أكد مختصون في القانون الدولي أن الرأي الاستشاري المرتقب من محكمة العدل الدولية، غدا الجمعة، بشأن الآثار القانونية للاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية قد يشكل “منعطفا حاسما” في التعامل القانوني الدولي مع الكيان الصهيوني، ويمثل فرصة لإعادة تسليط الضوء على القضية الفلسطينية وتعبئة الرأي العام العالمي لدعم الحقوق الفلسطينية المشروعة.
عشية إصدار محكمة العدل الدولية الرأي الإستشاري بشأن ادانة حرب الابادة التي يقترفها الكيان الصهيوني في غزة, قال الدكتور محمد محمود مهران, أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي, في تصريح لوأج, “إننا على أعتاب لحظة تاريخية في مسار القضية الفلسطينية”.
وأشار الأستاذ مهران إلى أن الرأي الاستشاري المرتقب من محكمة العدل الدولية قد يشكل “منعطفا حاسما” في التعامل القانوني الدولي مع الكيان الصهيوني, مضيفا
أن “حالة التخوف السائدة لدى الكيان الصهيوني, قبيل نشر الرأي الاستشاري, تعكس إدراكا عميقا لأهمية هذا الرأي وتأثيره المحتمل على الشرعية الدولية للاحتلال”.
وأوضح أنه رغم أن الآراء الاستشارية “غير ملزمة” قانونا, إلا أنها تحمل “وزنا معنويا وقانونيا كبيرا” في القانون الدولي وستشكل مرجعية قانونية هامة للمجتمع الدولي في تعامله مع القضية الفلسطينية.
وأبرز الاستاذ مهران أن “المحكمة أمامها عدة خيارات في صياغة رأيها الاستشاري والمتمثلة في إعلان عدم شرعية الاحتلال حيث قد تعلن المحكمة صراحة أن الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية, بما فيها القدس الشرقية, غير شرعي وفقا للقانون الدولي”, وهو ما سيمثل, في رأيه, “الموقف الأقوى والأكثر تأثيرا” في القرار.
كما ينتظر, حسب مهران, أن تشدد المحكمة على أن استمرار الاحتلال يتعارض مع مبادئ القانون الدولي, بالإضافة الى احتمال أن تصدر (المحكمة) إدانة للممارسات الصهيونية, على غرار بناء المستوطنات وضم الأراضي, فضلا عن إمكانية أن تدعو الاحتلال الصهيوني والمجتمع الدولي للعمل على إنهاء الاحتلال وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
الرأي الاستشاري للمحكمة يفتح المجال أمام إجراءات قانونية ودبلوماسية جديدة ضد الاحتلال الصهيوني
وحول التداعيات المحتملة للرأي الاستشاري للمحكمة, توقع الاستاذ مهران أن “صدور رأي قوي من المحكمة قد يؤدي إلى زيادة الضغط الدولي على الكيان الصهيوني لإنهاء الاحتلال”. كما قد “يفتح الباب أمام إجراءات قانونية ودبلوماسية جديدة, مثل فرض عقوبات على الكيان الصهيوني أو تعزيز جهود المقاطعة الدولية”.
وأضاف أنه من الناحية القانونية قد يستخدم هذا الرأي كأساس لإجراءات قضائية أخرى, سواء في المحكمة الجنائية الدولية أو في المحاكم الوطنية التي تطبق مبدأ الولاية القضائية العالمية.
ومن جهته, شدد الأستاذ أيمن سلامة, أستاذ القانون الدولي العام بالمعهد الدولي لحقوق الانسان بستراسبورغ (فرنسا), على ضرورة “عدم الاستهانة بالقيمة القانونية المهمة للآراء الاستشارية للمحكمة”, مردفا بالقول “يكفي أن الرأي الاستشاري (يصدر عن المحكمة العالمية) ويميط اللثام و يحسم النزاع حول العويص والشائك و الهام من المبادئ القانونية التي تعتري موقف حالة نزاع”.
وأضاف السيد سلامة أنه لم يحدث في تاريخ محكمة العدل الدولية أن اتخذت مثل هكذا أوامر, مبرزا أنه على الرغم من أن الكيان الصهيوني قد لا يلتزم بهذه القرارات, غير أنه يكفي أنها تصدر من قبل أعلى هيئة وبلسان القانون الدولي الذي ينظم العلاقات الدولية والنظام الدولي.
وأكد أنه لا محال سوف تقوم المحكمة من خلال رأيها الاستشاري المرتقب ب”الإدانة الحاسمة” للكيان الصهيوني و”بتفسير وتفصيل” كل التداعيات الكارثية للاحتلال العسكري الصهيوني في الأراضي المحتلة.
ومن شأن هذا القرار, حسب السيد سلامة, “الرفع من عدد الدول التي ستعترف بالدولة الفلسطينية, كدولة مستقلة بعد صدور ذلك الرأي قد يؤثر حتى على مواقف الدول الحليفة و الصديقة للكيان الصهيوني التي ستفكر غير مرة, قبل إصدار قراراتها السياسية الخارجية في التعامل مع الكيان الصهيوني والقضية الفلسطينية العادلة”.
وأضاف أن القرارات التي تصدرها محكمة العدل الدولية كافية لتطبيق القانون الدولي الذي رخص لكل الدول ذات السيادة أن تتخذ ما شاءت من القرارات والتدابير ضد الدولة التي تنتهك القانون الدولي, وأنها غير مجبرة للتوجه الى مجلس الامن الدولي لتطبيق هذا القانون.
وهو الأمر الذي يفسر, حسب الاستاذ, ذهاب العديد من الدول إلى اتخاذ قرارات بشأن الكيان الصهيوني, منها قطع علاقاتها الدبلوماسية معه فيما دفع بدول أخرى على غرار إسبانيا وهولندا لفرض حضر على الأسلحة لفائدة الاحتلال.
وقال السيد مجيد بودن, أستاذ القانون الدولي, أن القرارات الاستشارية التي ستتخذها محكمة العدل الدولية هي “مسائل قانونية وليس لديها اعتبارات سياسية”, مبرزا أنه ليس هناك أدنى شك في أن المحكمة ستطبق القانون الدولي الذي يقول أن الكيان الصهيوني هو “دولة الاحتلال”.
وشدد على أنه “رأي علني” من واجب الأمم المتحدة أن تحوله إلى محكمة الجنايات الدولية لاعتماده باعتبار أنه يشكل “أحد الأسس التي ستنطلق منها أشغال محكمة الجنايات الدولية في قراراتها القادمة فيما يخص مذكرات الاعتقال بحق المسؤولين الرئيسيين عن العدوان الصهيوني على قطاع غزة”.