حقول صناعية لا تتفاوت في الأهمية، وتحمل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، تبرز أهميتها في ارتكازها على الابتكار والتكنولوجيا المتطوّرة، رفعت فيها وزارة الدفاع الوطني من خلال مديرية الصناعة العسكرية، مختلف الرهانات ليكون الإنتاج المحلي في المستوى المطلوب من حيث الجودة وتنافسية الأسعار، وعبّدت الرؤية الحصيفة والتخطيط السليم طريق الصناعات، لتعرض الأجود والأفضل بمعرض الجزائر الدولي.
من أبرز ما أنتجته الآلة الصناعية للجيش الوطني الشعبي، المركبات، تلبية للطلب المحلي المتزايد سواء كان عسكريا أو مدنيا، إلى جانب صناعة مركز طبي متنقل مجهز في وقت قياسي لا يتعدى 15 يوما بالإضافة إلى صناعة طائرات مسيّرة (درون).. كل هذه الطاقات والإنجازات تقدّم الوجه المشرق لصناعة عسكرية هي مفخرة الجزائر الجديدة.
المقدم عبد الهادي: روح جديدة في علامة “سوناكـوم”..ومصنـع تيارت يتفوق
النقيب بختاش: “أوراس 700” للمراقبة والاستطلاع.. فخر الاقتصاد المنتج والمستدام
البداية كانت مع المستوى الرفيع المحقّق من طرف آلة إنتاج السيارات وآخر ما تم إنتاجه وتطويره، وبهذا الخصوص، قال المقدم عبد الهادي لطفي، ممثل مؤسسة تطوير صناعة السيارات بتيارت، أن هذه المؤسسة العمومية المهمة ذات طابع صناعي وتجاري تابعة للقطاع الاقتصادي للجيش الوطني الشعبي، ومختصة في تصميم وإنتاج وتطوير وتسويق وضمان خدمات ما بعد البيع، لكل من الشاحنات والحافلات والعربات المقطورة ونصف المقطورة وعربات نقل المسافرين والبضائع.
وأوضح المقدم لطفي عبد الهادي، أن المؤسسة تسوّق منتجاتها تحت علامتين، ويتعلق الأمر بكل من “مرسيدس بنز” وعلامة “سوناكوم”، ومن بين أهداف المشاركة في الطبعة الخامسة والخمسين لمعرض الجزائر الدولي الجارية فعالياته، تعريف الجمهور بالمنتجات الجديدة لعلامة “سوناكوم”، وذكر المقدم أنها جذبت جمهور الزوار وجعلته يتدفق بقوة على هذا الجناح البارز في الفضاء الأرضي الشاسع لمعرض الجزائر الدولي، علما أن المؤسسة ذاتها شاركت في الطبعة السابقة للمعرض بمنتجات جديدة تمثلت في علامة مرسيدس. كما كشف ممثل المؤسسة، أنه تم عرض ثلاثة أنواع من الشاحنات وثلاثة أنواع من الحافلات الجديدة، بإجمالي 6 منتجات جديدة، ويتعلق الأمر بكل من “ك 12” ويعد النسخة المطورة للشاحنة “ك 120” المعروفة لدى الجمهور والمستهلك الجزائري، وأشار المقدم لطفي إلى أن النموذج الجديد لا يشبه القديم من ناحية التصميم والمزايا، في حين النموذج الثاني يتمثل في النسخة المطورة للشاحنة القديمة “ك 66”، وتحولت إلى “ك 7.5”، على اعتبار أن حمولتها القصوى تصل إلى 7.5 طن.
وبخصوص نماذج الحافلات الجديدة المعروضة، تحدث المقدم لطفي عن حافلة بـ33 مقعدا وحافلة بـ49 مقعدا، مخصصة للنقل ما بين الولايات للمسافات البعيدة، إلى جانب حافلة للنقل الحضري.
وقال المقدم عبد الهادي لطفي، إن علامة “سوناكوم” منذ أن صارت تابعة للجيش الوطني الشعبي، بثت فيها روح جديدة، سمحت بتحديث منتجاتها لتتمتع بتنافسية عالية من ناحية الجودة والسعر. وبخصوص المركبات المطلوبة من طرف الجمهور، تحدث عن الشاحنة “ك12” و«ك 7.5”.
وعن آفاق النماذج الستة المطوّرة من طرف هذه المؤسسة الرائدة وذات السمعة العالية، أكد المقدم لطفي أن جميع مركبات “سوناكوم” معنية بالتطوير في المستقبل القريب، ولم يخف أنه تم الانتهاء من مرحلة التطوير، وأن مرحلة الإنتاج والتسويق ستدخل قريبا، وهذا سيكون بداية من عام 2025، ليذكر – في سياق متصل – أن مؤسسة تطوير صناعة السيارات بتيارت، ستوفر قطع الغيار إلى جانب منتجات المركبات في السوق الوطنية.
وتحرص هذه المؤسسة على استقطاب الزبائن من مؤسسات عمومية أو خاصة، وكذا الأفراد، على خلفية أن المنتجات ذات استعمال مدني، بحسب ما أكده المقدم، في انتظار أن يسجل طلب كبير على المركبات من شاحنات وحافلات بحسب توقعات السوق والإقبال المنقطع النظير المسجل خلال الأيام الأولى للمعرض.
ومازالت مؤسسة تطوير صناعة السيارات بتيارت تتطلع إلى مساهمة فعالة لتنمية الاقتصاد الوطني وتطوير النسيج الصناعي الجزائري، وترقية قطاع المناولة عن طريق تشجيع شركات المناولة المحلية والتعاون معها، على اعتبار أن الرهان الوطني القائم يتمثل في إنشاء نسيج مناولاتي مكثف وقوي يتناسب ورؤية الجزائر في إقامة قاعدة صناعية للسيارات تكون بنسبة إدماج عالية تستقطب اليد العاملة المحلية وتكونها.
مركز طبّي جراحي متنقّل: إنجاز في ظرف قياسي
ومن الأجنحة التي شهدت إقبالا كبيرا، وحظيت بإعجاب زوار المعرض، جناح يخصّ مركزا طبيا جراحيا متنقلا، هو الأول من نوعه بالجزائر، قامت بإنجازه وتطويره المؤسسة المركزية للبناء التابعة للمديرية العسكرية للمنشآت العسكرية لوزارة الدفاع الوطني، وهذا ما أكده العقيد طارق شويعل الذي تحدث بشكل مستفيض عن هذا المركز الطبي، في تجربة رائدة للصناعة العسكرية، وقال إن المركز الطبي صُمّم لمواجهة الحالات الطارئة سواء في حالة الكوارث أو الصراعات العسكرية أو الحالات الطبية المستعجلة، ويذكر أنه عبارة عن مبنى مسبق الصنع، متحرك، يمكن نقله على متن الشاحنات، ويتكون من 6 وحدات خفيفة يتم تجميعها وتركيبها في الموقع المخصص لها، وقال العقيد شويعل إن المبنى ينقسم إلى قسمين، القسم الأول يضم المنطقة المعقمة، والثاني المنطقة غير المعقمة، وجدير بالذكر أن كل منطقة تتكون من عدة فضاءات، وبالنسبة للمنطقة غير المعقمة، تضم عدة فضاءات وتشمل بهوا وقاعة أشعة وقاعة للتحاليل الطبية، وقاعة ما قبل العمليات، وقاعة للفحص الطبي والعلاج. في حين، تتكون المنطقة المعقمة من منطقة فاصلة أو عازلة بين المنطقة المعقمة وغير المعقمة، وهي عبارة عن بهو للتنقل بين المنطقتين ويوجد بها قاعة تعقيم للمواد الطبية الجراحية، إلى جانب فضاء يستغله الجراحون في النظافة، بالإضافة إلى مخزن للأدوية والأدوات الجراحية، وقاعة للإنعاش وقاعة للعمليات الجراحية، وقاعة لتنظيف الأدوات الطبية بعد الانتهاء من العملية الجراحية.
وأوضح العقيد شويعل أن هذا المبنى الطبي تم تصميمه وفقا للمعايير التقنية المعمول بها في مجال المنشآت الاستشفائية، وهذا عن طريق استعمال مواد بناء حديثة ومطابقة للمعايير التقنية المعمول بها في إنجاز المنشآت الاستشفائية محلية الصنع، وقال العقيد شويعل لطفي، أن المركز الطبي تم إنجازه وتجهيزه في ظرف قياسي مدته 15 يوما، ويمكنه أن يستقبل عمليتين جراحيتين في وقت واحد، ويتربع هذا المركز الطبي على مساحة تقدر بنحو 188.5 متر مربع.
ويمكن القول إن هذا المركز الطبي يندرج في إطار انفتاح الصناعات العسكرية على الابتكار واضعة كل الثقة في كفاءة موردها البشري، وتعد البداية المشجعة نحو مستقبل أكثر ابتكارا وتطورا تزدهر فيها هذه الصناعة لأنها جزء مهم من المنظومة الاقتصادية الوطنية.
الطائرات المسيّرة تصنع الحدث..
ومن بين الأجنحة الجاذبة للزوار خاصة فئتي الشباب والأطفال، نذكر مؤسسة تطوير وإنتاج أنظمة التكنولوجيات المتقدمة، وتحدث ممثلها النقيب عيسى بختاش عبد الهادي عن النشاط والمستوى الذي بلغته هذه المؤسسة المتطورة كثيرا، كونها مختصة في تطوير وإنتاج طائرات بدون طيار (درون)، بالإضافة إلى الدعم التقني لوحدات الجيش الوطني الشعبي الجوية من حيث صناعة وتصليح هياكل الطائرات المصنوعة من المواد المركبة، ومن بين المنتجات المعروضة من طرف هذه المؤسسة، طائرة بدون طيار صغيرة الحجم رباعية المروحيات “أوراس 700” موجهة للمراقبة والاستطلاع، وكذلك إلى جانب تحديد الموقع الجغرافي وتتبع الأهداف المتحركة والثابتة ليلا ونهارا، بالإضافة إلى نموذج عن طائرة ذات شراع ثابت موجهة كذلك للمراقبة والاستطلاع ليلا ونهارا.وتعكف مؤسسة تطوير وإنتاج أنظمة التكنولوجيات المتقدمة على تطوير نماذج أخرى. ويذكر أن هذه المؤسسة تعد مفخرة حقيقية بالنظر إلى المستوى الذي بلغه الأداء الصناعي للمؤسسات التابعة لوزارة الدفاع الوطني، وأكد هذا التطور الكبير أن الاقتصاد الوطني في الطريق الصحيح، وصناعات الجيش الوطني الشعبي، تعد إحدى الدعائم القوية والحلقة الأمتن في معركة بناء اقتصاد قوي متنوع ومنتج ومستدام.