عندما هاجم الجنرال فرانكو العاصمة الإسبانية من الجهات الأربع، أثاء الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939)، كان رهانه الأكبر على ما سمّي بـ»الطابور الخامس»، وهم أنصاره وجواسيسه من داخل المدينة المحاصرة، والذين كانوا بمثابة «حصان طروادة» التي عمل على إسقاط العاصمة الإسبانية وإنهاء حكم الجمهوريين الشيوعيين.
والجزائر التي تقاوم «طوق النار»، الذي اكتمل مؤخرا بعودة شبح الحرب إلى الصحراء الغربية المحتلة، بعد سنين من الحروب والأزمات في ليبيا والنيجر ومالي، تواجه ما هو أخطر من ذلك بكثير، بل أخطر من «الطابور الخامس»، الذي قاد فرانكو للنصر وأنهى حكم الجمهوريين الإسبان.
إنه «الذباب الإلكتروني» الذي أصبح خطره يتجاوز خطر الجيوش الكلاسيكية، والذي ينوّع في هجماته ويستهدف المؤسسات والروح المعنوية للناس، والذي يحتاج جيوشا من الإبداع والذكاء لمواجهته، بعيدا عن «لغة الخشب» التي كانت في وقت سابق صالحة للاستهلاك المحلي، لكنها لم تعد كذلك في ضوء الحروب السيبرانية التي تستهدف مؤسسات وتعمل على إسقاط دول.
وبعيدا عن نظرية ومنطق المؤامرة، فإن المتابع البسيط لمواقع الأخبار، يدرك أن للحقيقة وجوه كثيرة، وأن أخطر ما في الخبر هي طريقة معالجته، ورغم ما قيل إن المعلومة متوفّرة في عصرها، إلا أنها ليست كذلك، فالكل في حرب ضد الكل، ولا يريك الحقيقة إلا من وجهة نظره الخاصة.
والأخطر من ذلك، هي الجيوش «الجرّارة» من الذباب الإلكتروني الذين يهجمون على صفحات معينة بالتعليق والدعاية بطرق مدروسة وعبارات مكرّرة من أجل تحوير الحقائق و»المصادرة على المطلوب»، كما يقول أهل المنطق، وفرض نقاشات مزيّفة، مهما كانت جدية الموضوع المطروح للنقاش.
ولا يكفي المنع أو مواجهة «ذباب إلكتروني» بذباب إلكتروني آخر من أجل مواجهة «الطابور السادس» هذا، إنما في التأسيس لإعلام حقيقي بأفكار مبدعة، لأن «الطبيعة تخشى الفراغ»، مثلما قال المعلم الأول أرسطو طاليس.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.