منذ البداية، التزم رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بخلق بيئة مواتية لنمو المواهب الفنية، وتشجيع مسارات تكوين فنية. كما التزم بدعم ومرافقة الإبداع الفني، والمبادرات التي يطلقها الفنانون الشباب من خلال وضع آليات الدعم وتشجيع الإبداع، وتثمين مهنة الفنان وكل الفاعلين في مجال الثقافة، وترقية دورهم الاجتماعي ووضعهم القانوني. التزامات كان مآلها التطبيق، وكان من ثمارها مكسب طال انتظاره، هو القانون الأساسي للفنان.
ملف: أسامة إفراح ورابح سلطاني وفاطمة الوحش ومحمد الصالح بن حود ونيليا.م
شكّلت الثقافة محورا رئيسا ضمن الالتزامات الـ54 التي قدّمها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، عندما ترشّح في رئاسيات 2019. ومن الأمثلة عن ذلك، نذكر الالتزام 20 “الإنتاج الفكري والثقافي والفني لخدمة النمو الاقتصادي”، الذي أكد على “تطوير الصناعة السينمائية والثقافية من خلال حوافز وتدابير جذابة لصالح المنتجين لأول مرة”، و«تشجيع الخبرة الوطنية في مجال الصناعات الثقافية والفنية للحدّ من تقديم الخدمات المستوردة”، و«تشجيع إنشاء استوديوهات الصناعة السينمائية واستوديوهات التسجيل وقاعات المسرح والعروض من خلال الحوافز الضريبية والمصرفية (مع إمكانية اللجوء إلى الشراكة)”، و«خلق بيئة مواتية لظهور ونمو المواهب الفنية لاسيما من خلال تشجيع مسارات تكوين دراسية وجامعية فنية وخلق شهادة بكالوريا فنية”، و«إحصاء مفصل حقيقي للإنتاج الصناعي والثقافي والفني الوطني ووضع دليل يتمّ تحديثه سنويا للإنتاج الصناعي والحرفي الوطني”.
أما الالتزام 46 “تعزيز الثقافة والأنشطة الثقافية”، فأكد على دعم ومرافقة الإبداع الفني والأعمال الثقافيــة، وتحسـيـن شــبكة الهيــاكل القاعديــة، ودعم ومرافقة المبادرات التي يطلقها الفنانون الشباب من خلال وضع آليات الدعم وتشجيع الإبداع، وتثمين مهنة الفنان وكل الفاعلين في مجال الثقافة وترقية دورهم الاجتماعي ووضعهم القانوني.
وقد حرص رئيس الجمهورية على الوفاء بالتزاماته وتجسيدها، من أجل النهوض بالمشهد الثقافي والفني الجزائري، وهو ما تكرّس في مكتسبات كان منها القانون الأساسي للفنان.
قانون الفنان.. مكسب طال انتظاره
جاء القانون الأساسي للفنان ليحقّق مطلبا ملحّا نادى به الفنانون لعقود، مطلب أولاه رئيس الجمهورية الاهتمام والعناية، بدليل أن النص القانون صدر في شكل مرسوم رئاسي.
ونتحدث هنا عن المرسوم الرئاسي رقم 23- 376، المؤرخ في 7 ربيع الثاني عام 1445 الموافق 22 أكتوبر سنة 2023، والذي يتضمن القانون الأساسي للفنان، وهو القانون الذي يهدف إلى تحديد حقوق وواجبات الفنان (المادة الأولى).
وحسب المادة الثالثة، يعتبر فنانا “كل شخص طبيعي يمارس نشاطا فنيا، من خلال الإبداع أو المشاركة بأعماله الفنية أو الأدبية أو التقنية أو الإدارية في الإبداع أو إعادة الإبداع الفني، أو في أدائه أو تنفيذه بأي شكل كان وعلى جميع الدعائم، ويساهم بذلك في تطوير الفن والثقافة”، كما تعرّف هذه المادة تقني الأعمال الفنية، وإداري الأعمال الفنية، والنشاط الفني، والإبداع الفني، والعقد الفني، ومقابل النشاط الفني، والمهن الفنية، والمؤسسة الفنية، والمقاول الذاتي.
خصّص القسم الأول من الفصل الثاني من القانون إلى حقوق وواجبات الفنان، وتوضح المادة الرابعة الحقوق، على غرار الحصول على بطاقة فنان، والإبداع الفكري، وممارسة النشاط الفني بكل حرية في ظل احترام التشريع والتنظيم المعمول بهما، والحصول على عقد فني، والحصول على مقابل نشاط فني، والحماية الاجتماعية والتقاعد، والاستفادة من عقد تأمين تكميلي يغطي المخاطر الاستثنائية التي قد يتعرّض لها الفنان في إطار ممارسة نشاطه الفني.
كما تكرّس هذه المادة الاستفادة من الحماية من كل أشكال التعدي والعنف خلال ممارسة الفنان عمله الفني أو بسبب الأعمال المنجزة، وتأسيس أو الانخراط في هيئة تمثيلية مهنية، والمساهمة في إعداد السياسات العامة في الميادين الثقافية والفنية، وكذا الاستفادة من تكوين فني أو تقني من أجل ترقية الفن والثقافة، وكل هذه الحقوق دون الاخلال بالحقوق المادية والمعنوية المعترف بهما لهذا الفنان بموجب التشريع والتنظيم المعمول بهما.
أما المادة الخامسة، فتمكّن الفنانين الذين يمارسون نشاطات فنية بصفة ظرفية، من الاستفادة من عطلة استثنائية غير مدفوعة الأجر، لأداء أعمالهم الفنية بصفة ظرفية وفق الشروط والكيفيات المحددة في العقد الفني، على ألا تتجاوز ثلاثة (3) أشهر في السنة.
وتضمّن المرسوم أحكاما خاصة بالأطفال (أقل من 16 سنة)، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وأحكاما أيضا خاصة بالفنانين الأجانب، وكذا شروحات خاصة ببطاقة الفنان، والعقد الفني، ومقابل النشاط الفني، والمؤسسات الفنية.
أما الفصل الثالث من القانون بعنوان “النشاط الفني”، فنجد القسم الخامس منه مخصصا لـ«ترقية نشاط الفنان”، وتبين المادة 29 كيف يستفيد حامل بطاقة الفنان الذي لم يتابع تكوينا متخصصا في المجال الفني، من دورات تدريبية ودورات تكوين مستمر على مستوى مؤسسات التكوين المتخصصة والمعتمدة من الدولة وذلك قصد تنمية موهبته وتأطيرها.
فيما تؤكد المادة 30 على أن حامل بطاقة الفنان يحظى بالأولوية في التشغيل بنسبة سبعين في المائة (70%) من مجموع الفنانين المشاركين في الأعمال والنشاطات الفنية. ومن جهتها، تؤكد المادة 31 على التزام المؤسسات الفنية المستفيدة من الدعم العمومي بتشغيل حاملي بطاقة الفنان بنسبة ثمانين في المائة (80%)، على الأقل من مجموع المشاركين في الأعمال والنشاطات الفنية، كما تلتزم بإشراك المتربصين من مؤسسات التكوين خلال إنجاز العمل الفني”. وتشير المادة 32 إلى وجوب الحصول على رخصة مسبقة من مصالح الوزارة المكلفة بالثقافة، في الحالة التي لا تسمح فيها طبيعة العمل الفني الواجب إنجازها بمراعاة النسب المائوية المذكورة في المادتين السابقتين.
كما تطرّق المرسوم إلى الحماية الاجتماعية للفنان، وفي هذا الصدد، سبق لوزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، تأكيد مباشرة وزارتها الإجراءات الإضافية للحماية، وتحدثت عن إنشاء المركز الطبي الاجتماعي الخاص بالفنان، إلى جانب إنشاء دار الفنان الجزائري.
دعم المقاولاتية الفنية
ومما ورد أيضا في قانون الفنان، أن مدونة المهن الفنية تحدد وتحيّن بموجب قرار من الوزير المكلف بالثقافة، بعد موافقة المجلس الوطني للفنون والآداب عليها، حيث تحدّد المهن الفنية حسب المجالات الآتية: الفنون الأدبية، والفنون المسرحية، والفنون الموسيقية، وفنون العرض، والفنون الكوريغرافية، والفنون البصرية، والفنون السينماتوغرافية والسمعية البصرية، وفنون الشارع، والفنون الرقمية. وهو ما شرحته وزيرة الثقافة والفنون، حينما تحدثت عن المهن الفنية التي قسمت إلى “تسع مجالات كبرى (…) علما أن عملية التحيين تبقى مستمرة كلما دعت الضرورة”.
واعتبرت مولوجي أن هذا القانون “سيشجع على إنشاء نقابة وطنية للفنانين تكون شريكا اجتماعيا هاما لقطاع الثقافة”، وهو “ما سيسمح لهذه الهيئة التمثيلية للفنانين للاضطلاع بمهمة الرقابة الأخلاقية والمهنية على الساحة الفنية وعدم السماح بأي عمل يسيء للثقافة الجزائرية وقيم المجتمع وثوابت الدولة الجزائرية”.
ويتوافق ذلك مع إجراءات الدولة لتشجيع المبادرات الاقتصادية الحرة، وهنا نذكر القانون الأساسي للمقاول الذاتي، الذي يسمح للشباب بالقيام بأنشطة مربحة بطريقة منظمة وقانونية، في إطار رسمي، والاستفادة من تغطية الضمان الاجتماعي.
ولم يُستثنَ الفنان من هذه الاستراتيجية الرامية إلى النهوض بالمقاولاتية وتشجيعها، حيث نجد ميدان “الخدمات الثقافية والاتصال والسمعي البصري” من الميادين السبع الرئيسية المشكلة لقائمة النشاطات التي تسمح بالحصول على “بطاقة المقاول الذاتي”.
ويشمل هذا التصنيف (أي الخدمات الثقافية والاتصال والسمعي البصري) 345 نشاطا يملك كل نشاط منها رمزا محددا، نذكر من الشاعر إلى الكاتب الأدبي، إلى الملحن، إلى مؤلف الأعمال الدرامية، والملحن، إلى الخطاط ومصمم الخطوط، إلى المنتج السينمائي، وغيرها من الأنشطة الفنية. وتمكّن هذه البطاقة الحاصل عليها من مزاولة نشاطه بطريقة مقنّنة، وفوترة خدماته، والتصريح بأرباحه، كما يستفيد حاملها من امتيازات نذكر منها الإعفاء من إلزام القيد في السجل التجاري، والإعفاء من إلزامية توفير محل لممارسة النشاط، ونظام ضريبي تفضيلي.
التكوين الفني.. أولوية
صحيح أن الموهبة، في الغالب، أساس الفن والإبداع، ولكنها، مع ذلك تحتاج إلى صقل وتعزيز، وهو ما يضمنه التكوين الجيد والمدروس. وفي هذا الصدد، وكما أشرنا سابقا، حمل الالتزام العشرون (20) من التزامات رئيس الجمهورية فكرة التأسيس لبكالوريا فنية، وهو ما تجسد على أرض الواقع بالثانوية الوطنية للفنون التي تحمل اسم الشهيد الفنان “علي معاشي”، حيث استحدثت وزارة التربية الوطنية، في السنة الدراسية 2022-2023، “شعبة الفنون” في مرحلة التعليم الثانوي العام والتكنولوجي.
ووفقا لما تضمنه القرار الوزاري رقم 37 المؤرخ في 14 أبريل 2022، الذي يحدّد شعب التعليم الثانوي العام والتكنولوجي، فإن استحداث هذه الشعبة يهدف إلى “تنمية وصقل مواهب التلاميذ الفنية وتطويرها وإكسابهم ثقافة تمكنهم من فهم الأبعاد الثقافية، التاريخية والجمالية للإبداعات الفنية وترقية البعد الفني وإعطائه مكانة في النظام التربوي الجزائري”.. ويدرس التلميذ الموجّه إلى هذه الشعبة “مواد تعليمية مميزة في المجال الفني، ترفق كل واحدة منها بمعامل وحجم ساعي يجسدان تميزها، إلى جانب مواد تعليمية مشتركة مع شعب السنة الثانية ثانوي ليتوّج هذا المسار الدراسي بشهادة بكالوريا التعليم الثانوي في أحد الخيارات الأربعة”.
وتشتمل بكالوريا الفنون على أربعة خيارات هي الموسيقى، والفنون التشكيلية، والمسرح، والسمعي البصري، وتمّ انتقاء 157 تلميذا من ذوي المواهب من 52 ولاية، لمتابعة الدراسة في ثانوية علي معاشي. وكانت هذه السنة موعدا مع أول بكالوريا فنون في تاريخ الجزائر، حيث سجّلت ثانوية “علي معاشي” نسبة نجاح في دورة 2024 بلغت 79,45 بالمائة (شعبة المسرح بنسبة 94,29 بالمائة، شعبة الفنون التشكيلية بنسبة 82,50 بالمائة، شعبة السينما بنسبة 81,25 بالمائة، شعبة الموسيقى بنسبة 61,54 بالمائة).
وسيكون بإمكان الناجحين مواصلة دراستهم الجامعية في المعاهد المتخصصة، على غرار المعهد العالي لمهن فنون العرض، والمدرسة الوطنية للفنون الجميلة، والمعهد الوطني العالي للموسيقى “محمد فوزي”، دون أن ننسى المعهد العالي للسينما “محمد لخضر حمينة” الذي كانت وزيرة الثقافة والفنون قد أكدت جاهزيته بداية من الموسم الجامعي المقبل 2024-2025.
يتبين مما سبق المكانة المحورية التي يتبوؤها التكوين الفني في أجندة الدولة الجزائرية، وذلك في سبيل العناية بالمواهب وتنشئتها بشكل علمي ومنهجي، لتكون ثنائية الموهبة/التكوين لبنة قوية في بناء الصرح الثقافي.
الفن.. تخليد بطولات الأمة
ليس جديدا على الفنان الجزائري تسخير موهبته للدفاع عن الوطن ومقوماته، وهو الذي قاوم في الماضي مساعي الاحتلال لمسخ الهوية الجزائرية، ثم وضع فنه في خدمة ثورة التحرير المباركة، ثم أسهم بفعالية في معركة البناء والتشييد غداة الاستقلال. ويقع على عاتقه، اليوم، الترويج لتراث الجزائر الضارب في عمق التاريخ، والذود عنه، وإيصال بطولات الشعب الجزائري للعالم، وقبل ذلك، للأجيال الصاعدة.
وفي هذا الصدد، اعتبر رئيس الجمهورية (في رسالته بمناسبة اليوم الوطني للشهيد 18 فيفري 2020) أن كل شهيد من شهدائنا المغاوير، هو قصة بطل تحكى، ورواية تروى، وتاريخ يدوّن كي يشكل الحزام النوفمبري، الذي ينتقل عبره “حب التضحية من أجل الوطن” من جيل إلى جيل. ولهذا السبب، دعا رئيس الجمهورية إلى التدوين الفني للتاريخ، وبالأخص تاريخ ثورة نوفمبر المباركة.
وجدّد رئيس الجمهورية (في رسالته في 01 نوفمبر 2021) التأكيد على أهمية الإبداع الفني في تخليد نضالات الجزائريين، حين قال: “أهيب بالمؤسسات التي يقع على عاتقها الاهتمام بتاريخ الحركة الوطنية وثورة التحرير، وأدعوها للمبادرة بوضع تصورات وبرامج محددة المواضيع والآجال، وللانتقال بأسرع ما يمكن إلى حفظ وتوثيق المادة التاريخية، بالاعتماد على الرقمنة.. وتوفير الشروط الملائمة للباحثين والمبدعين في شتى الفنون، لإبراز حقيقة النضالاتِ القاسية، والتضحيات الجسيمة من خلال أعمال فنية راقية، وإبداعاتٍ تسمو إلى تضحيات، عانقت عنان السماء في نبل الأهداف والمقاصد الإنسانية العظيمة لثورة نُوفمبر 1954.. إنه لا مناص من استدراك الفراغ في هذا الشأن بإنجازات مبدعة، تضاف إلى تلك الطفرات النادرة في مجال الصناعة السينمائية والإنتاج التلفزيوني والإذاعي، والأعمال الأدبية والفنيـــة المميزة، التي عكست بكفـــــاءة واحترافية نـزرا قليــــلا من تـــاريخ مسيرة النضال الوطني، والكفاح المسلح للشعب الجزائري، الذي يحتفظ في كل قَرية، وفي كل دشرة، وفي كل حي من مدننا، بأحداث ووقائع تشهد على ثورة مجيدة عظيمة، ستظل حاضرة بوهجها في ضمير الإنسانية جمعاء، وعميقة في هوية وذاكرة الأمة، ترسم للجزائريات والجزائريين خط الوفاء للتاريخ وللذاكرة”.
الكاتب والمخرج المسرحي هارون الكيلاني: ترقيـة الإبداع والإنتاج الفنـي.. عربون النجـاح
يرى الكاتب والمخرج المسرحي الفنان «هارون الكيلاني» بأن قانون الفنان مكسب كبير للساحة الفنية طالما انتظره فنانو ومهنيو القطاع، وقال في حديث لـ«لشعب» إن هذا القانون من شأنه أن يساهم في تنظيم المهن الفنية على النحو الذي يحدّد الواجبات والحقوق المرتبطة بالفنان، كما أنه يساهم في ترقية إبداعاتهم وإنتاجاتهم الفنية بما يخدم الثقافة في الجزائر.
ثمّن الفنان هارون الكيلاني المكسب الكبير الذي تحقق للفنانين الجزائريين من خلال قانون الفنان الذي يرتقي بجميع الأنواع الفنية والإبداعية، مبرزا جهود رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون في الارتقاء بقطاع الثقافة والفنون، وتجسيد التزاماته التي قطعها في وقت سابق، قائلا بأنه «وعد وأوفى».
وأشار المتحدث – في السياق – إلى أهمية التوقيت الذي جاء فيه هذا القانون بالنظر إلى ما ظلّ الفنان الجزائري يعانيه ويعيشه، معربا عن أمله بأن يشكل هذا المكسب دافعا قويا للفنانين للإبداع أكثر، خاصة وأن القانون قد عدّد في أبوابه وفصوله عن ضمانه للخصوصيات الاجتماعية للفنان، فضلا عن الاعتراف بإبداعاتهم الفنية وتثمينها وفق ما تضمنه القانون الأساسي للفنان الذى من شأنه أن يقدّم إضافة للفن بشكل عام، والفنان بشكل خاص، كما أنه يسمح للمبدع – على حد قوله – بضمان الحد الأدنى من قيمته كفنان فاعل في المجتمع شأنه في ذلك شأن أي عامل في أي مكان وفي أي مجال آخر.
وأضاف هارون الكيلاني أن هذا القانون مكسب كان يحلم به الفنان منذ الاستقلال، فقد ظلّ الواقع الفني رهين ضبابية ضاعت معها حقوق الفنانين، وتدهورت حالتهم الاجتماعية، وتعطلّت قدراتهم الإبداعية، ما جعل قطاعا مهما، مثل قطاع الثقافة لا يتجاوز وضع «الكمّ المهمل» الذي لا يفيد شيئا في الحياة العامة..
وقال الكيلاني، إن أبرز المكتسبات التي تضمنها قانون الفنان، تطرق في مضمون بنوده إلى الآليات الخاصة بتنظيم وتمويل المشاريع الانتاجية فيما يخص الأعمال الفنية، منها تحديد الجوانب القانونية المحيطة بالملكية الفكرية بشكل غير مسبوق، وحماية الأعمال الإبداعية والفنية من السرقات، وما يتبعها من تعدّ على مجهود الفنان وإنتاجه الثقافي، خاصة في ظلّ ما نعيش اليوم من الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي التي جاءت بأوضاع ثقافية وضعت الإبداع بين أيد تكرّس الرداءة، ولا تعير بالا لقيمة الرسالة الفنية، وواصل قائلا: «أظن أن الفنان أصبح بهذا القانون محميا من الممارسات اللاأخلاقية على منصات التواصل الاجتماعي، كما أن حياته أضحت محمية خاصة بعد التقاعد»، يضيف المتحدث الذي أشار أيضا إلى التشجيع الفني والابداعي الذي يحمله مضمون هذا القانون، حيث يضع الفنانين والمبدعين على المحك لأداء واجباتهم أمام الجمهور، ما يساهم – دون شك – في ترقية الفن وفسح المجال أمام الفنانين الحقيقيين الذين يؤمنون برسالة الفن.
ونوّه المخرج هارون الكيلاني في ختام حديثه، بالمنصة الرقمية التي تتيح للفنان معرفة حقوقه، من حيث أنها تجعله ملتزما بواجباته المهنية، ضامنا لحقوقه الاجتماعية.
رئيسة المجلس الوطني للآداب والفنون جازية فرقاني: هذه مكتسبات الفنان الجزائري..
ثمّنت رئيسة المجلس الوطني للآداب والفنون، جازية فرقاني، في تصريح لـ«الشعب»، المكتسبات السوسيومهنية للفنان الجزائري، وفي مقدمتها عقد اتفاقية أبرمت مؤخرا، مع «التعاضدية» من أجل أن يتحصل الفنان بعد اشتراكه على بعض المكتسبات المهمة جدا، والتي تخصّ حياته المهنية إذا انقطع عن العمل أو كان له إشكال حول المهنة التي يقوم بها، وهذه التعاضدية – حسب فرقاني ـ تقوم بتغطية الفنان ماليا حتى لا يتكرّر ما حدث له في أزمة كورونا.
وفي حديثها عن آخر إحصائيات بطاقات الفنان، أوضحت فرقاني أنه، «تمّ إصدار أكثر من 2000 بطاقة فنان، ناهيك عن الطلبات التي تصلنا بشكل يومي ويتمّ دراستها، والآن مع الأرضية الرقمية الجديدة ستكون الأمور أكثر سهولة وأكثر شفافية للفنان حتى يتابع مسار هذه البطاقة أين وصلت، فمثلا عندما يكون الملف غير مكتمل بإمكان الفنان متابعة ذلك عبر المنصة وتدارك الأمر دون عناء التنقل».
وكشفت فرقاني عن جدول أعمال المجلس الوطني للآداب والفنون، وقالت: «خلال الجلسة الأخيرة على مستوى وزارة الثقافة والفنون انتهينا من مدونة المهن الفنية، لأنه في المرسوم الرئاسي لقانون الفنان أضيف مجالان اثنان وهما: فنون الشارع والفنون الرقمية، وبناء على ذلك فقد أعدنا النظر وحيّنا مدونة المهن الفنية ووضعنا كل المهن، كما تمّ إضافة إداريي وتقنيي الأعمال الفنية، وستوضع على المنصة ليعرف الفنان المهنة التي تمثله، والخطوة القادمة، إن شاء الله، هي مرحلة الاستشراف ماذا نقدم على المدى الطويل من إنجازات».
الفنان والمنشد محمد زوكاني: أخيرا تنفّس الفنانون الصعـداء
أكد المنشد والفنان محمد زوكاني لـ»الشعب»، على أهمية ومكانة الفنان والفن لدى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من خلال ما تضمّنه القانون الأساسي للفنان، من مكاسب مهمّة طالما حٌرم منها فنانو الوطن، الأمر الذي فرض عليهم المعاناة، رغم ما يقدمونه من إبداعات راقية الثقافة الجزائرية، بفضل العناية التي يحظون بها من قبل رئيس الجمهورية.
ثمّن الموزع الموسيقي محمد زوكاني، محتوى قانون الفنان، ووصفه بـ«المكسب المهم لكل الفنانين الجزائريين بمختلف توجهاتهم الفنية، خاصة وأنه ركز بالدرجة الأولى على الشقّ الاجتماعي للفنانين الذي تضمّن العديد من الحقوق بدءا من اعتبار الفن كمهنة مقنّنة يمكن من خلالها الفنان الانتساب مباشرة إلى مصالح الضمان الاجتماعي، ما يضمن له الرعاية الصحية والعديد من الحقوق والحياة والعيش الكريمين، كما يضمن له حقوقه في المستقبل من خلال تحصله على التقاعد، والأولويات التي يكتسبها من خلال مهنته، كونه فعلا واجهة الجزائر وممثلها في المحافل الدولية.
وقال الفنان الأكاديمي محمد زوكاني، في السياق، إن القانون الجديد يُعتبر إضافة مهمة تمكّن الفنان من الارتقاء بالفن الجزائري إلى العالمية، بعد أن ضمن حقوقه التي لطالما سعى للحصول ولو على القليل منها.
وفي سياق آخر، أعرب المتحدث عن أمله في مواصلة تحسين وضعية الفن والفنان في الوطن، من خلال تثمين المكتسبات والعمل على تدارك النقائص في المستقبل، على غرار تخصيص التفاتة خاصة بفناني الجنوب بصفة عامة، والأهقار بصفة خاصة، للخصوصية التي يتميزون بها، بدءا من الرقعة الجغرافية الواسعة المترامية الأطراف والبعيدة عن المصالح المركزية، واستدرك قائلا، إن المنصات الرقمية سهّلت الصعب، ووُضعت في متناول الفنانين ما يمكنّهم من تحقيق غاياتهم دون عناء..
وجدّد محمد زوكاني الحديث عن ارتياحه لقانون الفنان واستحسانه الكبير له، مُهنّئا كل الفنانين على المستوى المحلي والوطني بالمكسب الذي جاء ليؤكد على مكانة الفن والفنانين في الجزائر الجديدة.
الفنان والمخرج المسرحي حدو حسين: قانون الفنان.. محطة تاريخية غير مسبوقة
نوّه الممثل التلفزيوني والمخرج المسرحي، والمدير السابق للمسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي وزو، حدو حسين، بأحكام القانون الأساسي للفنان، معتبرا أنه خطوة تاريخية للارتقاء بالفن في بلادنا ومبادرة أولى في تاريخ الجزائر، فقد التزم رئيس الجمهورية بتأطير العمل الفني، ومنحه الأدوات التي تكفل له القيام بواجباته دون تضييع حقوقه.. وأوفى بالتزامه..
حدو حسين، وفي تصريح مع «الشعب» تحدّث عن جهود وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي التي عملت بالتنسيق مع السلطات العليا للبلاد على صدور هذا القانون، من خلال تنظيم ورشات على مستوى الوزارة الوصية، وذلك بدعوة مختصين في المجال الفني وإشراك الفاعلين في محاولة منها لإدراج مختلف الفنون، والحرص على الانتقال بها إلى واقع الإنتاج والإسهام في البناء الوطني وفق رؤية الرئيس تبون.
الفنان حدو حسين، أكد أنهم كفنانين وجب عليهم الاطلاع على محتوى القانون للتعرف عليه، وما جاء به لصالح الفنان، مشيرا إلى أن القانون يمثل مكسبا كبيرا وقفزة نوعية في قطاع الفن، وأضاف أن وجود هذا القانون يتيح الفرصة للتغيير وتدارك النقائص، وذلك من خلال توسيع رقعة المشاركين والمختصين في القرارات التي تخصّ الفنانين لتقديم إضافات تخدم القانون، مشيدا بالمجهودات التي بذلت لصدور القانون الذي رأى فيه تعبيرا عن رؤية سياسية رشيدة، ومنهج قويم اختاره رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تجسّدت في هذا القانون الذي رأى النور بعد عقود من العمل في ظروف صعبة للغاية.
محدثنا أكد أن قانون الفنان يمثل إضافة راقية، فهو يحتوي على العديد من المكتسبات، حيث أدرج تصنيفات جديدة للفنون على غرار مسرح الشارع.. ناهيك عن المكتسبات «السوسيو مهنية» للفنان، ومنه – يضيف حسين حدو – جاء إمضاء اتفاقية تعاون مع التعاضدية الوطنية للفنانين، ما سيفتح آفاق جديدة للفنان تسمح له بالوصول إلى مختلف وسائل الإعلام البصرية والسمعية «الإذاعة والتلفزيون»، إلى جانب التكفل بالجانب الصحي، ناهيك عن تقديم المساعدة له عند الحاجة إليها، كما يتوفر هذا القانون على عدة مكتسبات، حيث وضع رئيس الجمهورية حجر الأساس لتشييد مركز خاص لعلاج الفنانين، إلى جانب إعادة النظر في قانون التعاونيات الثقافية، والحصول على بطاقة الفنان عن طريق الانترنيت، وهي تسهيلات تخفف من معاناة الفنانين في الحصول عليها عبر أرضية رقمية، إضافة إلى المدينة السينمائية، المعهد العالي الوطني للسينما.. كلها مكاسب يشهد لرئيس الجمهورية في تجسيدها على أرض الواقع خدمة للفن والإبداع والفنانين.
وفي السياق، أضاف حدو أن هناك إرادة حقيقية من طرف رئيس الجمهورية والوزارة الوصية لترقية الفن والإبداع، وذلك من خلال الاهتمام بميدان الصناعة السينماتوغرافية التي تعتبر سلاحا وواجهة للأمم، مؤكد أن الاستثمار في هذا الجانب مهم جدا بالنسبة للواقعين الاقتصادي والاجتماعي معا، كما أنه يمثل جدار صدّ لكل الأفكار الدخلية التي قد تتسلّل إلى واقعنا الخاص ولا تلائمه.
حدو حسين الممثل التلفزيوني والمخرج المسرحي، وصاحب العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية، أشاد بقرار رئيس الجمهورية في اهتمامه بالفن والإبداع في بلادنا، وذلك من خلال صدور قانون الفنان الذي اعتبره مكسبا وتعبيرا عن إرادة في الارتقاء بهذا القطاع.
الدكتور خالد بن طوبال: قانون الفنان أرضية صلبة لتأسيس نقابات مهنية
يرى الدكتور خالد بن طوبال، أنه من الجميل أن تسنّ الدولة الجزائرية قانونا خاصا بالفنان الجزائري بعد سنوات عجاف، شهدت التردي الفني سواء على مستوى الإنتاج أو على مستوى حقوق الفنان. .وقال إن القانون قد يكون اللبنة الأولى لتأسيس نقابة المهن الفنية بكل فروعها..
وأشار بن طوبال إلى أن العديد من التجارب العالمية التي كانت سبّاقة إلى تأطير الواقع الفني، وأوضح أن قانون الفنان الجديد يعمل على تحصين الفنان اجتماعيا، وعليه يمكن للفنان أن يساهم في إثراء المشهد الثقافي بطريقة أكثر احترافية.
ولفت خالد بن طوبال، إلى أن المجلس الوطني للفنون والآداب عمل على صدور هذا المرسوم في السنة الفارطة، ما سيساعد على تحيين مختلف المهن الفنية التي يشملها القانون الجديد والذي يعد من اهتمامات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون.
وبموجب هذا القانون – يقول المتحدث – يستفيد الفنان الجزائري وكذا التقنيون والإداريون من بطاقة فنان، الإبداع الفكري، ممارسة النشاط الفني بكل حرية في ظلّ احترام التشريع والتنظيم المعمول بهما، الحصول على عقود فنية، الحصول على مقابل نشاط فني، الضمان الاجتماعي والتقاعد، والاستفادة من عقد تأمين تكميلي يغطي المخاطر الاستثنائية التي قد يتعرض لها الفنان في إطار ممارسة نشاطه الفني.