يختتم البرلمان بغرفتيه، اليوم الأحد، دورته العادية (2023-2024)، التي تميزت بنشاط بارز للدبلوماسية البرلمانية كرّسته المشاركة واستضافة عدّة أحداث ونشاطات منها مشاركة برلمانيين في المنتدى العالمي للماء والمشاركة في الدورة العادية لبرلمان عموم إفريقيا، وكذلك استضافت اتحاد البرلمان العربي والذي تبنّى بيان ختامي “إعلان الجزائر” أكد فيه على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ملف: علي مجالدي وحياة كبياش وسعاد بوعبوش
الدورة البرلمانية تختتم اليوم بعد نشاط مكثّف وحافل ومميّز
أكد عضو مجلس الأمة ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والجالية الجزائرية بالخارج محمد عمرون في تصريح لـ “الشعب”، أن الدبلوماسية البرلمانية سجلت نشاطاً مكثفاً خلال الدورة الحالية.
وأوضح أن الجزائر عضو في أكثر من 15 منظمة دولية وإقليمية برلمانية، كما تم تفعيل العديد من لجان الصداقة، وزيارة وفود برلمانية لدول فاعلة في المنطقة مثل زيارة لجنة الشؤون الخارجية الايطالية، وكذلك استقبال وفود برلمانية من دول كبرى مثل كندا ودول أخرى، والاهتمام بقضايا الجالية الجزائرية بالخارج حيث تم الاحتفال هذه السنة في مدينة فرانكفورت الألمانية مع الجالية بمناسبة حلول السنة الأمازيغية الجديدة.
إضافةً إلى ذلك، تميزت الدورة البرلمانية الحالية بتقديم 36 مشروع قانون، تم المصادقة على 21 منها. ومن المتوقّع الإعلان عن الحصيلة الرسمية النهائية الأسبوع المقبل، كالمعتاد، والتي ستشمل أرقاماً دقيقة حول مشاريع القوانين التي تمت المصادقة عليها وتلك المؤجلة إلى الدورة البرلمانية القادمة.
وسجلت الدورة الحالية نشاطات برلمانية مكثفة، سواء على الصعيد التشريعي أو الرقابي، حيث تم مناقشة ودراسة العديد من مشاريع القوانين التي تمس مختلف القطاعات مثل التربية والتعليم العالي والصّحة والعدالة.
ويرى العديد من المراقبين، فإن العمل البرلماني في الجزائر يعرف ديناميكية مستمرة، خاصة ممارسة الرقابة على أعمال الحكومة، مثلما اقتضاه الدستور الجديد، من خلال الأسئلة التي يوجّهها النواب لأعضاء الحكومة، وبشكل عام، فإن الأسئلة البرلمانية تمثل أداة هامة لتعزيز الديمقراطية وتفعيل دور البرلمان في الرقابة والتشريع وتحقيق التنمية الشاملة في الجزائر.
تكييـف القوانين مع الإصلاحات والتحوّلات الاقتصاديـة
صوت البرلمان بغرفتيه خلال دورته التي تختتم اليوم على عدد من مشاريع القوانين الاقتصادية أبرزها قانون المالية لسنة 2024، القانون المتعلق بالشراكة مع القطاع العام والخاص، والآخر المتعلق بالصرف وحركة رؤوس الأموال الى الخارج، إضافة المشروع المتعلق بالقانون التجاري.
حرصت الدولة في إطار تكييف قوانينها التشريعية لدعم إجراءات ضبط النشاط الاقتصادي، لجعل مراقبة وضبط الحقل الاقتصادي والمالي أولوية وطنية.
وقد تجلى مسار تكييف الإطار القانوني والتشريعي مع التحولات الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وذلك من خلال التعديلات المتواصلة لمجموعة القوانين منها القانون التجاري وقانون المنافسة، وقانون الصرف وحركة رؤوس الأموال.. وغيرها.
يمثل قانون المالية 2024 أهم القوانين التي صوت عليها البرلمان الذي ستختتم أشغاله اليوم، حيث تضمن شقين الأول يتعلق بتحسين القدرة الشرائية للمواطن من خلال الزيادات التي في الأجور التي أقرها رئيس الجمهورية، والثاني يخص تمويل المشاريع الاستثمارية العمومية، وقد تضمن تدابير إضافية تتعلق بهذا الشق.
كما يشكل مشروع قانون قمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال، من وإلى الخارج، إطارا قانونيا جديدا يعطي الأولوية لتحصيل الأموال الناتجة عن هذه المخالفات والمحافظة على مصالح الخزينة العمومية من خلال تشجيع اللجوء إلى آليات التسوية الودية.
ويرى بعض الخبراء أن الحركة الاقتصادية خلال الفترة السابقة كانت تسير بوتيرة متباطئة، ما دفع الحكومة الى إقرار مناقشة عدد من المشاريع الاقتصادية على البرلمان، لمعالجة المشاكل الاقتصادية المطروحة بأكثر واقعية، مثل مشكل حركة رؤوس الأموال والصرف الذي يعتبر مشكلا كبيرا، في ظل وجود سوق موازية للعملة الصعبة.
بالنسبة لمشروع قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص، فإن الحكومة برأي الخبراء تحاول إنقاذ أكبر عدد ممكن من اليد العاملة، من خلال محاولة رد الاعتبار للمؤسسات الكبيرة التي كان يقف عليها الاقتصاد الوطني، حيث سيسمح مشروع هذا القانون من المحافظة على التعاونيات الفلاحية المهملة وكذا على أملاك الدولة.
ومن بين مشاريع القوانين الاقتصادية التي أولتها الحكومة اهتماما، مشروع القانون المحدد للقواعد المتعلقة بالمنافسة، الذي يندرج في إطار تطبيق توجيهات السيد رئيس الجمهورية المتعلقة بمحاربة المضاربة والوقاية من وضعيات الهيمنة والاحتكار وترقية الحوكمة الاقتصادية.
كما جاء مشروع القانون الخاص بالتجارة في إطار مواصلة تكييف المنظومة التشريعية التجارية مع تطور التجارة وتبسيط إنشاء الشركات التجارية لتمكين الشباب حاملي المشاريع من تأسيس شركاتهم الخاصة وإشراكهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
وقد تضمن هذا المشروع إنشاء شكل من الشركات التجارية تحت تسمية “شركة المساهمة البسيطة وذلك في اطار ترقية المؤسسات الناشئة” من أجل إعطاء دفع جديد للمؤسسات الناشئة ورفع العوائق التي تواجه عملية تمويلها وكذا كيفيات تنظيمها وسيرها.
نائب: دورة ثريّة من حيث المشاريع القانونية والأنشطة
يختتم البرلمان بغرفتيه اليوم دورته العادية 2023 – 2024، التي عرفت الكثير من النشاطات ومشاريع القوانين تماشيا وتوجهات الجزائر الجديدة استكمالا للبناء المؤسساتي، تفاعل معها ممثلو الشعب تحت قبّة البرلمان بالإثراء والنقاش والاقتراح والتعديل، والدفاع المستميت على المصالح العليا للبلاد والوقوف ضد كل ما يحاك ضدّها والوقوف إلى جانب المواطن في القضايا التي تهمّه مباشرة، دون إهمال التفاعل مع التحدّيات الإقليمية وآثارها لاسيما القضية الفلسطينية.
أكد النائب البرلماني فاتح بريكات عن حزب جبهة المستقبل، في تقييمه للدورة البرلمانية، أنها كانت ثرية جدا من حيث مشاريع القوانين المودعة في إطار البرنامج العمل المسطر سواء من خلال مكتب المجلس أو من خلال الكتل أو من خلال اللّجان كذلك، مشيرا أن النواب أدّوا ما عليهم من واجبات.
وأوضح بريكات في تصريح لـ “الشعب” أن الدورة البرلمانية عرفت الدورة تقريبا عرفت عرض ومناقشة 13 قانونا، بالإضافة إلى الخرجات ومختلف النشاطات الدولية والمحلية من عمل لجان ما يعادل 27 خرجة برلمانية تقريبا، والعديد من جلسات الأسئلة الشفوية، وعلى الصعيد الدولي عرفت الجزائر احتضان منظمة الدول الأعضاء في التعاون الإسلامي بالنسبة لبرلمانات الدول الإسلامية في قسنطينة، ناهيك عن اجتماع دول البرلمان العربي في الجزائر.
وأشار البرلماني إلى أن الدورة الحالية المنتهية عهدتها اليوم، عرفت حدثا هاما ولأوّل مرّة، في دورة استثنائية قدّم خلالها رئيس الجمهورية خطابا للأمة عن طريق ممثلي الشعب، موجّها رسائل مفهومة وواضحة، في أن الجزائر شعبا ومؤسساته لحمة واحدة، وأنه لابد من المضي في الإصلاحات التشريعية أو القانونية، الاقتصادية والاجتماعية من أجل تجاوز المراحل السابقة والممارسات السابقة والعمل على تحقيق تقدّم اقتصادي، سياسي، اجتماعي وثقافي في مختلف المجالات.
وأوضح بريكات على التفاعل الدائم لممثلي الشعب مع كل القضايا المتعلقة بالشأن الوطني والتي تهم المواطن، لأنه في نهاية الأمر النائب هو ابن هذا الشعب فدائما كان مرافعا ومدافعا عن كل القضايا التي تهمّ المواطن، لاسيما ما تعلق بدعم القدرة الشرائية والدفاع عن حقوقه ومختلف القضايا التي تهم الشعب الجزائري.
كما عمل النواب على دعم وتثمين القوانين وكل الإجراءات المرتبطة برفع الأجور ودعم الفئات الهشة من خلال رقمنة أغلب القطاعات، ما فوّت الفرصة على من يريدون ضرب الاقتصاد الوطني.
وكذلك الأمر على الصعيد الدولي والعربي من خلال تنظيم جلسة برلمانية خاصّة بالمجازر التي ترتكب في غزة وهي من المبادرات القليلة التي عرفتها البرلمانات العربية، حيث أعلن كل نواب المجلس تضامنهم ووقوفهم مع الأشقاء الفلسطينيين في غزة، وندّدوا بجرائم الاحتلال الصهيوني والموقف للجزائر شعبا وحكومة وبرلمانا.