ارتبط اسم حظيرة توات قورارة تيديكلت منذ تأسيسها بتنوع ثقافي وبيئي ثري، يعكس مدى غنى المنطقة بالتراث المادي واللامادي الذي شكّل عامل جذب سياحي قوّي للمنطقة. تتميز الحظيرة الثقافية لتوات قورارة تيديكلت بتنوع تراثها اللامادي في أقاليمها الثلاث التي تشغل إدارياً مناطق من ولايتي أدرار وتيميمون، ولعل أبرز هذا التراث، الأغاني الشعبية المحلية التي تعتبر فناً يحاكي حياة الفرد والمجتمع باللهجة العامية، الى جانب أغاني الفلكلور كالشلالي، أهليل، الصيفة، والأناشيد التي تشمل المدائح الدينية النبوية التي ترافقها حركات متمايلة وتصفيقات متجانسة يستعمل فيها البندير وأقلال.
تتنوّع الرقصات والإيقاعات في أقاليم الحظيرة الثقافية لتوات قورارة تيديكلت بين رقصة البارود والقرقابو والزمار، التي تنفرد كلٌ منها بإيقاعها الخاص ومناسبتها وجمهورها.
وتحتضن الحظيرة بين كثبانها وواحاتها الشاسعة أكثر من 300 قصر تاريخي، تقام على مستواها مناسبات سنوية تسمى بالزيارات، وهي مواسم ترتبط عادةً بمناسبة دينية أو وفاة ولي صالح تسمى باسمه، تتخلّلها أنشطة خاصة تستقطب السياح من داخل الوطن وخارجه.
تم إنشاء وتعيين حدود الحظيرة الثقافية لتوات قورارة تيديكلت بموجب المرسوم التنفيذي رقم 08-156 المؤرخ في 2008/05/28، وتضم الحظيرة أربع أقاليم هي توات، قورارة، تيديكلت وتادمايت المنتشرة عبر إقليم ولايتي أدرار وتيميمون.
بذلت السلطات العليا بالبلاد مجهودات جبارة من أجل حفظ وتثمين العديد من المواقع الأثرية والمناطق البيئية الواقعة في محيط الحظيرة، وقد تكلّلت هذه المجهودات بالنجاح وتم إدراج العديد من عناصر التراث المادي واللامادي ضمن قائمة التراث العالمي.
تضم حظيرة توات قورارة تيديكلت قصر تمنطيط، الذي يحتوي على أكثر من 11 قصبة، تم فتح دعوة لتصنيفه كمعلم تاريخي في 02 مارس 1992 بحسب الجريدة الرسمية رقم 22 الصادرة بتاريخ 22 مارس من نفس السنة، ليتم إدراجه كقطاع محفوظ سنة 2016.
الى جانب ذلك، تم تصنيف واحة أولاد سعيد وواحة تمنطيط كمناطق رطبة بحسب اتفاقية رامسار العالمية في 02 فيفري 2001، وإدراج تراث وموسيقى أهليل ضمن القائمة التمثيلية لتراث الإنسانية من طرف منظمة اليونسكو في 25 نوفمبر 2005 تحت رقم 43.
وتشتهر الحظيرة الثقافية لتوات قورارة تيديكلت بنظام الفُقّارة، وهو نظام سقي فريد من نوعه تحاول بعض الأطراف مؤخراً نسبه اليها كتراث وطني تحت مسمى آخر.
يُشرف على هذا النظام الذي يعتمد على حسابات رياضية وهندسية دقيق مجموعة من المختين الذين يسمّون بـ “كيالين الماء”، والذين توارثوا هذه الصنعة جيلاً عن جيل لقرون من الزمن.
«الكيّال”، وهو المشرف على عملية توزيع مياه الفقارة على الفلاحين، والتي تسمى بالكيلة، وهي طريقة حسابية فريدة تتم وفق معايير ووحدات قياسية محددة منها الحبة والقيراط.
تم تسجيل كيالين الماء ضمن القائمة التمثيلية لصون التراث الثقافي اللامادي من طرف منظمة اليونسكو بتاريخ 28 نوفمبر 2018 من أجل تطوير تدابير حمايته كمهارة وضمان ممارسته ونقله للأجيال كمعرفة مكتسبة.
ثراء إقليم حظيرة توات قورارة تيديكلت لم يقتصر على الموروث المادي واللامادي فحسب، بل يضم الاقليم مناطق رطبة ذات أهمية إيكولوجية بالغة نظراً لدورها الكبير في الحفاظ على التوازن البيئي والبيولوجي للمنطقة.
تم تصنيف منطقتين بإقليم الحظيرة الثقافية توات، قورارة تيديكلت ضمن المناطق الرطبة وفق اتفاقية رامسار التي تُعنى بحمايتها، وهما واحات أولاد سعيد المساحة البالغة مساحتها 25400 هكتار، وواحات تمنطيط وأولاد أحمد تيمي وسبختها الممتدة على مساحة 12.800 هكتار.
تحصي المنطقتان الرطبتان عدة من أنواع الطيور المائية القارة والمهاجرة منها بط أبو فروة، الزقزاق المطوق، دجاجة الماء والبلشون الأبيض الكبير.
الكنوز الثقافية والبيئية التي يحتضنها إقليم الحظيرة الثقافية لتوات قورارة تيديكلت بولايتي أدرار وتيميمون، تعتبر كنوزاً أثرية ومتحفاً مفتوحاً على الهواء الطلق، تحتاج الى اخراجه الى دائرة الضوء وتقديمه إعلامياً بالشكل الذي يليق به، واستغلاله في تنمية المنطقة لتكون عامل مهم في ترقية وتطوير السياحة الصحراوية ببلادنا.