يعيش زبائن البنوك (العمومية والخاصة)، منذ ثلاثة أيام قبل عيد الأضحى (على الأقل)، وضعا صعبا للغاية في التعامل مع أجهزة الصّرف الآلي، فهي (تقدّم نفسها) على أنّها تشتغل بصفة طبيعية إلى أن تبلغ لحظة “الصّرف”.. هنالك تسحب صفحتها المبشّرة بوصول الأجرة الشهرية، لتضع مكانها صفحة (منفّرة) كتب عليها: لا يمكن إتمام هذه العملية.. (أو عبارة تشبهها)، ما يدفع مستعمل البطاقة الأثيرة إلى معاودة المحاولات، ويصبر إلى أن يكتشف أن الأستاذ “صراف آلي” مصاب بـ(التشومير)، ولا يملك القدرة على الدفع..
وقد يكون (الصراف الفارغ) أفضل حالا من (زميله) الذي يقابل الزبائن بابتسامة صفراء، ليخبرهم بأنه في حالة (إعادة تشغيل)، ويظلّ على حاله تلك ليوهم كل من يمرّ به بأن مسألة (الروديماراج) تتطلب دقائق معدودات، ولكنها – في الوقع – تظل على حالها طوال اليوم، والجميل أن (السيد صراف) لا يحظى – ولو بنظرة عطف – من العاملين النشطين بالوكالات البنكية..
ولا نتجنى على أحد إذا قلنا إن “ثقافة المعاملة المالية الرقمية” لا يمكن أن تستقر ما دامت البنوك تتعامل معها ببرودة، إذ ليس يعقل أن نطالب الزبون باستعمال بطاقته البين-بنكية، ثم نضع له صرافات فارغة، وأخرى معطلة، وكأننا نحرضّه على العودة إلى استعمال الصكّوك، والتراكم في طوابير طويلة أمام الشبابيك الكلاسيكية..
إن “الرقمنة الشاملة” مشروع حيويّ يعتمد عليه البناء الاقتصادي برمّته، وهو مشروع استراتيجي لا يمكن المساس به أو تعطيله، وترسيخ الثقافة الجديدة لا يحتمل أي تخاذل، ولا يقبل أيّ مبرّر، ولا نرى ما يسوّغ (إهمال) الصرافات الآلية بعد أن نالت “ثقة” الزبائن..