحو إفريقيا، ماهي مجالات الاستثمار التي قرّرتم العمل فيها ضمن تقوية التبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي مع الجزائر؟
عمّقت كوريا تعاونها في عديد المجالات مع الجزائر، التي تعد البلد الإفريقي الوحيد الذي أبرمنا معه شراكة استراتيجية منذ سنة 2006. والقمة الكورية-الإفريقية ستدعم بشكل أكبر التعاون الثنائي بين البلدين.
وقد عقد اجتماع ثنائي لوزيري خارجية كوريا والجزائر، مساء الخامس من جوان الجاري، أين تبادل الطرفان وجهات النظر حول قضايا التعاون الفعلي والمصالح المشتركة، بما فيها التعاون على مستوى المحافل الدولية، على غرار مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
أما فيما يتعلق بالشراكة الاقتصادية، فقد تعافى حجم المبادلات التجارية البينية، بشكل ملحوظ بعد جائحة كوفيد-19، ليبلغ 3.6 مليار دولار سنة 2022 و3.4 مليار دولار سنة 2023.
وعلى صعيد الدعم العمومي للتنمية، فإن كوريا بصدد إنجاز عديد المشاريع التنموية في الجزائر، عبر مكتب الوكالة الكورية للتعاون الدولي في الجزائر (كواسا)، خاصة في ميدان رقمنة إدارة الجمارك (الشباك الموحد)، الصيد البحري وتربية المائيات ومراقبة جودة الهواء.
ومن شأن مشروع الشباك الموحد، أن يساهم في جهود الإدارة الرقمية في الجزائر، بينما سيعزز مشروع مراقبة جودة الهواء، التعاون البيئي مع الجزائر.
وفي مجال الأمن، فإن كوريا والجزائر، تشغلان حاليا العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن الدولي خلال الفترة 2024-2025، وتتّفقان على لعب دور بناء للمساهمة في السلم والأمن الدوليين.
التقيتم مؤخّرا، بوزير الصّناعة وتحدّثتم عن آفاق التعاون والاستثمار، هل من جديد بشأن ملف السيارات وكذا الصناعات الالكترونية والكهرومنزلية؟
بالنسبة لقطاع السيارات، فقد سجّلت شركتا “تاتا” “ودايو” للمركبات النفعية عودتهما إلى السوق الجزائرية، شهر مارس الماضي، بينما تعتزم شركات أخرى إقامة استثمارات، في الجزائر.
إلى جانب ذلك، وفي مجال الصناعة الكهرومنزلية، فقد أقامت شركة “سامسونغ إلكترونيك”، مصنعا للإنتاج المحلي بالشراكة مع المؤسسة الجزائرية “سينوفا”.
ويتولى مكتب المركز التجاري الكوري بالجزائر (كوترا)، دور المسهل للتعاون بين المؤسسات الكورية ونظيراتها الجزائرية، ويدعم قدوم الشركات الكورية للإنتاج محليا بالجزائر.
إنّ التبادلات رفيعة المستوى بين البلدين مستمرة، حيث زار رئيس الجمعية الوطنية الكورية (البرلمان) الجزائر في جانفي الماضي، أين التقى برئيسا المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، كما حظي باستقبال رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.
بالإضافة إلى ذلك، شارك وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف في القمة الكورية-الإفريقية، بصفته رئيسا للوفد الجزائري. وستتواصل الجهود من أجل تطوير المبادلات رفيعة المستوى، ونتطلع إلى إعادة بعث اللجنة المشتركة الوزارة الكورية الجزائرية (متوقفة منذ مدة)، من أجل تسريع الشراكة الاقتصادية، ودعم نشاط الشركات والمؤسسات الكورية الناشطة بالجزائر مثل الوكالة الكورية للتعاون الدولي والمركز التجاري الكوري.