خصّصت السلطات العمومية في الأعوام الأربعة الماضية، ميزانيات ضخمة للعمل على تحديث وتطوير خريطة الطرق والجسور والأنفاق عبر الولايات، كلفت الخزينة العمومية آلاف الملايير من الدينارات، بالنظر إلى أهميتها القصوى لوتيرة البناء والتعمير ووصل الأقاليم، ودورها الأساسي في تحريك عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد.
ملف: سفيان حشيفة وكمال زقاي وبراهمية مسعودة وغانية زيوي وعلي عويشر وإيمان كافي
عكفت الدولة خلال الأعوام الفارطة على إنجاز كثير من مشاريع الطرقات عبر الولايات الثماني والخمسين، وقد أعلنت الحكومة في السداسي الثاني سنة 2023م، عن اكتمال انجاز الطريق السيار شرق ـ غرب، الذي يبدأ من أقصى مناطق البلاد الغربية ويصل حدودها الشرقية مع دولة تونس الشقيقة بطول 1216 كلم، حيث جرى تدشين آخر مقطع منه بولاية الطارف على مسافة 84 كلم.
وبذلك يُمَهِّد الانتهاء من تشييد هذا الطريق الاستراتيجي إلى وصل البلاد بشبكة الطرق الرئيسية بدولة تونس ثم ليبيا، والدفع نحو انتعاش الاقتصاد الوطني بشكل مستدام، والنهوض بقطاع السياحة الساحلية والسهبية، وترقية التجارة الداخلية والخارجية، وأكثر من هذا يمكن لهذا الطريق أن يخلق العديد من الفرص لتنمية البلديات والقرى الواقعة بمحاذاته على طول أزيد من 1200 كلم شرقا وغربا، وكذا تسهيل حركة المرور بصفة عامة بين الولايات التي يعبرها لا سيما بمحاور الوسط ناحية عاصمة الوطن.
من جهة أخرى، يُمثِّل الطريق السيار “شمال -جنوب”، الذي يعبر ولايات البليدة والمدية والجلفة والأغواط وغرداية والمنيعة إلى غاية تمنغست، مكسبا هاما للتنمية في الجنوب الكبير، وشريانا اقتصاديا مستقبليا للبلاد نحو عمق القارة الإفريقية، حيث جرى انجاز وتدشين عدة أشطر منه بالولايات المعنية بتجسيده.
وتكمن أهمية هذا الطريق المحوري جاري التنفيذ في ربط عاصمة البلاد السياسية بالأقاليم الجنوبية ثمّ نحو أقصى الحدود مع مالي والنيجر، خاصة مع تحوّل ولايات الجنوب كالمنعية وأدرار وتميمون إلى أقطاب فلاحية كبرى في إنتاج المحاصيل الاستراتيجية ويُنتظر منها أن تساهم في عجلة نمو الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي.
علاوة على ذلك، تمتلك الجزائر شبكة طرقات وطنية وولائية وبلدية كبرى، تسعى باستمرار إلى صيانتها وتحيينها بإدراج مشاريع جديدة حسب الأولويات، في إطار تحسين الخارطة الوطنية للطرق واختصار المسافات بين مدن وأقاليم الوطن.
الطرق.. نظرة استشرافية بأبعاد اقتصاديـة
شهدت البنى التحتية في الجزائر تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة بفضل جملة المشاريع التي حملتها المخططات التنموية التي سطّرتها الحكومة في مختلف البرامج التنموية الموجهة خصيصا لتنمية مناطق الوطن وربطها بشبكة الطرقات الحديثة والعصرية كان من أهمها الطريق السيار شرق ـ غرب الذي يعد من أهم المكاسب التي تحقّقت بفضل هذه الرؤية المستقبلية، وكذا طريق الوحدة الافريقية شمال جنوب التي فتحت آفاقا اقتصادية واجتماعية هامة لشعوب المنطقة والمساهمة في رفع وتيرة التبادلات التجارية وفتح أسواق جديدة بفضل هذه الشبكة التي ساهمت أيضا في ربط موانئ الشحن الكبرى بشمال الوطن التي تعتبر بوابة لإفريقيا والعالم..
تعتبر شبكة الطرقات شريان الحياة الاقتصادية والاجتماعية في أي بلد أو مجتمع وبدونها لا نجد للحركية التنموية أثرا خصوصا في الوقت الحالي الذي يعرف فيه العالم تحولات كبيرة ومتسارعة زادت من أهمية حركة النقل بكل قنواتها سواء البحرية، الجوية أو عبر الطرقات والسكك الحديدية لتقريب المسافات الجغرافيا واختزال الزمن كعامل أساسي لكسب معادلة التنمية، وعليه أعطت الجزائر أهمية خاصة لهذا القطاع من خلال تخصيص وتسجيل برامج ومشاريع هامة لتطوير وعصرنة هذه الشبكة وتنويعها أيضا لكسب المعركة الاقتصادية ومرافقة المشاريع الاستثمارية الهامة خصوصا بولايات الجنوب الكبير ومنها مشروع استغلال منجم غار جبيلات.
وعليه حظي قطاع الأشغال العمومية باهتمام خاص في البرامج والمخططات الحكومية من أجل تجسيد هذه الرؤية والمساهمة في تطوير وعصرنة الشبكة عبر كل ولايات الوطن ومنها ولاية بومرداس التي استفادت في الفترة الأخيرة من عدة عمليات ومشاريع لفتح وتجديد الطرقات الوطنية، الولائية والبلدية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة والمساهمة في فكّ العزلة على المناطق النائية والجبلية في إطار القضاء على ما كان يسمى مناطق الظل لتحسين الظروف المعيشية للمواطن وتسهيل حركة التنقل، وأيضا تشجيع ومرافقة حاملي المشاريع الاستثمارية الذين استفادوا من عقار صناعي بالمناطق الصناعية ومناطق النشاطات المصغّرة بالبلديات التي كانت تعاني سابقا من ضعف البنى التحتية وتدهور كبير لشبكة الطرقات ما أفقدها الكثير من المزايا الاقتصادية والتنموية.
في هذا الإطار شهدت ولاية بومرداس عدة مكاسب في هذا المجال كان آخرها وضع حيز الخدمة للطريق الاجتنابي الرابط بين قورصو اتجاه الصغيرات مرورا ببلدية تيجلابين على مسافة 15 كلم، حيث أشرف وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية لخضر رخروخ على تدشين المقطع الهام الذي جاء لفكّ الخناق على مركز المدينة التي تعرف حركية كبيرة خلال موسم الاصطياف، وأيضا ربط أجزاء الولاية ببعضها وبالولايات المجاورة بعدما تحولت الولاية إلى منطقة عبور هامة وقطب اقتصادي واعد بفضل مشروع المنطقة الصناعية ببلدية الأربعطاش التي تعتبر من أكبر وأهم المناطق على المستوى الوطني، في انتظار تجسيد مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 24 والطريق الوطني رقم 25 باتجاه ولاية تيزي وزو التي يتوقف عليها نجاح مشروع توسعة الميناء التجاري لدلس المسجل للإنجاز ضمن هذه المقاربة الاقتصادية المتكاملة.
كما يشهد مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 68 الرابط بين برج منايل وبلدية رأس جنات وتيرة متسارعة في الانجاز لتسليمه قريبا، حيث يعتبر كذلك من المحاور الهامة التي ستساهم في تحسين حركة التنقل وربط المنطقة بالطريق الوطني رقم 12، ودعم الحركية التنمية التي تعرفها هذه البلدية الساحلية التي استفادت من مشاريع استثمارية هامة منها مشروع محطة تحلية مياه البحر ومحطة انتاج الطاقة الكهربائية مع تدفق عشرات المصطافين على شواطئها من مختلف الولايات المجاورة التي تسلك هذا المحور، إلى جانب باقي المشاريع الأخرى التي استفادت منها جل البلديات من خميس الخشنة إلى اعفير شرقا مع التركيز أكثر على الطرق الولائية والبلدية التي تدعّمت بأشغال تهيئة وصيانة مع فتح مسالك لربط القرى والتجمعات السكنية النائية.
ويمكن الاشارة في الأخير إلى أهمية عامل الصيانة الذي يعتبر من العوامل الاساسية لاستدامة شبكة الطرقات ونجاح المشاريع الجديدة التي كلفت الملايير، وهي النقطة الأساسية التي تطرّق إليها وزير الاشغال العمومية لدى حديثه على أهمية هذه المكاسب التي تدعّم بها قطاع الأشغال العمومية في إطار دعم وتطوير البنى التحتية بتأكيده “أن شبكة الطرقات بالجزائر عرفت توسعا كبيرا تعدت 144 الف كلم في اطار مواكبة الحركية الاقتصادية، الديمغرافية والاجتماعية التي تعرفها بلادنا، لكن يبقى عامل الصيانة مهم جدا للحفاظ على هذه المكاسب واستدامتها، وعليه أبدت السلطات العمومية والوزارة الوصية اهتماما خاصا بهذا الجانب من خلال الحرص على تخصيص نسبة لا تقل عن 10 بالمائة من الميزانية السنوية للقيام بأشغال الصيانة في حدود القدرات المالية المتاحة”.
شبكة طرق غرب البلاد.. نهضة غـير مسبوقـة
وهران واحدة من المدن الرائدة، من حيث جودة الطرق وسلاستها، وهذا ما يجعلها وجهة مفضلة للاستثمار والسياحة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، بما يمنحنا الحافز لمواصلة الجهود من أجل المحافظة على هذه المكانة، وتعزيز القدرات على مواكبة التحديات الآنية واستشرف المستقبل.
بشكل متسارع، وعلى كافة الأصعدة، تسابق عاصمة الغرب الجزائري، وهران، الزمن، وتكثّف جهودها في مجال تطوير البنى التحتية الأساسية لقطاع الأشغال العمومية، وخاصة شبكة الطرقات، باعتبارها الشريان الرئيسي والعمود الفقري لاستراتيجيات وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي بلد.
وينظر إلى وهران، على أنها الأكثر حظا فيما يتعلق بجملة المشاريع الكبرى المنجزة في إطار الاستعدادات لاحتضان الطبعة الـ19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط في صائفة 2022، وبعدها الألعاب العربية، بما في ذلك رفع كفاءة الطرق وإنجاز مطار دولي ثاني وتعزيز التنقل السريع والمريح، وغيرها من الاستثمارات الهامة، التي تركت آثارا إيجابية، طويلة الأمد، لا ينكرها إلا جاحد.
تعبيد 110 كلم من الطرق في 5 سنوات
وتشهد ثاني أكبر المدن الجزائرية، وأهمها على الصعيد الاقتصادي والتجاري، نهضة حقيقية وتقدما هائلا ومتسارعا في مجال تحديث وتطوير شبكة الطرقات؛ حيث تمكنت في ظرف السنوات الخمس الأخيرة من تعبيد ما يزيد عن 110 كلم من الطرق بمختلف أصنافها، حسبما أكده المدير الولائي للأشغال العمومية، مجدوب عبد الله.
واعتبر السيد مجدوب في تصريح لـ«الشعب”، أن (وهران، تتصدّر الريادة وطنيا من حيث الجودة، والالتزام بالمواصفات الفنية لضمان الاستدامة)، مقدّرا طول شبكتها الطرقية حاليا بـ1118 كلم، والتي تعتبر في أحسن حالة إجمالا، وتشمل: 260 كلم من الطرق الوطنية و567 كلم من الطرق الولائية و500 من الطرق البلدية، و18.08 كلم طرقات سيارة.
وذكر أن (69 بالمائة من الطرق الوطنية، تعتبر بحالة جيدة، مقابل 15 بالمائة في حالة متوسطة و16 بالمائة في حالة ضعيفة أو سيئة، فيما أن 91 بالمائة من الطرق الولائية في حالة جيدة و05 في حالة متوسطة و04 بالمائة ضعيفة أو سيئة، أما الطرق البلدية فمعظمها في حالة جيدة، ما عدا 2 بالمائة في حالة سيئة).
مشاريع استراتيجية، مقترحات ودراسات كبرى للحفاظ على مكانتها
وتطرّق في سياق متصل إلى عديد المشاريع الهامة، التي من شأنها التقليل من مشكل الازدحام المروري ورفع مستوى السلامة المرورية، خاصة في فترة الاصطياف والمناسبات، منها ما هو قيد الإنجاز أو الدراسة، وأخرى دخلت حيز الاستغلال، وذلك تماشيا وتوجهات الولاية نحو التطوير والتحديث والعصرنة، لتكريس التنمية بمختلف أبعادها ومستواياتها، وفق تعبيره.
ومن أبرز الإنجازات الكبرى، المحققة 2020-2024، يضيف المسؤول التنفيذي، فتح الطريق الدائري الجنوبي الثاني، الذي يربط بين بلدية الكرمة، جنوبي الولاية ومنطقة بلقايد التي تحتضن أكبر قطب سكني بالجهة الشرقية على مسافة 21 كلم، كانت كفيلة بإضفاء سيولة على حركة المرور وتعزيز التنقل السريع والمريح للمواطنين والبضائع، يضيف المتحدث ذاته.
وفي سياق متصل، أشار إلى فتح الشطر الأول من الطريق السريع الرابط بين ميناء وهران، والطريق الدائري الجنوبي الأول عند مفترق طرق “كناستيل” على مسافة 08 كلم، مجهزة بعدة منشآت فنية كبرى، وذلك في انتظار استكمال الشطر الثاني لربطه بالطريق السيار شرق-غرب على مسافة 18 كلم.
واعتبر أن (هذا المشروع الضخم، الذي تمّ استلامه مؤخرا، استثمارا استراتيجيا لتحسين الترابط بين الشبكات البرية والبحرية، كغاية ووسيلة لتعزيز التنمية الاقتصادية للمنطقة، فضلا عن تخفيف الازدحام على عديد الطرق وتسريع حركة البضائع والركاب بين موانئ الغرب الجزائري والشبكة الطرقية الوطنية).
ولفت أيضا إلى (تنصيب المؤسسة المكلفة بأشغال إنجاز نفق أرضي بالمحور الدوراني “ المشتلة”، على أن تنطلق الأشغال-التي حدّدت مدتها بـ 10 أشهر- في أواخر شهر سبتمبر المقبل)، مبرزا (أهميته البالغة في القضاء على هذه النقطة السوداء، المعروفة بتقاطع الأنهج الرئيسية، حيث المنفذ الشرقي للولاية، الذي يشهد حركة كثيفة للمركبات والراجلين طيلة اليوم).
وذكر أيضا بمزايا الطريق، الذي تمّ فتحه مؤخرا على مسافة 500 متر من المحور الدوراني “الصديقية”، حتى حي العقيد لطفي، لكونه يقع بمحاذاة الحديقة الجديدة، التي تُعد أكبر فضاء بيئي أخضر بالولاية، تمّ استلامه مؤخرا، وهو ما يضمن المرور مباشرة إلى حي العقيد لطفي، دون المرور بالمحور الدوراني، والميزة الأخرى، أنه تمّ بالموازاة، إنشاء حظيرة لركن المركبات، بجانب المنتزه، تتسع لـ500 سيارة.
ومن بين المشاريع، التي دخلت حيز الاستغلال موسم الاصطياف الجاري، لتسهيل الولوج للشواطئ، وإعطائها طبعا جماليا، تزفيت قرابة 7 كلم من الطريق الولائي 21، وبالضبط الشطر الرابط بين شاطئ الأندلسيات ومداغ بغرب الولاية، ناهيك عن إعادة تهيئة الطريق الولائي رقم 84، الذي شهد عملية تكسية على مسافة 7 كلم من المحور الدوراني “الدلفين” ببلدية عين الترك، حتى الأندلسيات.
كما أعلن عن قرب انطلاق أشغال تعبيد الطريقين الوطنيين، رقم 2 من مدخل بلدية مسرغين إلى حي بن عربة محي الدين “الروشي سابقا” بمندوبية بوعمامة، التابعة إداريا لبلدية وهران على مسافة 11 كلم، وكذا الطريق الوطني رقم 11 إلى غاية سوق الجملة الخضر والفواكه، وتحديدا بالسد الثابت للدرك الوطني ببلدية الكرمة.
ووفقا للمصدر ذاته، فقد برمجت مديرية الأشغال العمومية في غضون 2024، عمليات أخرى مهمة لإعادة تهيئة الطرقات الولائية (35، 82، 46، 41، 47) وذلك بمعدل 30 كلم، مصنّفة ضمن المقاطع السوداء، بما يعكس التزام الحكومة الجزائرية بتحسين البنية التحتية وتلبية احتياجات المواطنين والاقتصاد الوطني.
الطريق السيّار.. حلقة وصل بين غرب الجزائر وشرقها
شكّل الطريق السريع شرق ـ غرب حلقة وصل بين غرب الجزائر وشرقها ما ساهم في خلق ديناميكية اقتصادية كبيرة ورفع من حجم المبادلات التجارية، كما قضى على الاكتظاظ المروري ومنح سيولة أكبر لحركة الشاحنات، بجانب ضمان انسيابية تنقل الأشخاص وبالتالي تطوير الاقتصاد المحلي.
تعزّزت مختلف ولايات الجهة الغربية بشبكة طرقات جديدة وعصرية إلى جانب أشغال تهيئة وصيانة واسعة عبر مختلف الولايات خاصة بالمناطق الريفية والمعزولة، ما ساهم في تحسين الوجه الجمالي لمداخل البلديات وتسهيل حركة المرور، فضلا عن فكّ العزلة عن المناطق النائية والبعيدة ورفع الغبن عن ساكنتها.
هذا وساهم الطريق الرابط بين ميناء مستغانم وولاية غليزان في خلق ديناميكية جديدة اقتصادية تجارية، لا سيما وأنه يربط الميناء التجاري لمستغانم بالطريق السيار شرق-غرب، والذي يمتد على مسافة 61 كلم.
كما استفادت ولاية مستغانم من برنامج خاص بصيانة الطرقات لسنة 2024، بتخصيص غلاف مالي يقدّر بـ192 مليار سنتيم موزعة على 30 مليار سنتيم للولاية منها و130 مليار سنتيم لصيانة طرقات البلدية، حسب المديرية المحلية للأشغال العمومية.
وأوضح مدير القطاع، محمد سليماني بأن هذا البرنامج الهام على وشكّ الانطلاق بالنظر إلى حالة الطرقات التي تعرفها الولاية والتي تُعدّ في مجملها جيدة وأن نسبة قليلة منها سيئة للغاية بحاجة إلى صيانة.
وفي هذا الصدد أشار المدير، إلى نسبة 92 في المائة من وضعية الطرق الوطنية بالولاية جيدة و8 في المائة منها مهترئة، فيما تعرف الطرق الولائية نسبة 83 في المائة جيدة والباقي منها سيئة، في حين تسجّل 89 في المائة من طرقات البلدية في حالة حسنة و11 في المائة مهترئة.
وكشف محمد سليماني عن تسجيل بعض المشاريع في انتظار الحصول على التمويل من الوزارة الوصية منها إنجاز نفق سفلي على مستوى المدخل الشرقي للولاية وبالضبط عند منطقة سيدي العجال، وكذا مشروع ازدواجية الطرق الوطنية 11 و17 و17ا و17 ب و23 ودراسات منجزة منذ 4 سنوات.
للإشارة، تحتوي ولاية مستغانم على شبكة تقدر بـ 382 كيلومتر من الطرق الوطنية و654 كيلومتر من الطرق الولائية و1317 من الطرق البلدية إلى جانب 19 كلم من الطرق غير المصنّفة، فضلا عن 2 كلم من الطرق شرق ـغرب المار على منطقة الغمري ببلدية بوقيرات.
الطرق والمنشآت اللوجستية.. كلمة سرّ التنمية المستدامة
أماطت السلطات العليا في السنوات الأخيرة اللثام عن مشاريع استراتيجية تهدف إلى فكّ العزلة عن المناطق النائية وربط المدن بعضها ببعض، عبر شبكة طُرقية خُصّصت لها مبالغ مالية معتبرة. هذه المشاريع النوعية، شملت إنجاز وإعادة الاعتبار للطرقات عبر كامل التراب الوطني بعد أن طالها التجميد لسنوات، مدفوعة برؤية استشرافية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الذي أولى عناية خاصة للشبكة الطُرقية في البلاد باعتبارها ركيزة أساسية لنجاح الإقلاع الاقتصادي المنشود.
يكتسي الاقلاع الاقتصادي الذي نظّر له ووضع أسسه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أهمية بالغة لدى السلطات العليا، حيث احتل حيزاً هاماً من الرؤية الاقتصادية لرئيس الجمهورية، من خلال توجيه المشاريع الإنمائية ومشاريع البنية التحتية لتلائم هذا النهج الاقتصادي الجديد.
وقد حُظيت مشاريع الطرقات في الجزائر باهتمام بالغ من طرف السلطات العليا بالبلاد، من منطلق أهميتها في تعزيز التنمية الاقتصادية وتسريع معدل النمو في العديد من المناطق المعزولة، إلى جانب ذلك، تبرز أهمية هذه المشاريع كضرورة ومُحفّز للحدّ من تكاليف الاستثمار والخفض من تضخّم أسعار السلع خاصة في ولايات الجنوب الكبير.
لم تتوقّف جهود الدولة عند هذا الحدّ، بل سارعت إلى تدعيم الطرقات المُنشأة حديثاً ببنى تحتية تعزّز من كفاءتها وتُطيل من عمرها الافتراضي، عبر توزيع مراكز الصيانة التابعة لمديريات الأشغال العمومية بكل ولايات الوطن عبر كافة الطرقات، وتوفير الطاقم البشري والمعدات اللازمة لإجراء عمليات الصيانة في حينها
من جهة أخرى، عكفت السلطات المحلية عبر التراب الوطني إلى إعادة ضبط خارطة توزيع محطات خدمات نفطال بما يتلاءم ورغبات مرتادي الطرقات الوطنية والولائية، وتدعيم هذه المحطات بمراكز لراحة المسافرين ومراكز متقدمة للحماية المدنية.
هذا الاهتمام البالغ بالطرقات والبنى التحتية واللوجستية التابعة لها عبر المستوى الوطني، لا يمكن اعتباره إلا أداة أخرى من أدوات تقليص الهوة والفوارق الاجتماعية بين مختلف مناطق الوطن، وهو التزام آخر قطعه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في حملته الانتخابية، حيث التزم بتوزيع التنمية بالتساوي على كل المناطق، فعُبِّدَت الطرقات وشُيّدت الجسور وامتدت خطوط السكك الحديدية لتلامس جبال تمنراست في الجنوب الشرقي، وأودية غار الجبيلات في أقصى الجنوب الغربي على مرمى حجر من الحدود الموريتانية.
واليوم، وقد حقّقت الجزائر مؤشرات خضراء على جميع الأصعدة، اقتصادياً، تجارياً اجتماعياً وديبلوماسياً، لم يعُد في ذهن عاقل بقيةٌ من شكّ بأن الرؤية الاقتصادية التي جاء بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون تشكّل الحلقة الأخيرة من عقد القضية، وبأن الجزائر تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها التنموية بسواعد أبنائها، معزّزةً قوتها الاقتصادية بشبكة طُرقية ولوجستية قوية.
مخطط ولائي لصيانة كل الطرق
شهدت مدينة تندوف مطلع العام الجاري انطلاق مخطّط ولائي ضخم يهدف إلى تهيئة العديد من الشوارع وإعادة الاعتبار لها بعد تدهور حالة الطرقات نتيجة أشغال الربط بمختلف الشبكات، وتخلّف مؤسسات الانجاز عن إعادة الشوارع لحالتها الأصلية.
وتضمّن المخطّط 09 عمليات تخصُّ صيانة طرقات الولاية، من بينها صيانة الطريق الوطني رقم 50 على مسافة 14 كلم بغلاف مالي قدره 199 مليون دينار، إلى جانب تعبيد بالخرسانة الزفتية للطريق الوطني رقم 50 على مسافة 05 كلم بغلاف مالي قدره 94.8 مليون دينار.
واشتمل المخطّط كذلك على عملية أخرى سيتمّ من خلالها تعبيد بالخرسانة الزفتية للطريق الوطني رقم 50 على مسافة 11.5 كلم بغلاف 175.7 مليون دينار، وصيانة طريق بلدي بقرية حاسي خبي على مسافة 10 كلم، وآخر على مسافة 05 كلم بغلاف قارب 52 مليون دينار.
وستشمل عمليات الصيانة وإعادة الاعتبار لطرقات الولاية، صيانة 05 كلم من طريق بلدي استعداداً لترقيته إلى طريق وطني، وهو الذي سيُربط مستقبلاً بطريق تندوف الزويرات الموريتانية.
”متمسّكون بتحقيق أهداف التنمية والتكامل القاري”
أعرب رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، قبل أشهر، عن تمسّك الجزائر بتحقيق أهداف التنمية والتكامل القاري، وتأتي خطوة رئيس الجمهورية في إطار العمل على تعزيز التكامل الاقتصادي جنوب-جنوب وتقوية الروابط الاقتصادية بين الجزائر وجوارها الافريقي، في إطار رؤية استراتيجية أكبر تندرج في إطار المساعي الرامية الى عودة الجزائر الى عُمقها الافريقي، اقتصادياً، تجارياً وثقافياً.
وقد ارتكزت رؤية رئيس الجمهورية في هذا المجال على تحسين البنية التحتية خاصة ما تعلّق منها بالطرقات، بالإضافة لدعوته إلى إشراك الصناديق الوطنية والقارية في تمويل وتطوير الشبكة الطُرقية وتعزيز قدرة الشركات الوطنية على المنافسة.
يُشكّل الطريق الرابط بين تندوف والزويرات الموريتانية على مسافة 730 كلم والتي تموّله الجزائر، والطريق السيّار الرابط بين الجزائر ولاغوس العابر للنيجر، والذي تموّله الجزائر هو الآخر في إطار مبادرة نيباد للتنمية بإفريقيا، من بين المشاريع الهامة التي ستنقل المناطق المتاخمة لهاتين الطريقين من واقعها الحالي الهشّ إلى مناطق جاذبة للاستثمار، كما ستعمل هذه الطرقات حال الانتهاء من إنجازها، على كبح جماح المهرّبين والقضاء على الجريمة المنظمة العابرة للحدود، بالإضافة إلى إسهام هذه المشاريع في تنمية المناطق الحدودية في كل من الجزائر، موريتانيا والنيجر.
إلى جانب ذلك، تسعى الجزائر من خلال مدّ جسور التنمية إلى دول الساحل والصحراء وإنجاز طرقات ستشكّل مستقبلاً شريان حياة المناطق المتاخمة لها، إلى إحداث طفرة تنموية بالمناطق التي تشهد انفلاتاً أمنياً وانتشاراً لبؤر الإجرام، وهي المقاربة التي لطالما دعا إليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ليقينه التام بأن “التنمية المستدامة” هي كلمة السر لاستقرار هذه المناطق.
وفي ذات السياق، كُلّلت زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ونظيره الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى ولاية تندوف مطلع العام الجاري، بوضع حجر الأساس للانطلاق في إنجاز طريق تندوف الزويرات وهي خطوة أخرى تؤكد نيّة البلدين على تطوير العلاقات البينية بينها، ولبنة أخرى تُضاف إلى مسار تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين الجارين بعد عقود من غلق الحدود.
نماءٌ يتخطى الحدود
يُعدُّ طريق تندوف-الزويرات التي انطلقت أشغال إنجازه من المعبر الحدودي مصطفى بن بولعيد عند النقطة الكيلومترية 75 جنوب مدينة تندوف باتجاه مدينة الزويرات الموريتانية على مسافة 730 كلم، مشروعاً استراتيجياً للدولة الجزائرية، ويحمل هذا المشروع أبعاداً اجتماعية، اقتصادية، تجارية، ثقافية وأمنية لكلا البلدين الجارين.
أشغال الانجاز التي انطلقت بالفعل بُعَيد الزيارة التاريخية لرئيسَي البلدين إلى ولاية تندوف شهر فيفري المنصرم، أوكلت لمجمّع مؤسسات عمومية تترأسهم شركة كوسيدار، وهو مشروع ينقسم إلى جزئين، يبلغ طول أولهما 320 كلم ستنتهي به الأشغال في غضون 30 شهراً، في حين ستنتهي الأشغال بكامل المشروع في آجال تعاقدية تبلغ 40 شهراً.
تُشكّل طريق تندوف الزويرات تجسيداً حقيقياً لرؤية رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الرامية إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الافريقية، حيث سيصبح بمقدور الجزائر الوصول إلى الواجهة الشرقية للمحيط الأطلسي وتقليص مدة وصول السلع الجزائرية إلى الموانئ الموريتانية إلى 12 ساعة بدل 06 أيام عن طريق النقل البحري.
وفي المقابل، سيتمكّن التجّار الموريتانيون من خلال هذه الطريق من الوصول إلى الواجهة البحرية للمتوسط واستغلال الموانئ والمنشآت القاعدية الجزائرية للوصول بمنتجاتهم إلى أسواق أوروبا وباقي حوض المتوسط، وهي عملية حسابية بسيطة مبنية على معادلة رابح-رابح التي تعتمدها السلطات الجزائرية في كل تعاملاتها الاقتصادية.
طريق تندوف ـالزويرات الذي كان حلماً يراود سكان مدينتي تندوف والزويرات الموريتانية لعقود من الزمن، أصبح حقيقة ماثلة للعيان بفضل الرؤية الاقتصادية التي جاء بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، والقاضية بتنمية المناطق الحدودية للبلدين الشقيقين ومدّ جسور التواصل مع العمق الافريقي.
هذا المشروع الذي يُعد أكبر مشروع إنشائي للجزائر خارج حدودها منذ الاستقلال، أوكلت مهمة إنجازه لمجمّع شركات وطنية كبرى برئاسة شركة كوسيدار، شرعت في إنجاز الطريق الرابط بين المعبر الحدودي البري مصطفى بن بولعيد ومدينة الزويرات الموريتانية على مسافة تقدر بـ730 كلم.
الطرق السريعة.. ثورة اقتصادية وتعزيز الوحدة الوطنية
تعتبر المشاريع التنموية المنجزة والتي في طور الإنجاز، أحد العوامل المهمة المساهمة في تطوير البنية التحتية، ومن بين أبرز هذه المشاريع، مشاريع إنجاز الطرق السريعة التي تشهدها الجزائر، والتي تُعدّ تدعيما لشبكة الطرقات، حيث تساهم في تقليص المسافات وفكّ العزلة عن الكثير من المناطق.
ذكر من جانبه الناشط الجمعوي محمد علي محجر أن شبكة الطرقات بالجزائر شهدت قفزة نوعية، من حيث تجديد وفتح وتوسعة شبكات الطرق، سواء الوطنية أو الولائية أو البلدية، حيث تشهد عدة ولايات عبر مختلف مناطق الوطن مشاريع هامة في هذا الإطار، خاصة وأن وزارة الأشغال العمومية وهي المعنية بهذا الشأن، رصدت مبلغ 289 مليار في سنة 2024، وهي موجهة خصيصا لتطوير الطرقات وصيانتها وتعزيز البنية التحتية للموانئ والسكك الحديدية والنقل الموجّه.
فضلا عن العديد من المشاريع المسجلة سابقا، والتي تهدف بالأساس إلى فكّ العزلة عن بعض المناطق النائية ومناطق الظل، وكذا الحدّ من الاختناق المروري الذي تشهده بعض الولايات، خاصة في منطقة الهضاب العليا، وكذلك تقليص المسافات بين الولايات وتوفير درجة أكبر من الأمان والحدّ من حوادث المرور وذلك بتوسيع شبكة الطرق المزدوجة.
وقدّم من جهته الأكاديمي والناشط الجمعوي جمال بن منين، مجموعة أفكار، مؤكدا من خلالها أن البنية التحتية وأهمها شبكة الطرقات، تعتبر محرّكا للتنمية الاقتصادية، حيث تُسهل حركة تنقل البضائع والأشخاص، ما يعزّز التجارة والنمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن شبكة الطرقات في الجزائر التي بلغت 141.5 ألف كلم، تعتبر معززة للخدمات اللوجستية وتسهّل عمليات التجارة.
واعتبر المتحدث أن هذه المشاريع من ناحية أخرى أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية، إذ تساعد في فكّ العزلة عن المناطق النائية وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة.
وبالنسبة لمناطق الظلّ وربطها بالطرق، فإن مشاريع الطرقات تعد عاملا إيجابيا، لاسيما في الجانب الصحي، بالإضافة إلى مساهمتها في فكّ العزلة عن المناطق النائية.