تحتفي الشرطة الجزائرية اليوم بعيدها الوطني الـ62 المصادف لـ22 جويلية من كل سنة، وهو اليوم الذي تم فيه تسليم المهام بين مسؤولي الأمن على مستوى جبهة التحرير الوطني وبين أوّل مدير عام للأمن الوطني عام 1962.
ملف: سفيان حشيفة وعلي عويش ومسعودة براهمية وخالد العيفة ورابح سلطاني وغانية زيوي
تواصل الجزائر الجديدة تحت قيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تكريس المعادلة الأمنية المبنية على تكثيف التعاون الأمني بين مختلف الأسلاك، والذي بدوره يقوم على أساس التنسيق والتشاور لمواجهة التحدّيات الأمنية العابرة للحدود، وفق مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار متطلّبات الشمولية في المفاهيم الأمنية وارتباطها الوثيق بالتنمية.
وقد حقّقت بلادنا خلال السنوات الماضية أشواطاً جد معتبرة في تنفيذ الرؤية الأمنية والتنموية لرئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، خاصّة في جانبها المتعلّق بتدعيم البُنى التحتية والمنشآت القاعدية وتوسيع نطاق الاختصاص ليشمل الولايات المستحدثة والتوسعات الحضرية الجديدة.
وعبر الضّربات الأمنية الحاسمة للجماعات والمنظمات الإجرامية وتجفيف منابع تمويلها، فرضت الشرطة الجزائرية نفسها في الخارطة الأمنية الوطنية والدولية، واكتسبت خبرة تراكمية جعلت منها نبراسا يُقتدى وسراجا يُهتدى به لدى الأجهزة الشرطية عبر العالم.
وللشرطة الجزائرية تاريخ مشرف مليء بالتضحيات والفداء من أجل أن تحيا الجزائر شامخة عزيزة بين الأمم، بدأ نشاطها بعد أيام قليلة من تحقيق الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية في 5 جويلية 1962م، وأبدع رجالاتها على مرّ الحقب في نيل النجاحات تلو النجاحات بمسارح الوغى خدمة للوطن وحفاظا على أمنه واستقراره ونموه وازدهاره.
وقد برعت الشرطة الجزائرية بجاهزيتها العملياتية الدائمة في تحقيق الاستباق الأمني وجودة الأداء في الميدان، والقراءة الدقيقة لحركات وأنساق الأنشطة الإجرامية والإرهابية محليا وإقليميا، ما مكن بلادنا من الوقوف بالمرصاد للأعداء الظاهرين والمستترين، لا سيما مع تفشي ظاهرة الحروب التضليلية الإعلامية والسيبرانية عبر ما يسمى بحروب الجيل الرابع والخامس. ما ميّز المؤسسة الشرطية الجزائرية بوضوح، هو تبوأ المرأة مناصب عليا وبارزة داخل الجهاز، حيث وصلن إلى رتب متقدمة نتيجة جدارتهن في إنجاز عملهن ومهامهن على أكمل وجهٍ بالميدان.
احترافية عملياتية عالية في عالم يموج بالاضطرابـات
يُسطّر التاريخ للشرطة الجزائرية دورها الفعّال في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحيّز الحدودي والجغرافي، وانتصارها في كل المعارك التي خاضتها منذ تأسيسها عقب تحقيق الاستقلال الوطني المضرّج بدماء ملايين الشهداء والمجاهدين الأبطال الذين صنعوا ملاحم النصر والشرف أمام أعتى القوى الاستعمارية في تلك الحقبة، فكان جهاز الشرطة برجاله ونسائه امتداد لصنيع أولئك الأشاوس الأوفياء للوطن والأمة الجزائرية.
تُدرك الشرطة الجزائرية حجم التحدّيات الكبرى التي تنتظرها في محيط إقليمي ودولي شديد التعقيد يموج بالاضطرابات والنزاعات والصراعات، ويعجّ بالمؤامرات والدسائس والمكائد بين الدول المُتناطحة على المصالح والمكاسب، وتعي جيداً مدى صعوبة التكيّف مع هذا المُعطى الجيوسياسي الذي يتطلّب تكاملها مع أجهزة الدولة الأمنية الأخرى لفرض مظلّة الاستقرار والأمن المستدام على بلد الشهداء محاطين بوعي شعبي مُتعاظم يُساند تلك المساعي الوطنية ويدعمها.
يقول أستاذ العلوم السياسية، البروفيسور نور الصباح عكنوش، إن المؤسسة الشرطية الجزائرية هي نتاج تراكم نجاحات تاريخي ساهم في تعزيز قيم السلم والأمن عبر ربوع الوطن، وترقية المُثل العليا للاستقرار والازدهار في كنف المواطنة والتنمية المستدامة. وأوضح عكنوش، في تصريح لـ«الشعب”، أن الشرطة الجزائرية تتمظهر في هذا الإطار كآلية مستدامة للدفاع عن الجمهورية وحماية نموذجها الدستوري والتنموي، من خلال مواكبة كل المستجدات ومواجهة كافة التهديدات والتحديات التي تحيط بعوامل الأمان والسكينة داخل التراب الوطني.
وعلاوة على ذلك، يتحمّل جهاز الشرطة مسؤولية كبرى في ضمان استمرار أسباب الانسجام الوطني من منظور إستراتيجي شامل لا يقف عند الأمن بالمعنى التقليدي، بل يتعداه إلى المشاركة مع المواطن والمجتمع المدني في حوكمة المؤسسات العمومية، عبر بناء القدرات وصقل المواهب ورسم الأهداف وتطوير البرامج، في مُقاربة مُبتكرة تعتمد على الذكاء والاحترافية والاستشراف بالتنسيق مع مؤسسات سيادية أخرى بما يضمن 3 عناصر تتمثل في تفعيل الأداء، وتحيين الميكانيزمات، وتطوير الرؤى، في ظل بروز أجيال جديدة من الإجرام العابر للبلدان، وتحولات تكنولوجية سريعة مهددة للمجتمعات والدول، وظهور أخطار جديدة على صعيد البيئة والفضاء العمومي وحروب العقل، مثلما أضاف محدثنا.
ووفقاً للباحث عكنوش، تحتاج تلك العناصر لإستراتيجيات مبتكرة للتصدي والتأثير والتدخل، وهو ما يتطلب جهدا أكبرا من النواحي البشرية والعلمية واللوجيستيكية في رسم المنهجية المستقبلية للسياسة الأمنية الوطنية بما يتماهى وطبيعة الشرطة في القرن الواحد والعشرين من جهة، ومع بلد مترامي الأطراف بحجم قارة من جهة ثانية.
وتابع البروفيسور قائلاً: “نحن في عالم مفتوح يعرف نسقا غير مستقر من الجرائم والتهديدات والصراعات، ويتطلب جاهزية إلكترونية عالية، وبنية تحتية قوّية، يقع على عاتق كوادر الشرطة واجب الاضطلاع بها وفق محددات الرقمنة والذكاء الاصطناعي، حيث أن برنامج العمل المستقبلي يتعين أن يقوم على المعلومة والصورة والوقت، وهي أبعاد إدارة الأزمات على مستوى المخدرات والجريمة الإلكترونية وشبكات تبييض الأموال والتجارة غير الشرعية وحركة تنقل الأفراد وتهريب العملات والعنف الأسري وغيرها من تحدّيات العمل أمام الشرطة الجزائرية التي تنمو في بيئة مُجتمعية واقتصادية وقانونية وفكرية مُتغيّرة، وتعرف ديناميكية تحوّل هام في بنية المؤسسة من حيث الخطط والهياكل”. الشرطة الجزائرية بما تملكه من احترافية عملياتية عالية ستظل بمعية مؤسسات وأجهزة الأمن الوطني الأخرى الركن الشديد الذي تأوي له الأمة اليوم في زمن الحروب الجديدة طلبا للطمأنينة والتنمية بأبعادها المستدامة، مثلما أوَت إليه زمن الإرهاب، يختم أستاذ العلوم السياسية البروفيسور نور الصباح عكنوش.
السلاح الأزرق.. مُرافق دائم للثروة الاقتصادية الجديدة
حقّقت مصالح الأمن الوطني إنجازات معتبرة في مكافحة الجريمة المنظمة، رافقها مسار تشريعي يهدف إلى مواءمة القوانين الوطنية مع روح الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، بما يعكس جهود الجزائر في مجال مكافحة الجريمة المنظمة وتحقيق المعادلة الأمنية الوطنية. تقوية قدرات مصالح الأمن الوطني وتعزيز حضورها الجواري يُعدُّ أحد الأسباب الرئيسية في استمرارية عملها الميداني وتحسين قدرتها على مواكبة الإقلاع الاقتصادي الذي نظّر له ووضع أسسه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون.
حقّقت بلادنا خلال السنوات الماضية أشواطاً كبيرة في تنفيذ الرؤية الأمنية والتنموية لرئيس الجمهورية، خاصّة في جانبها المتعلّق بتدعيم البُنى التحتية والمنشآت القاعدية وتوسيع نطاق الاختصاص ليشمل الولايات المستحدثة والتوسعات الحضرية الجديدة.
رئيس الجمهورية الحريص كل الحرص على ترقية الجانب الأمني، والاهتمام البالغ بأسلاك الأمن باعتبارها فاعلاً أساسياً في المساهمة في تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية بولايات الجنوب، أفرد لهذه الولايات مخططاً استراتيجياً يهدف الى توسيع دائرة الاختصاص الشُرَطي بها، بما يضمن لجهاز الأمن الوطني مراقبة، رصد ومرافقة المشاريع التنموية بهذه الولايات.
المرافقة الثمينة التي أعطاها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون لأجهزة الأمن والشرطة الجزائرية من خلال نوعية الدورات التكوينية وإعداد الدراسات الأمنية وتوسيع دائرة اختصاص الأمن الوطني لتشمل الولايات المُستحدثة، تُعدُّ قيمة مضافة في جهود استتباب الأمن الجالب للثروة، المساهِمة في تحقيق المزيد من الانجازات لما فيه توفير الأمن والاستقرار.
ولعلّ من أوجه هذا الاهتمام بالجانب الأمني من طرف رئيس الجمهورية نشير الى ما تحقّق على أرض الواقع من هياكل ومنشآت شُرطية تم استلامها في العديد من ولايات الجنوب، وهو ما يعزّز من حضور جهاز السلاح الأزرق ليكون مرافقاً للحركية الاقتصادية التي تشهدها المنطقة.
ولا يختلف اثنان بأن هذه الإستراتيجية التي أثبتت نجاعتها، تأتي في سياق عالمي وإقليمي يتّسم بتصاعد الأزمات والصراعات بشكل يهدّد منظومة الأمن الجماعي، ويقوّض قيمتها ومبادئها المُكرَّسة في المواثيق والأعراف الدولية.
هذه المقاربة، تؤكد بأن رئيس الجمهورية على إدراك تام بأن جاهزية أسلاك الأمن وقدرتها على الرقابة والرصد والتدخل الفوري لكبح جماح الجريمة، تشكّل اليوم أحد أهم الشروط الاستباقية لتوفير الحماية اللاّزمة والكاملة للاستثمارات الضخمة التي باشرتها الجزائر في ولايات الجنوب بشكل آمن ومستمر، وهو الأمر الذي يستوجب تجسيد الرؤية الأمنية لرئيس الجمهورية بحذافيرها، ودمج التوسع الإقليمي لدائرة الاختصاص مع الجانب العملياتي المُفضي الى تحقيق معادلة أمنية عِمادها المواطن.
إستراتيجية أمنية.. مكتسبات اقتصادية
الرئيس تبون، رجل الوفاء بالعهود كسب المعركة تِلو الأخرى، فهو مُدركٌ للمخاطر التي تستهدف أمن المواطن واقتصاد البلاد، فإلى جانب احترافيته الكبيرة في التعاطي مع الجريمة ومرافقة المواطن في حياته اليومية، يأتي جهاز الأمن الوطني بتوجيهات من رئيس الجمهورية لتحصين الاستثمارات الكبرى والمنشآت القاعدية وتوفير بيئة ومناخ ملائمين لترقية السياحة وتأمين الشركات الأجنبية العاملة ببلادنا خاصة بولايات الجنوب.
ففي سياق مواكبة الإقلاع الاقتصادي الذي تشهده بلادنا، وبالتزامن مع تنامي التهديدات الأمنية المُحدقة بمنطقة الساحل، يواصل عناصر السلاح الأزرق تجنّدهم لصبّ جهودهم في وعاء واحد مع الشركاء الأمنيين بُغية رفع مستوى اليقظة، ووضع آليات رصد ناجعة من شأنها تأمين النهضة التنموية التي تشهدها بلادنا.
يُبنى هذا التوجّه الأمني العام على قاعدة متينة مستنبطة من توصيات السلطات العليا بالبلاد وعلى رأسها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، والرامية الى تحقيق المعادلة الأمنية بكل مقاييسها، مع التأكيد على التقيّد بقواعد الأمن لتعزيز التنمية المستدامة التي يحرص على تأمين مسارها جهاز الأمن الوطني، يرافقه في ذلك مجتمع مُدرك للتهديدات الأمنية التي تعيشها بلادنا.
تندرج إستراتيجية رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في سياق حماية المواطن من الجريمة وتأمين المنشآت والهياكل القاعدية ودعم النهضة الاقتصادية والصناعية التي تشهدها بلادنا.
هذه السياسة، عززّت من الحسّ الأمني لدى المواطن، وأدّت الى انتشار ثقافة التبليغ على المخالفين والمجرمين المتربصين بأمن واستقرار الوطن.
ومن أجل مواكبة أمنية لهذا التحوّل الاقتصادي سطر مخطط شُرطي تضمّن جملة من التدابير والإجراءات على مستوى ولايات الجنوب لا سيما المستحدثة منها خاصّة على مستوى المعابر البرّية والمطارات أسهمت في ارتفاع نَسَق الثقافة الأمنية بين المواطنين.
فعلى الصعيد المحلي، شكّلت الرؤية الأمنية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون خارطة طريق لاعتماد مخطّط أمني بولاية تندوف، باعتبارها محطة هامة من محطّات الإقلاع الاقتصادي لبلادنا.
ويلعب جهاز الأمن الوطني وأجهزة الأمن الأخرى بالولاية صمّام أمان لضمان سيرورة المشاريع الضخمة التي أقرّها رئيس الجمهورية لصالح الولاية في إطار برنامج تكميلي أعطى دفعة قوية للتنمية بالولاية.
الإستراتيجية الأمنية لرئيس الجمهورية وجدت طريقها بولاية تندوف، حيث يواصل جهاز الأمن الوطني مرافقة تجسيد المشاريع الإستراتيجية وتأمين الشركات الأجنبية والوطنية المكلّفة بإنجازها، على غرار الخط المنجمي الغربي، منجم الحديد بغار جبيلات ومنطقة التبادل الحر، ناهيك عن تأمين حركة المسافرين والتجار على مستوى المعبر الحدودي البري مصطفى بن بولعيد الرابط بين الجزائر وموريتانيا ومطار الرائد فراج الذي يشهد حركية معتبرة للمسافرين الأجانب.
كل هذه المجهودات التي تُحسب لمصالح أمن ولاية تندوف، لم تمنع من انخراطها رفقة الشركاء في مخطط أمني جواري يهدف إلى محاربة الجريمة ووضع حد للمناورات والاستعراضات الخطيرة داخل الأحياء، من خلال تشكيل فوج عملي مهمته تأمين الشوارع والتجمعات السكنية من الساعة العاشرة مساءً الى غاية وقت متأخر من الليل.
جدار صدّ الإجرام السيبراني
تلعب المؤسسة الشرطية، دورا حاسما في مكافحة الجرائم السيبرانية، التي باتت تشكل تهديدا متناميا على المستويين الفردي والمجتمعي، وتكمن خطورتها في كونها تتيح لمستخدميها سهولة التخفّي، كما أنها لا تعترف بالحدود الإقليمية ولا بالمكان أو الزمان، وغيرها من العوامل التي شكّلت اهتماما منقطع النظير للسلطات العليا للبلاد، عبر سنّ القوانين الردعية وتشديد العقوبات على مجرمي الفضاء الإلكتروني .
ترى رئيسة خلية الاتصال والعلاقات العامة بأمن ولاية وهران، سلمى سعودي، أن الجهود المبذولة من قبل أجهزة الشرطة، تؤكد على التزامها التام بحماية المجتمع من خطر هذه الآفة، التي باتت تشكّل تهديدا خطيرا على الأمن الوطني والإجتماعي والإقتصادي ومختلف المجالات الأخرى، نظرا لتطوّر أساليب الجريمة الإلكترونية وتنوّع أشكالها، وبالتالي فإن المساعي مستمرة لتطوير قدرات الشرطة وتعزيز التعاون على المستويين الوطني والدولي، ستظل ضرورية لمواجهة التحدّيات المتزايدة في مجال الجريمة المعلوماتية.
وتعزيزا لأمن سيبراني فعّال، أولت القيادة العليا للأمن الوطني أهمية بالغة لمحاربة هذا النوع الخطير من الإجرام الذي يتخذ أشكالاً متعدّدة وديناميكية، بدءًا من البناء المؤسسّي والتنظيمي من خلال إنشاء وحدات متخصّصة، ضمن هياكل الشرطة، ناهيك عن تطوير برامج تدريبية احترافية للكوادر البشرية، كما يتم الاستفادة من الخبرات الدولية والتعاون مع الجهات المختصة لرفع كفاءة وقدرات الشرطة في مختلف المجالات ذات الصلة، بما فيها التحقيق الرقمي والمراقبة وتحليل الأدلة الإلكترونية.
وعملا بمساعي القيادة العليا الأمن الوطني، تبذل المديرية الولائية للجهاز بوهران، جهودًا مضاعفة، من أجل تطوير قدراتها وأساليبها لمواكبة التطوّرات التكنولوجية المتسارعة والجمع بين الاستباقية والوقاية من التهديدات في الفضاء السيبراني، مع السهر على ترقية الثقافة القانونية وثقافة المواطنة، عبر التحسيس المستمر ورفع اليقظة الأمنية، بحسب ما جاء على لسان رئيسة خلية الاتصال والعلاقات العامة بأمن ولاية وهران، سلمى سعودي. واعتبرت سعودي في تصريح لـ “الشعب” أن الجريمة السيبرانية مجموعة من الأنشطة الإجرامية، ترتكب ضد أفراد أو جماعات أو مؤسسات كاملة باستخدام وسائل الاتصال الحديثة وشبكة الإنترنت، خاصّة وسائط التواصل الإجتماعي، بغرض الحصول على مكاسب مادية أو سرقة المعلومات الحساسة أو التخريب والإضرار بالنظم المعلوماتية، ولعلّ أبرزها حاليا، تجارة الوهم، كبيع سلعة أو بضاعة أو تقديم خدمات بطريقة احتيالية، مقابل ما يعرف بالدفع المسبق.
وهنا تطرقت المتحدثة ذاتها إلى الأساليب والتقنيات الحديثة والمتطورة للتعامل مع الجريمة والأنشطة الإرهابية عبر الإنترنيت والتي تستخدمها فرقة مكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بوهران، وهي امتداد للمصلحة المركزية لمكافحة الجرائم ذات الصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وفق تعبيرها.
وفي هذا الصدد، نوّهت بالفارق الذي أحدثته خلية محاربة الجريمة الإلكترونية على مستوى المديرية العامة للأمن الوطني، التي تم استحداثها سنة 2011، وكذا المصلحة المركزية لمحاربة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال لمديرية الشرطة القضائية التي أنشئت عام 2015، لتحوّل فيما بعد إلى مصلحة عملياتية مجهزة بالمورد البشري المختص والوسائل التقنية العالية المستوى، كما قالت.
واستنادا إلى نفس المصدر، تضمّ الهيكلة الحالية للمصلحة المركزية لمكافحة الجرائم السيبرانية هياكل متخصصّة ومكاتب للدعم والتسيير والتحليل، تسهر عليها نخبة من الكفاءات الشرطية البحتة، المتخرجين من الجامعات الجزائرية، يتم انتقاؤها بدّقة من المصالح العملياتية أو من مدارس الشرطة، ممن تتوفر فيهم شروط الكفاءة والتحكم بالتكنولوجيات الحديثة وشبكات التواصل الإجتماعي، مع إخضاعهم لتكوينات مكثفة وطنيا ودوليا لأداء مهامهم بكل احترافية واستباقية، ومن أجل إماطة اللثام على أصعب القضايا. وأبرزت أيضا “الأهمية التي يوليها الجهاز للشراكات والتعاون في مجال مكافحة الجرائم السيبرانية بمختلف أشكالها لضمان تنسيق محكم، أساسه صون لحماية أمن الوطن والمواطن، سواء مع الأجهزة الأمنية ومختلف الشركاء على المستوى المحلي، أو على الصعيد الدولي في إطار تبادل الخبرات والتجارب، وكذا المعلومات الأمنية، أبرزها التنسيق مع الشرطة الدولية (الأنتربول)، التي أثنت في عديد المناسبات على الأشواط التي قطعتها المديرية العامة للأمن الوطني في هذا المجال، ناهيك عن إشراك المواطنين والمؤسسات وفعاليات المجتمع المدني في برامج التوعية والتثقيف للمستخدمين. وبفضل هذه الجهود المتواصلة، تمكن أمن ولاية وهران من تحقيق نتائج ملموسة في فك شيفرات عدة قضايا وطنية ودولية والقبض على مرتكبيها، كان آخرها شهر جوان المنصرم؛ حيث تمكنت فرقة مكافحة الجرائم الإقتصادية والمالية من تفكيك شبكة إجرامية متخصّصة في النصب والاحتيال على المواطنين، تحت مظلة وكالة سياحية وهمية.
وفقا للمعطيات الأوّلية للتحقيق، كانت هذه الشبكة تستهدف المواطنين بالخداع عبر صفحات الفيس بوك والإنستغرام، مدّعية تقديم عروض سياحية مغرية بأسعار منخفضة، لكن وبمجرد حصول الضحايا على هذه العروض الوهمية، تختفي الشبكة، دون تنفيذ أي برامج سياحية.
وبلغ عدد الضحايا حتى الآن حوالي 100 شخص، وهو رقم مرشّح للارتفاع بعد استكمال التحقيقات التي باشرتها فرقة مكافحة الجرائم الإقتصادية والمالية بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية، بعد تقديم شكاوى متسلسلة ضد وكالة سياحية وهمية، المسماة “ اش. ان للخدمات”، التي كانت تستدرج ضحاياها من خلال القيام بحملات إعلانية عبر صفحات الفيسبوك والأنستغرام، تقدم من خلالها عروض مغرية، تمثلت في توفير التأشيرات السياحية، تأشيرات الدراسة، عروض العمل، الإقامة بدول الاتحاد الأوروبي وكندا.
وقد أسفرت العملية عن توقيف 07 أشخاص، تم تقديمهم أمام السيد وكيل الجمهورية لدى محكمة فلاوسن، أين أودعوا رهن الحبس المؤقت، مع استصدار إذن بالتفتيش والتوقيف وتمديد الاختصاص، بهدف محاسبة المتورطين وتعويض المتضررين، سيما بعد اكتشاف وجود ضرر مالي أولي قدره 94 ملايين سنتيم و13500 يورو.في ضوء ذلك، تؤكد المكلفة بالإعلام والعلاقات العامة لدى أمن وهران، أن الجهود المبذولة من قبل أجهزة الشرطة عبر مختلف ولايات الوطن، على التزامها التام بحماية المجتمع من خطر هذه الآفة، التي باتت تشكل تهديدا متناميا على الأمن الوطني والإقتصادي، نظرا لتطوّر أساليبها وتنوّع أشكالها، في ظل التحوّل السريع نحو عالم رقمي.
الجزائر الجديدة ورهان مواجهة عدوان المخدرات
وضعت القيادة العليا للبلاد نصب أعينها مجابهة حرب المخدرات والاتجار غير المشروع بها وتعاطيها، خاصّة بعد أن عرفت تفاقما مخيفا يوما بعد يوم ولما لها من تأثيرات سلبية على حياة الفرد خاصّة والمجتمع عامة وما تشكله من تهديد لأكبر شريحة في المجتمع وهي فئة الشباب، حيث حرصت على تثمين التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والهيئات في محاربة هذه الآفة.
تلعب الشرطة دورا محوريا لصد عدوان مروّجي المخدرات، من خلال انتهاج إستراتيجية أمنية تستهدف من خلالها بؤر الإجرام، ورصد أي محاولة إغراق الجزائر بالأقراص المهلوسة، حيث تقوم المصلحة المركزية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات للمديرية العامة للأمن الوطني بعمل احترافي، في إحباط مختلف العمليات الإجرامية وحجز شحنات هائلة من المهلوسات قدرت آخر عملية بحجز شاحنة كانت تحمل مليون وستمائة ألف قرص مهلوس، كان قد برمج ترويجها وسط أبناء بلادنا في الجهات الأربع للوطن على غرار العاصمة، وهران، عنابة وورقلة.
من المؤكد، أن الجزائر تواجه حربا غير معلنة باستخدام المخدرات، لهذا استوجب على الجميع مواجهتها بشتى الوسائل، من خلال إشراك جميع القطاعات والهيئات المختصة والمجتمع المدني، وتعمل مختلف المصالح الأمنية على إعداد وتنفيذ مخططات عمل بإقحام جميع وحداتها العملياتية في مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، مع تبني سياسة وقائية مبنية على التحسيس والتوعية من مخاطر هذه الآفة.وضعت الدولة ترسانة من النصوص القانونية التنظيمية، لمواجهة حرب المخدّرات ومكافحة هذه الآفة، مع الأخذ بعين الاعتبار مجالات الوقاية، العلاج والردع، كركائز للحدّ من انتشارها، لاسيما بعد أن عرفت تفاقما مخيفا، ولما لها من تأثيرات سلبية على حياة الأفراد خاصّة، والمجتمع عامّة، وما تشكّله من تهديد لأكبر شريحة في المجتمع، وهي فئة الشباب، حيث حرصت على تثمين التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والهيئات في مكافحة هذه الآفة.
ويلعب جهاز الشرطة دورا محوريا لصدّ عدوان مروّجي المخدرات، من خلال انتهاج إستراتيجية أمنية تستهدف بؤر الإجرام، على غرار حجز قناطير من المخدرات، في عمليات نوعية عبر 7 ولايات، خلال السداسي الأوّل من السنة الجارية، حيث كشفت المديرية العامة للأمن الوطني، من خلال بيانات على صفحتها الرسمية، عن الإطاحة بشبكات إجرامية تنشط على الصعيدين الوطني والدولي وحجز كميات كبيرة من المخدرات والمؤثرات العقلية.
وكشفت مصالح الأمن الوطني، عن الحصيلة العملياتية السنوية للسنة الماضية، والتي عرفت حجز كميات ضخمة من الكيف المعالج والمخدرات الصلبة وكذا الأقراص المهلوسة، حيث أفاد بيان لذات المصالح، أن سنة 2023 شهدت حجز 7 طن و22 كلغ و875 غرام من القنب الهندي، و169 كلغ و768 غرام كوكايين، وعرفت السنة ذاتها حجز 3 كلغ و664 غرام هيرويين، و13.566.993 قرص مهلوس.
وبالنسبة لتوزيع القضايا المسجلة ونسبة المعالجة خلال سنة 2023، كشفت مصالح الأمن الوطني عن تصدّر “مخالفة تشريع المخدرات” بـ 129471 قضية مسجلة، و129167 قضية معالجة، بنسبة إنجاز بلغت 99.77 بالمائة، كما بلغ عدد المتورطين 146309 شخص، وتلتها مخالفة المساس بالأشخاص في المرتبة الثانية، والمساس بالممتلكات ثالثة، بينما جاءت الجرائم السيبرانية في المرتبة الرابعة.
فرق متخصّصة لحماية المواطنين وتأمـين المنشـآت الاقتصادية
تعكف الأجهزة الأمنية عبر مختلف وحداتها ومصالحها، إلى تبني خطط ومخططات أمنية تستجيب للمتغيرات والتهديدات الأمنية المحتملة ومواكبة لتلك المتغيرات والتطورات الحاصلة في الجزائر، لاسيما ما ارتبط فيها بحماية الأفراد والممتلكات وتأمين المنشآت الاقتصادية والمناطق الصناعية الجديدة، عبر خطط أمنية استباقية تقوم على أساس التقييم المستمر للمخاطر المحتملة وسرعة الوصول إليها، المراقبة المستمرة، التخطيط للاستجابة لحالات الطوارئ، إدارة الحوادث، التنفيذ الفعال للتدابير الأمنية، بهدف توفير بيئة عمل آمنة للأفراد، تنعكس بشكل مباشر على تلك المجهودات المبذولة تتناغم مع تلك البرامج والخطط الكبرى المبذولة من طرف الدولة لتحقيق التقدم والازدهار، تساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتطور المدن الصناعية ضمن إستراتيجية متوازنة أساسها الأمن، الاستقرار والازدهار.
أكد محافظ الشرطة عيساني عبد الوهاب، رئيس خلية الاتصال والعلاقات العامة بأمن ولاية برج بوعريرج، أن مصالحه تعد من أهم المصالح التي تُساهم في حفظ الأمن والاستقرار وبسطهما على مستوى الولاية، وبالأخص عبر إقليم تخصصها الحضري المتواجد بكبرى المدن والتجمعات السكنية الموزعة على 9 دوائر و4 بلديات ذات كثافة سكانية هامة، من بينها مدينة الياشير التي تستقطب أعدادا هامة من المواطنين والعائلات، إذ تعمل على الوقاية من الجريمة وتكثف جهودها في سبيل حماية المواطن من شتى الممارسات غير القانونية وفي كل المجالات.واعتبر في ذات السياق، بأن الأجهزة الأمنية ممثلة في شرطة برج بوعريريج تعمل جاهدة على ضمان احترام تام للقوانين وصد كل الخروقات، تمتلك تخصصات متنوعة تشمل مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية التي ازدادت في السنوات الأخيرة، أين تقوم فرق مختصة بتتبع ورصد الجرائم التي تُرتكب عبر الانترنت والشبكات الاجتماعية، بالإضافة إلى فرق مكافحة المخدرات التي تعمل على منع تفشي هذه الظاهرة الخطيرة، من خلال عمليات مداهمة وتفتيش دورية، مع متابعة نشاطات المشبوهين، فضلا عن فرقة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية، فرقة مكافحة الجرائم الكبرى، وما يعرف بالفرق الجنائية سابقا وفرق حماية الأشخاص الهشة وفرق أخرى تعمل بتنسيق دائم فيما بينها لتأدية عمل جاد ومتكامل هدفه دحر الإجرام الحضري، كما تسهم فرق التدخل السريع التابعة لها في التعامل مع الحالات الطارئة والكوارث الطبيعية، لضمان سلامة المواطنين وتقديم الدعم اللازم لهم في الأوقات الحرجة.
وأبرز في حديثه للشعب عن جوانب العصرنة على المستوى المحلي منها تزويد مصالح الشرطة ببرج بوعريريج بأحدث التقنيات في مجال الاتصالات، المراقبة، التحليل الجنائي، والشرطة العلمية، لم يقتصر التطور على الجانب التقني فقط، بل شمل أيضًا أحدث المعدات التي هي اليوم في متناول أفراد الشرطة والتي تتيح لهم مواجهة التهديدات بفعالية أكبر، يشمل ذلك الأسلحة الكهربائية، الدروع الواقية وغيرها، دون أن ننسى فرق الشرطة العلمية والتقنية التي تتوفر على أحدث المعدات وتميز طواقمها الشابة المتمرسة التي تتكون من تقنيين مختصين، حيث ترافق وتدعم عملها كفاءات المخبر الجهوي للشرطة العلمية والتقنية بقسنطينة.
الشرطة شريك دائم في استقطاب وجـذب السيّاح
یعتبر قطاع السیاحة من أهم القطاعات المهمة والحيوية التي تعوّل عليها الدولة الجزائرية في الوقت الحالي، نظرا لما يحققه من عوائد مالية كبيرة على ميزانيتها، ومساهمته بشكل فعّال في التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة الوطنية والجهوية والمحلیة، فهي تسعى جاهدة لتنمية السياحة والمحافظة على نموها وتطورها وذلك بخلق مناخ يتسم بالأمن والاستقرار.
تعمل السلطات العمومية على تطوير وترقية جهاز الشرطة الذي يعدّ الأساس الجوهري لكافة النشاطات الإنسانية بما فيها السياحة التي تزدهر في ظل وجود الأمن والأمان، فلا وجود لهذه الأخيرة في ظل غياب الأمن، وهو الحلقة التي كانت تفتقدها الجزائر لسنوات في فترة عدم الاستقرار الأمني الذي عاشته مما سيساهم بدرجة كبيرة في الاستقطاب والجذب السياحي. كما عرفت هذه المؤسسة الأمنية تطورا كبيرا في مختلف أجهزتها ما سمح لها باكتساب المهارات الحديثة في كيفية تطبيق الأساليب الفعّالة في مواجهة الإعتداءات والجرائم الواقعة على السائحين، إلى جانب أمن المنشآت السياحية والمواقع الأثرية والدينية والتاريخية والطبيعية التي تجذب السياح والمرافق ووسائط النقل التي يستخدمها السائحون. هذا وتحرص السلطات على أن يكون للجزائر دور فعّال ومؤثر في المجال السياحي، وذلك بفضل السياسة الحكيمة والرشيدة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بما يتوافق مع الثوابت والقيم والتقاليد التي يتميز بها المجتمع الجزائري، بحيث أضحت وجهة سياحية بامتياز خلال السنوات الأخيرة تستقطب العديد من السيّاح بحكم موقعها الجغرافي وما تزخر به من المناطق السياحية التاريخية والطبيعية، فضلا عن تاريخها وتقاليدها العريقة والضيافة الكريمة لسكانها. إلى جانب ذلك، توفير الأمن الذي يلعب دورا هاما في النهوض بالقطاع السياحي وتنميته من خلال تجنيد عناصره لحماية وتأمين السياح في كل الأماكن من خلال توفير كل الظروف الملائمة التي تجعل إقامة السائح آمنة ومريحة، وبما يوّفر له كل احتياجاته الضرورية والترفيهية، فضلا عن حماية أمنه الصّحي عند حدوث أي أضرار صحية وتوفير له العناية الطبية وأمنه ضد التحرش التي يمكن أن يتعرض له، فالأمن مطلب أساسي لضمان أمن جميع العمليات التي تقدم للسائح.
وتواصل الحكومة سعيها في بذل المزيد من الجهود للنهوض بالقطاع السياحي من خلال استخدام كل الوسائل التي تمكنها من إرساء دعائم الأمن وتوفير ضمانات قانونية وهيكلية ترفع من مستوى التأهب الأمني لأفرادها لمواجهة أي طارئ لتأمين الحماية الكافية للسائح، وذلك بغية الرفع من نسبة الوافدين من السياح مما سيدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق مداخيل بديلة للثروات والعملة الصعبة خارج قطاع المحروقات.