ابن مدينة تلمسان العريقة، وصاحب الحنجرة الذهبية، أطلق عديد الأغاني الرايوية التي اكسبته محبة واحترام الجمهور الجزائري، فاستمتع بأغانيه الصغير قبل الكبير.. إنه الفنان الشاب أنور الذي رفع الستار من خلال حواره مع «الشعب» عن مشاريع فنية جديدة يعتزم الانطلاق فيها قريبا ويأتي في مقدمتها تقديم أغاني في طابع الإنشاد.
«الشعب»: شاركت مؤخرا في المهرجان الدولي للإنشاد بقسنطينة، هل يمكن القول إن الفنان أنور قرّر الابتعاد عن الأغاني الرايوية والتوجّه نحو الإنشاد لمواصلة مساره الفني؟
الشاب أنور: أنا أحب هذا النوع من الفن منذ زمن بعيد وليس وليد اللحظة، وهو مجال غنائي اعتز به كونه يقدم الكلمة النظيفة والملتزمة وهو شعاري منذ ولوجي عالم الفن، أحب الالتزام في أعمالي والابتعاد عن الأغاني الهابطة، وأقول إنني منذ نعومة أظافري أحببت الانشاد وتجويد القرآن والترتيل في الصلاة.. وقد كانت لي أول سهرة انشادية في مساري الفني ومشروعي الجديد بالمهرجان الدولي للإنشاد الذي احتضنته قسنطينة في الفترة الممتدة من الفاتح إلى الخامس من أفريل الماضي.. قابلت جمهورا جديدا تفاعل مع أغنيتي، فقد اعتليت الركح بأغنية إنشادية عبارة عن قصيد قديم جددته وأعدته بشكل جديد وبأسلوبي الخاص، وقد كان لها صدى ولاقت إعجابا، وهذا ما شجعني لأقدم تجربة ثانية ستكون قريبا في نفس النوع، وأرجو ان يتقبل محبو الفنان أنور شكله الغنائي الجديد.
أديت طبوعا متنوعة، بدءا من الأغنية الرايوية ثم المغاربية وصولا إلى الطابع الغرناطي التلمساني، هذا الأخير الذي يحتاج إلى تكوين خاص عبر جمعيات موسيقية، هل مررت عبر هذا المسار أم أن تميزك الفني سهل عليك هذه المهمة؟
تعتبر مسيرة 38 سنة من الممارسة الفنية، قاعدة وأرضية صلبة لأي فنان، وهي الخبرة التي أهلتني لكي أخوض عديد التجارب دون عامل نقص، انطلقت من الأغنية العاطفية ذات الكلام المهذب طيلة مشواري الفني، وسيظل في الأرشيف سمة للفنان أنور لأنني سأحاسب عليه مستقبلا في تاريخي الفني أمام الأجيال القادمة وحتى أبنائي، وهو نفس الأمر الذي انتهجته في غنائي الرايوي.
وأؤكد أن توجهي نحو الغناء الحوزي الغرناطي في تلمسان كان بعد تطور كبير في هذا المجال.. فالمدرسة الاندلسية عريقة جدا وبعد احترافي لها بادرت إلى ذهني فكرة أداء الحوزي وتسجيل ألبوم منذ 6 سنوات، وأقول لك أن الفن بحر كبير ولا يمكن وضع حدود له غير أنه على الفنان اختيار النوع الموسيقى الذي يلائم صوته، وأنا أرى أن الأنشودة الدينية تتوافق مع صوتي واستلطفها وراقتني كثيرا، وأرجو أن يقيمني كبار المنشدين في الجزائر، خاصة وأن مستوى هذا الأخير قد ارتقى كثيرا محليا وسأتقبل نقدهم بكل حب وصدر رحب.
ما الذي استقطبك نحو الإنشاد؟
توجهي إلى الإنشاد جاء لعدة اعتبارات في مقدمتها أن طابع الانشاد لا يقدمه إلا صاحب الصوت الجميل والقوي، والساحة الفنية أصبحت تضمّ أصوات كبيرة وهائلة، كما أنني أجد نفسي في الانشاد كونه يعتمد على أداء المواويل، الطرب وألحان راقية، إلى جانب كلمات قريبة من القلب تكون أغلبها في مدح الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتمجيد الله رب العالمين.
هل يفكر الشاب أنور في تقديم فن انشادي جزائري بطابع محلي والخروج به نحو المهرجانات الدولية؟
هدفي أولا كفنان هو الثبات في مشروعي الانشادي، وأضمن أساسيات هذا النوع الذي أريد أن أضمن به جودة الفن الذي يقدم، نحن لسنا ضد الفنانين الذي يغنون، لكن نوّد تقديم أغنية راقية وهادفة وبرسالة واضحة تربي الشباب، لأنه وللأسف نرى بعض الفنانين اخذوا مسارا مغايرا، وهو دورنا في إعادة الفن إلى مساره الحقيقي، أبحث حاليا عن كتاب كلمات وألحان جديدة، تعاملت مع كاتب سوري وبألحان عربية، لكن لدي فكرة التحوّل إلى الطابع الاندلسي وتقديم كلمات مغاربية في الانشاد بروح الحوزي وألج هذا النوع بطوابع جزائرية مختلفة فيها كل نمط تقليدي من الفن المحلي، أقدمه للمشاهد العربي والجمهور في أي مكان كان.
بما أنك تبحث عن فن يعالج الوقع الاجتماعي، لماذا لم يختر الفنان أنور أداء شارة بعض المسلسلات التي يمكنها ان تحقق نجاحا كبيرا لأي فنان؟
صراحة لم أتلق أي عرض وربما يمكنني الحصول عليه مستقبلا، ربما يعود الأمر لكون كل الأعمال تقدم في العاصمة، وهو ما يؤدي إلى نسيان باقي الفنانين في الولايات الأخرى، على غرار ما حدث ربما كوني أسكن في تلمسان، كما أصبحت قليل الظهور في الحفلات، وعدم رؤيتك يؤدي إلى نسيان الفنان ويتم التركيز على فنان واحد بالرغم من أن الجزائر كبيرة وتملك أصواتا قوية يجب البحث عنها ورفع الثقافة الوطنية.
وبالنسبة إلى أغاني «الجنريك» هي مهمة في حياة الفنان، حيث يكون لها صدى أكبر من أغنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
بماذا يعد أنور جمهوره؟
أرجو أن يساعدني جمهوري، أنا في منعرج جديد في فن الإنشاد، وأرجو أن أكون حاضرا دائما وأقدم فني على مدار السنة، وأن لا يكون مقتصرا على شهر رمضان فقط، وربما سأخوض مشاريع ثنائية أقدمها في هذا الطابع، بعد أن كانت لي تجربة في ثنائيات مع الشاب خالد، فلة عبابسة وصورية كنان.