يستقبل زائره بحفاوة الأخ الكريم، ويحتضنه بمحبة المجاهد الأبيّ، ويخاطبه بأسلوب العارف الورع، فهو الذي كافح لأجل الجزائر في شبابه اليافع، وتحمل أجلّ المسؤوليات دفاعا عن الوطن، وهو الدارس الفقيه الذي تدرّج في الوظائف القانونية، وبذل عصارة فكره وجهده لأجل قطاع العدالة.. إنه أوّل رئيس للمحكمة الدستورية التي أقرّها دستور 2020.. الأستاذ عمر بلحاج الذي تولانا بعنايته، وأجاب على أسئلتنا التي تمحورت حول دور المحكمة الدستورية في الاستحقاق الرئاسي المقبل، فكان هذا الحوار.. إليكموه.
تكريس لمسار جزائر جديدة قوامها التسيير الراشد وفق متطلبات دولـة الحـق والقانـون
الشعب: تقترب الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 7 سبتمبر القادم، وبدءا من الثالث من شهر أغسطس المقبل، ستتجه الأنظار نحو المحكمة الدستورية المنوط بها دستوريا وقانونيا الدور المحوري المتمثل في الفصل في ملفات الترشح والإعلان عن نتائج الاستحقاقات الانتخابية بعد الفصل فيها.. ماذا تنتظرون من الإعلاميين ليكونوا في خدمة المواطن بصفته ناخبا أو منتخبا؟
رئيس المحكمة الدستورية الأستاذ عمر بلحاج: لنبدأ من شهر يوليو، شهر الاحتفال بالذكرى الثانية والستين لعيد الاستقـلال..
دعوني من خلال يومية “الشعب” العريقة أغتنم هذه المناسبة السعيدة، لأتقدم بالتهاني الحارة للشعب الجزائري وللترحم على شهدائنا الأبرار.. وأعبر عن سعادتي بأن يتناغم هذا الجو البهيج، مع التحضيرات لانتخابات السابع سبتمبر، بما هي أوّل انتخابات تُجرى بموجب التعديل الدستوري لعام 2020.. وكما تعلمون فإن هذه الانتخابات الرئاسية مهمة في تاريخ بلادنا بحكم أنها الأولى من نوعها في ظل الإصلاحات السياسية والمؤسساتية التي قام بها السّيد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تلبية لطموحات الشعب الجزائري، فضلا عن أنها تكريس لمسار جزائر جديدة قوامها التسيير الراشد للشأن العام، وفق متطلبات دولة الحق والقانون، كما أن ميزة هذه الانتخابات أنها ستجرى في ظل تحوّلات ومستجدات وتحدّيات إقليمية وعالمية، تتطلب منّا مزيدا من الوعي لتحصين بلادنا وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
أكيد أن الانتخابات الرئاسية هي من المحطات الهامة التي تستدعي الدور الدستوري والقانوني للمحكمة الدستورية على أنه دور أساسي، إلى جانب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات الرئاسية الموكلة إليها العملية الانتخابية وعمليات التصويت والفرز عملا بالمادتين 7 و8 من الدستور، ابتداء من استدعاء الهيئة الناخبة حتى إحالة نتائج الانتخابات الرئاسية إلى المحكمة الدستورية للفصل فيها، والإعلان عن النتائج النهائية.
تحوّلات ومستجدات وتحدّيات إقليمية وعالمية تتطلب منّا مزيدا من الوعي لتحصين بلادنا
كما أن هذه المحطة ستشهد – بطبيعة الحال – تعبئة غير مسبوقة لوسائل الإعلام، ومن هنا، فهي المعبر المميز للتقرب من المواطن حتى يضع هذه الانتخابات الرئاسية في سياق المستجدات الدستورية والقانونية للتعديل الدستوري لسنة 2020، وزكاه الشعب في نوفمبر2020 والتي كرستها الإصلاحات السياسية والمؤسساتية التي قادها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بعمقها وأبعادها السياسية والإستراتيجية.
وننتظر من الصحافة أيضا أن تثمن هذا الحدث الوطني التاريخي، خاصة أن انتخابات 7 سبتمبر هي أول انتخابات تُجرى بموجب التعديل الدستوري لسنة 2020 وكذلك بالنسبة للمحكمة الدستورية، فستحال عليها لأوّل مرّة منذ استحداثها في الفاتح من نوفمبر 2020، عملية الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية بعد أن تنظر في الطعون التي قد تتلقاها حول النتائج المؤقتة لكل هذه العمليات.
ومن جهتها، كان للمحكمة الدستورية أن نظمت عدة نشاطات في الجزائر العاصمة وفي مختلف أنحاء التراب الوطني، أشركنا فيها المنظومة الإعلامية من خلال تغطياتها لهذه التظاهرات، وكان آخر مسعانا معها، تنظيم المحكمة الدستورية للدورة التكوينية للإعلاميين بالتعاون مع وزارة الاتصال في شهر مايو المنصرم، حول “الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات الرئاسية” على أن كل هذه الجهود تصّب في مساعينا الرامية إلى التقرب من المواطن أكثر، وتقديرا منا أن هذا المسار طويل ويحتاج إلى تعبئة اتصالية ممنهجة ومنتظمة ومستمرة مع وسائل الإعلام.
ولمواصلة هذا الجهد المسخر لتحقيق هذا المبتغى الوطني، وإدراكا منا لأهمية التواصل مع الصحافة، فإننا وضعنا مسعانا هذا في سبيل الاستمرارية مراعين لخصوصياتها وتشعّب أصنافها، وكذا المفارقات في الاختصاصات الجامعية أو التكوينية أو اللغوية للأجيال المختلفة للصحافيين، والتفاوت في كفاءاتهم، ومختلف مستويات قدراتهم على التعامل مع بعض المواضيع المختلفة، بما فيها المواضيع القانونية والدستورية؛ فنحن في حاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى صحافيين محترفين ومتمكنين حتى ينضموا إلى مسعانا من أجل تثمين الجهود بشكل مستمر والاقتراب أكثر من المواطن، عملا بحقه في إعلام محترف ومهني ومنير، وسعيا إلى تعزيز ثقافته الدستورية.
عصرنة ورقمنة مسارات معالجة الطعون الانتخابية وفق متطلبات السرعة والدّقة والفعالية
– يمنح المؤسس الدستوري للمواطن الحق في الترشح والحق في الانتخاب، ويجرّ هذا الموضوع كثيرا منا إلى الحديث عن الضمانات الدستورية، بالنسبة للمواطن مترشحا كان أم منتخبا، وبالنسبة للإعلان عن النتائج النهائية التي هي من صلاحيات المحكمة الدستورية.. هل لكم أن توضّحوا لنا طبيعة الضمانات الدستورية على مختلف المستويات؟
من بين المواضيع التي نحن نحرص على توضيحها للمواطن في إطار الإستراتيجية الإعلامية والاتصالية للمحكمة الدستورية، ومختلف مداخلات أعضاء المحكمة الدستورية في إطار نشاطات المحكمة الدستورية، ما يتعلق باختصاصاتها. فميزة هذه الاختصاصات أن المؤسس الدستوري لم يحدّدها بمفصل أو بمعزل عن الهيئات الدستورية الأخرى، بل في ظل نظام تناسقي وضعه التعديل الدستوري 2020 بشكل مُحكم ومتراص ومتوازن، يؤشر إلى تثبيت وديمومة دولة القانون، وعلى هذا النحو، وكما تلاحظون، قبل أن تمارس المحكمة الدستورية اختصاصاتها المتمثلة في الإعلان عن النتائج النهائية في شأن الانتخابات الرئاسية، هناك عمل تمهيدي مسبق تناط به السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي أقدم المؤسس الجزائري على دسترتها لأوّل مرّة في التجربة الدستورية الجزائرية بمناسبة التعديل الدستوري لسنة 2020، وتكريسها كمؤسسة رقابية، مخوّلا لها صلاحيات واسعة في مجال تنظيم سائر العمليات الانتخابية والاستفتائية، والإشراف عليها عبر جميع مراحلها، بدءًا من استدعاء الهيئة الناخبة حتى الإعلان عن النتائج المؤقتة.
وحرصا من المؤسس الدستوري على إنصاف المترشحين للرئاسيات، إذا هم أقبلوا على الطعن في قرارات هذه السلطة الفاصلة في صحة الترشيحات، تسند للمحكمة الدستورية صلاحية الفصل النهائي في هذه الطعون، وبحكم الوزن المهني للمحكمة الدستورية والذي يعكس الوزن العلمي والفقهي والقانوني والعلمي لأعضائها، فهي من يثبت حصول مانع خطير للمترشح للانتخابات الرئاسية الذي سبق أن نال ترشحه موافقتها. وفي حالة وفاة أحد المترشحين للدور الثاني، أو تعرّضه لمانع قانوني فهي أيضا من يعلن وجوب إجراء كل العمليات الانتخابية من جديد، وتمدّد آجال تنظيمها في حالة وفاة أحد المترشحين للدور الثاني أو تعرّضه لمانع قانوني.
صلاحيات واسعة ومتميزة للهيئة بموجب دستور 2020 في الرقابة على دستورية القوانين
– استقلالية المحكمة الدستورية ومبدأ حيادها، هي من المواضيع المتداولة لدى المواطنين على أن الدستور وضع لها آليات جديدة قلّما نجدها في كثير من البلدان. ما هي هذه الآليات وما هي خصوصياتها؟.
من أهم الآليات التي أفرزها التعديل الدستوري 2020 لضمان هذه الاستقلالية، وضع شرط عدم الانتماء الحزبي لأعضاء المحكمة الدستورية على الأقل خلال الثلاث سنوات الأخيرة قبل التعيين أو الانتخاب، ومن ثمة، فقد وضع المؤسس الدستوري، وبشكل نهائي، حدًا للتداخل الذي ظل في السنوات الماضية، بوابة للنفوذات السياسية المختلف للولوج للمجلس الدستوري بما يحدّ من استقلاليته. فضلا عن ذلك، وتجنبا لتأثير الجهاز التنفيذي من باب الوظائف الإدارية على الأعضاء، أو المهن الحرة على استقلالية المحكمة الدستورية، تشترط في أعضائها أيضا دستوريا أن يمتنع كل واحد منهم عن ممارسة أيّ عضويّة أو أيّ وظيفة أو تكليف أو مهمّة أخرى، أو أي نشاط آخر أو مهنة حرة، إضافة إلى أداء اليمين قبل مباشرة المهام أمام الرئيس الأول للمحكمة العليا، على أن كل واحد منهم يتمتع بالحصانة عن الأعمال المرتبطة بممارسة المهام الدستورية.
هذه هـــي الآليـات التي وضعهـا الدستور لضمان استقلاليــة المحكمة الدستوريــة
– من أجل القضاء على بعض المظاهر السلبية التي عرفتها بلادنا في المواعيد الانتخابية في سنين مضت، وأخلقة الحياة السياسية والمؤسساتية، كرس الدستور بكل دقة في ديباجته مبدأ مكافحة الفساد في إطار الاتفاقيات الدولية.. ما هي الآليات التي وضعها الدستور بما يمكن المحكمة الدستورية من أدائها كجهة إخطار وسلطة مراقبة لتمويل الحملات الانتخابية من طرف المترشحين؟
كما هو معلوم، نصّت المادة 115 من المرسوم رقم 01-21 على تشكيلة لجنة مراقبة تمويل حسابات الحملة الانتخابية، تم إنشاؤها لدى السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وتضم قاضيا تعيّنه المحكمة العليا من بين قضاتها، ورئيسا، وقاضيا يعيّنه مجلس الدولة من بين قضاته، وقاضيا يعيّنه مجلس المحاسبة من بين قضاته المستشارين، وممثلا عن السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، وممثلا عن وزارة المالية، فهي من يراجع حسابات الحملة الانتخابية وصحّة ومصداقية العمليات المقيّدة في حساب الحملة الانتخابية، ورغم أهمية تشكيلة هذه اللّجنة، واعتبارا لمختلف الصعوبات التقنية التي قد تواجهها في معالجة الملفات الإدارية والمالية للمترشحين، وتجنبا للتقصير في حقهم، فتح المؤسس الدستوري لهم بابا آخر لإمكانية الطعون في قرارات هذه اللّجنة، وأسند للمحكمة الفصل فيها، ومن ثمة فهي من يتولى الرقابة الإدارية لمصادر أموال الحملة الانتخابية.
تشكيلة المحكمة يغيب عنها التمثيل السياسي خلافا لما كان عليه المجلس الدستوري
– لا تزال المعاملات اللّغوية تفرز في بعض الأحاديث لدى العام والخاص، وحتى في بعض الأخبار المتداولة بوسائل إعلام خارجية، قد تكون بطريقة آلية، وأحيانا تلقائيا أو لاشعوريا تصدر مصطلح “المجلس الدستوري” الذي تم إنشاؤه بموجب دستور 23 فيفري 1989، وحلت محله المحكمة الدستورية المستحدثة بموجب التعديل الدستوري للفاتح من نوفمبر 2020.. ما هي الرسالة التي توجّهونها إلى المواطن حتى توضّحوا له أهمية الانتقال النوعي في بلادنا من المجلس الدستوري، إلى المحكمة الدستورية؟!.
كما ذكرنا في عدة مناسبات، فإن من أهم ما يميز المحكمة الدستورية، هو تشكيلتها التي يغيب عنها التمثيل السياسي، خلافا لما كانت عليه الحال بالنسبة للمجلس الدستوري الذي كان يتكوّن من أعضاء تنتخبهم غرفتا البرلمان، إذ تغلب على تشكيلة المحكمة الدستورية عناصر الخبرة والكفاءة والانتخاب التي تضمن استقلاليتها، وتتشكل في غالبيتها من قضاة وأساتذة القانون الدستوري منتخبين، إلى جانب الأعضاء الأربع الذين يعيّنهم رئيس الجمهورية من بينهم رئيس المحكمة.
يضاف إلى ذلك، أن المحكمة الدستورية تتمتع بصلاحيات واسعة ومتميزة، تم استحداث أغلبها – لأوّل مرّة – بموجب التعديل الدستوري لسنة 2020، في مجالات الرقابة على دستورية القوانين، والفصل في الخلافات التي قد تحدث بين السلطات الدستورية، وتفسير أحكام الدستور، وضبط سير ونشاط المؤسسات والسلطات العمومية.
– شاركت المحكمة رئيسا وأعضاء وبكل نفوذها في لقاءات ومنتديات عالمية، إضافة إلى تنظيمها لعدة ملتقيات دولية بالجزائر، كما استقبلت وفودا من ممثلي المحاكم الدستورية في العالم كان آخرها وفد المحكمة الدستورية لدولة إندونيسيا في شهر يونيو المنصرم.. استثمرتم في مجال الدبلوماسية الدستورية الجزائرية.. ماذا جنت المحكمة الدستورية من هذا الاستثمار ؟
أكيد. سعت المحكمة الدستورية منذ تنصيبها في نوفمبر 2021 إلى تعزيز تواجدها على الساحة الدولية، واعتماد قنوات الدبلوماسية الدستورية العالمية والإقليمية من أجل.. أولا: التعريف بالإصلاحات الدستورية والقانونية والمؤسساتية الشاملة والعميقة التي تعيشها بلادنا خلال السنوات الأخيرة، والتعريف بصلاحيات المحكمة الدستورية، لا سيما المستحدثة منها لأوّل مرّة في تاريخ العدالة الدستورية في الجزائر، وثانيا من أجل الاحتكاك بالتجارب والممارسات الفضلى في مجال العدالة الدستورية المقارنة.
الإعلان عن النتائج النهائية للرئاسيات من المحكمة لأوّل مرّة منذ استحداثها
في هذا السياق، تعتبر المحكمة الدستورية طرفا في العديد من الفضاءات العالمية والإقليمية على غرار المؤتمر العالمي حول العدالة الدستورية، وحصلت بجدارة على تزكية المحاكم والمجالس الدستورية الإفريقية لتولي عضوية مكتب المؤتمر. كما أن المحكمة الدستورية عضو مؤسس لمؤتمر الهيئات القضائية الدستورية الإفريقية الذي تحتضن الجزائر مقرّه منذ تأسيسه في 2011، وعضو مؤسس كذلك لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية، وعضو مؤسس أيضا لمؤتمر الهيئات القضائية الدستورية في العالم الإسلامي، والذي ساهمت في تأسيسه وإعداد نظامه الأساسي ضمن فريق عمل توجت أشغاله في المؤتمر التأسيسي بتركيا في ديسمبر 2022.
وعلى صعيد العلاقات الثنائية، أبرمت المحكمة الدستورية عدّة مذكرات تفاهم لضمان التعاون المتبادل في القانون والقضاء الدستوريين، على غرار المحكمة الدستورية الإندونيسية والمحكمة الاتحادية العليا العراقية، والمحكمة الدستورية الأردنية. وتسعى اليوم إلى إبرام المزيد من مذكرات التفاهم لا سيما على المستوى الإفريقي.
المحكمــة الدستوريــة تفصـل في حق الناخب وحـــق المنتخــب
أما الدور الذي تؤديه المحكمة الدستورية في مجال الانتخابات الرئاسية، فيمكن أن نلخصه في مرحلتين رئيسيتين. المرحلة الأولى تتمثل في اعتماد القائمة النهائية للمترشحين لانتخاب رئيس الجمهورية، بعد الفصل في الطعون ضد قرارات السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات القاضية برفض ملف الترشح. المرحلة الثانية تتمثل في الفصل في الطعون ضد النتائج المؤقتة التي تعلن عنها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وإعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية.
– من المهام والصلاحيات والاختصاصات التي أسندها المؤسس الدستوري للمحكمة الدستورية، حماية حق المنتخب والناخب. كيف تسخر إدارة ومصالح الإعلام والمعلوماتية للمحكمة الدستورية مكاسب تكنولوجيات الاتصال الحديثة للتعامل مع الانتخابات الرئاسية القادمة ؟
بدأنا بالاستعداد لهذا الحدث الانتخابي الهام منذ فترة، لا سيما على مستوى خلية الإعلام الآلي ومصلحة كتابة الضبط اللتين عملتا على قدم وساق من أجل عصرنة ورقمنة مسارات معالجة الطعون الانتخابية، وفق متطلبات السرعة والدقة والفعالية
أوّل رئيس للمحكمة الدستورية الجزائرية..
الأستـاذ عمر بلحـاج.. مسار فـي سطــور
إثر تعليمات تلقاها عمر بلحاج وزملاء له من الطلبة الجزائريين سنة 1960، من المنظمة المدنية لحزب جبهة التحرير الوطني، للالتحاق بإخوانه المجاهدين في الجبال وهو في الدراسة، استجاب للنداء وتم اصطحابه من قبل المجاهدين للتدريب العسكري ليتعلم كيفية التعامل مع الأسلحة، والقواعد الأساسية لحياة الجندي في الجبال، بالإضافة إلى هذا التدريب القياسي، تلقى تدريبًا إضافيًا حول كيفية اختراق خط موريس وحتى خط شال، للسماح لمقاتلي جيش التحرير الوطني بعبور الحدود بأمان.
استمر التدريب قرابة ستة أشهر، عاد في نهايتها بعض المجاهدين إلى القواعد التي تم تكليفهم بها، وسقط آخرون في ميدان الشرف. وتلقى من كتبت لهم السلامة المزيد من التدريب ليصبحوا “محافظين سياسيين” وتم تعيينهم في قاعدة أخرى.
وفي نهاية تدريبه كمحافظ سياسي، انضم عمر بلحاج مع أفراد مجموعته إلى المنطقة الثامنة، وتم انتداب كل منهم إلى فيلق من جيش التحرير الوطني. وإضافة إلى مهمة محافظ سياسي، شارك عمر بلحاج في بعض العمليات العسكرية التي كانت في الأساس عمليات استفزازية ضد الجنود الفرنسيين لإجبارهم على استخدام المدفعية على طول خط موريس لفترة طويلة إلى حد ما.
وعندما تم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، كان عمر بلحاج مع رفقائه بالقرب من الحدود حيث أوصتهم – حينذاك – قيادة جيش التحرير الوطني، بتوّخي الحذر رغم وقف إطلاق النار؛ لأن العدو الفرنسي ليس جديراً بالثقة. وبعد وقف القتال مباشرة، توجّهوا إلى قنادسة ثم إلى بشار.
وعند حلول عيد استقلال الجزائر في 5 يوليو 1962، وبعد أيام فرح لم الشمل والعودة إلى البلاد، طُلب من المجاهدين الاختيار بين العودة إلى الحياة المدنية أو الاندماج في الجيش الجزائري لمواصلة مهمة إعادة الإعمار، وفضّل عمر بلحاج أن يسهم في البناء بتحصيل المعارف، فواصل الدراسة التي توقف عنها من قبل، وأبلغ رؤساءه بهذا الأمر، فعرض عليه اختيار البلد الذي يمكنه مواصلة دراسته فيه فاختار الأردن والتحق به في العام الدراسي 1962 /1963 ثم واصل دراسته التي أكملها بتفوق، لينتقل إلى القاهرة (مصر) ويلتحق بكلية الحقوق أين واصل دراسته لمدة أربع سنوات ثم عاد إلى الوطن.
وفي الجزائر، عين عمر بلحاج قاضيا ببشار التي شاء القدر أن كان فيها مجاهدا ليعود إليها بعد الاستقلال قاضيا. ثم تدرّج في السلم الوظيفي من نائب وكيل للجمهورية، ثم وكيل للجمهورية فنائب للنائب العام، قبل أن يعين نائبا عاما لولاية المسيلة. وكان لعمر بلحاج أن أشرف على إنشاء مجلس المسيلة بحسب التقسيم القضائي الجديد التابع للتقسيم الإداري (الولاية الجديدة). وبعد ترؤسه مجلس قضاء المسيلة لمدة ثلاث سنوات، تم تعيينه بمجلس المدية بصفته مدعيا عاما.
وفي عام 1979، تم تعيينه مديرا لشؤون الموظفين والإدارة العامة بوزارة العدل، قبل أن ينتهي به الأمر في المحكمة العليا كمستشار لمدة سبع سنوات. بعد ذلك، طلب التقاعد المبكر لأسباب شخصية. وفور تقاعده، استقل بمزاولة مهنة المحاماة حتى عام 2019، تاريخ تعيينه عضوا في مجلس الأمة من قبل رئيس الجمهورية، حتى عام 2021، تاريخ تعيينه من قبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، رئيسا للمحكمة الدستورية.
معلومات أساسيــة عـن ميـزات المحكمة الدستورية في ظـلّ التعديل الدستوري 2020
المحكمة الدستورية مؤسسة رقابية مستقلة مكلفة بضمان احترام الدّستور. وتسهر على ضبط سير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية، والفصل في الخلافات التي قد تحدث بين السلطات الدستورية، وتفسير أحكام الدستور.
– استحدثت المحكمة الدستورية بموجب التعديل الدستوري للفاتح من نوفمبر 2020، وتم تنصيبها في نوفمبر من سنة 2021، لتحل محل المجلس الدستوري الذي تم إنشائه بموجب دستور 1989.
– المحكمة الدستورية ليست جهة قضائية عليا وليس لها أية اختصاصات قضائية بمفهوم الاختصاصات التي تتمتع بها المحكمة العليا أو مجلس الدولة باعتبارهما الهيئتين المقومتين لأعمال الجهات القضائية التابعة للنظام القضائي العادي والجهات القضائية التابعة للنظام القضائي الإداري.
– يلزم أعضاء المحكمة الدستورية في كل الظروف بواجب التحفظ، والامتناع عن كل ما من شأنه المساس باستقلاليتهم وحيادهم ونزاهتهم ومهابة المؤسسة وكرامة المهمة التي يؤدونها.
– لا يجوز لأعضاء المحكمة الدستورية أن يتخذوا بأي شكل من الأشكال، أي موقف في القضايا المعروضة على المحكمة الدستورية، أو التي سبق لها أن فصلت فيها أو يحتمل أن تعرض عليها.
– اختصاصات المحكمة الدستورية في مجال الانتخابات:
– تعلن المحكمة الدستورية النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية والاستفتاء، بعد أن تنظر في الطعون التي تتلقاها حول النتائج المؤقتة لكل هذه العمليات.
– تعتمد بقرار القائمة النهائية للمترشحين لانتخاب رئيس الجمهورية، بما في ذلك الفصل في طعون المترشحين ضد قرارات السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات الفاصلة في صحّة الترشيحات.
– تثبت حصول مانع خطير للمترشح للانتخابات الرئاسية الذي سبق أن نال ترشحه موافقتها.
– تعلن وجوب إجراء كل العمليات الانتخابية من جديد وتمدّد آجال تنظيمها في حالة وفاة أحد المترشحين للدور الثاني أو تعرّضه لمانع قانوني.
– تفصل المحكمة الدستورية في الطعون ضد قرارات لجنة مراقبة تمويل الحملة الانتخابية لدى السلطة الوطنية العليا للانتخابات.
– تتشكل المحكمة الدستورية من اثني عشر (12) عضوا:
– أربعة (4) أعضاء يعيّنهم رئيس الجمهوريّة من بينهم رئيس المحكمة.
– عضو واحد (1) تنتخبه المحكمة العليا من بين أعضائها، وعضو واحد (1) ينتخبه مجلس الدّولة من بين أعضائه،
– ستة (6) أعضاء ينتخبون بالاقتراع من أساتذة القانون الدستوري.
يُشترط في عضو المحكمة الدستورية المنتخب أو المعيّن:
– بلوغ خمسين (50) سنة كاملة يوم انتخابه أو تعيينه.
– التمتع بخبرة في القانون لا تقل عن عشرين (20) سنة، واستفاد من تكويــن في القانون الدستوري،
– التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، وألاّ يكون محكوما عليه بعقوبة سالبة للحرية،
– عدم الانتماء الحزبي.
– أما بالنسبة لرئيس المحكمة الدستورية، فيشترط الدستور أن تتوفر فيه كذلك الشروط المطلوبة من أجل الترشح لرئاسة الجمهورية، باستثناء شرط السن.
أهم ضمانات استقلالية أعضاء المحكمة الدستورية:
– عدم الانتماء الحزبي.
– التوقف عن ممارسة أيّ عضويّة أو أيّ وظيفة أو تكليف أو مهمّة أخرى، أو أي نشاط آخر أو مهنة حرّة.
– أداء اليمين قبل مباشرة المهام أمام الرئيس الأوّل للمحكمة العليا.
– التمتع بالحصانة عن الأعمال المرتبطة بممارسة المهام الدستورية.
تعلن المحكمة الدستورية النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية والاستفتاء، بعد أن تنظر في الطعون التي تتلقاها حول النتائج المؤقتة لكل هذه العمليات.
– تعتمد بقرار القائمة النهائية للمترشحين لانتخاب رئيس الجمهورية، بما في ذلك الفصل في طعون المترشحين ضد قرارات السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات الفاصلة في صحة الترشيحات.
– تثبت حصول مانع خطير للمترشح للانتخابات الرئاسية الذي سبق أن نال ترشحه موافقتها.
– تعلن وجوب إجراء كل العمليات الانتخابية من جديد وتمدّد آجال تنظيمها في حالة وفاة أحد المترشحين للدور الثاني أو تعرّضه لمانع قانوني.
– تفصل المحكمة الدستورية في الطعون ضد قرارات لجنة مراقبة تمويل الحملة الانتخابية لدى السلطة الوطنية العليا للانتخابات.