قرّرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تأهيل 32 عرض تكوين جديدا في الموسم الجامعي 2024-2025، في تحوّل شامل نحو نموذج تعليم عال يتخطّى الأدوار التقليدية للجامعة الجزائرية، ويدفعها إلى مواكبة التطور الصناعي والاقتصادي، بتكوين موارد بشرية مؤهلة حسب الطلب، في إطار الانتقال إلى جامعة الجيل الرابع التي تسعى إلى تحقيق المزيد من التقدم من خلال توسيع البرامج الأكاديمية عن طريق إنشاء تخصصات جديدة تلبي احتياجات السوق.
عروض التكوين الجديدة التي سيتعرّف عليها الطلبة في الموسم الجامعي الجديد، تشمل الترجمة، الهندسة المعمارية، علوم المادة، علوم الطبيعة والحياة، علوم وتكنولوجيا، كما تقرّر فتح خمسة عروض تكوين في تكنولوجية تصنيع السيارات ضمن شبكة موضوعاتية تشمل مجموعة من المؤسسات الجامعية، ويتعلق الأمر بالليسانس بجامعة بومرداس، جامعة باتنة 2، جامعة برج بوعريريج، جامعة العلوم والتكنولوجيا بوهران، دراسات مهندس بالمدارس الوطنية العليا المتعددة التقنيات الجزائر، وهران وقسنطينة، ليسانس في هندسة النسيج بجامعة غليزان، ليسانس في اللغة الصينية بجامعة الجزائر 2، في خطوة ترمي الوزارة الوصية من ورائها إلى دفع الجامعة إلى مواكبة التطور الصناعي والاقتصادي بتكوين موارد بشرية مؤهلة.
وعملت وزارة التعليم العالي منذ تولي رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون الحكم، في عهدته الأولى، على تحسين جودة التعليم بالتركيز على رفع المستوى من خلال مناهج دراسية مبتكرة تعتمد على أحدث التطورات العلمية والتكنولوجية، وتحقيق التحول الرقمي عن طريق إدماج التكنولوجيا في جميع جوانب التعليم، سواء في العملية التعليمية أو في الإدارة الجامعية، وكذا تشجيع البحث العلمي من خلال دعم البرامج البحثية وتعزيز التعاون بين الجامعات ومراكز البحث وقطاعات الصناعة.
ومن أهم مميزات الجيل الرابع من الجامعات، الاعتماد على الابتكار والتكنولوجيا، حيث يتم استخدام أدوات التعليم الحديثة مثل التعلم عن بعد، والتعلم الذاتي، والبرمجيات التعليمية التي تتيح للطلاب التفاعل مع المحتوى بشكل أفضل لضمان تعليم يمزج بين التكنولوجيا الحديثة وأساليب التعليم المرنة والحوكمة التقنية والبحثية، العلمية التقنية والاقتصادية.
توظيف التّقنيات الذّكية
تسعى وزارة التعليم العالي والبحث العالي في الدخول الجامعي الجديد إلى تحقيق هدف أساسي يتمثل في الانتقال من الجامعات التقليدية إلى جامعات الجيل الرابع، وقد شرع مديرو الجامعات المعنية بالانتقال منذ مدة، في الإجراءات والخطوات الفعلية لتحقيق هذا المسعى، وتمّ تكوين لجان موسّعة، وتوفير الإمكانات ضمن مقترحات عملية وجدول أعمال محكم بقصد توطيد المشروع الرقمي، علما أنّ الانتقال إلى جامعة الجيل الرابع يتطلّب توظيف التقنيات الذكاء الاصطناعي، وتجهيز قاعات التدريس بالتقنيات الرقمية الذكية، وتحسين جودة التعليم المتميز بالإبداع والابتكار من خلال تلقين ثقافة المقاولاتية للطلبة.
وقامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في السنوات الأخيرة، بمجموعة من المبادرات والإجراءات الإصلاحية الرامية إلى تحقيق أداء أفضل من حيث الجودة، والاستجابة لاحتياجات السوق، تهدف هذه الجهود بشكل خاص إلى انفتاح الجامعة على ريادة الأعمال، إذ لم يعد في مقدور الجامعة أن تتوقف عند المهام التقليدية، وصار لزاما عليها أن تشارك بنشاط يدعم محيطها العام، من خلال تعزيز ريادة الأعمال والشركات الناشئة، وقد تمّ اتخاذ العديد من المبادرات لدعم ريادة الأعمال في قطاع التعليم العالي، منها دمج دورات ريادة الأعمال في برامج مؤسسات التعليم العالي بهدف تزويد الطلبة بالمهارات اللازمة لإنشاء وإدارة الشركات، ويتجلى ذلك في إدراج مقياس “ريادة الأعمال” في برامج التكوين، وإنشاء تخصّصات في “ريادة الأعمال” على مستوى الليسانس والماستر.
وشهد الموسم الجامعي الماضي تحقيق العديد من الإنجازات الهادفة إلى تعزيز ريادة الأعمال لصالح الطلبة، مثل إنشاء 84 بيتا لريادة الأعمال، وإنشاء 96 حاضنة أعمال، و100 مركز لتطوير ريادة الأعمال، وتوفير 1200 مكتب للطلبة رواد الأعمال، إضافة إلى توفير الإيواء للشّركات الناشئة، و19 مركزا للذّكاء الاصطناعي، كما عملت الوزارة الوصية على تشجيع ريادة الأعمال الطلابية من خلال استحداث نظام ريادة الأعمال الطلابية يمنح للطلاب جدولا زمنيا مرنا، ما يتيح لهم متّسعا من الوقت لأنشطتهم الرّيادية.
استحداث آلية تحفيز الابتكار
وعزّزت شهادة شركة ناشئة / شهادة براءة اختراع، مشاريع التخرج التي تركزت على الابتكار مع إمكانية الحصول على تصنيف “مشروع مبتكر” أو “شركة ناشئة”، خلال السنة الأولى من تطبيقها (2022 – 2023)، وأثمرت هذه الآلية 2400 مناقشة مذكرة ليسانس وماستر للشركات الناشئة، بالإضافة إلى 234 مشروع بعنوان “مشروع مبتكر” في مختلف المجالات، مثل الزراعة الذكية، التكنولوجيا الحيوية، الطاقات المتجددة، الذكاء الاصطناعي والخدمات، وفق تقرير المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي.
إضافة إلى ذلك، هناك 734 مشروع مؤهّل للتمويل من الوكالة الوطنية لدعم وتطوير ريادة الأعمال، كما أصدر المعهد الوطني للملكية الصناعية 212 براءة اختراع، وتم بالفعل إيداع 853 طلب آخر.
أما فيما يتعلق بالعلامات التجارية، فقد تمّ تسجيل 48 علامة، مع إمكانية تسجيل 118 علامة تجارية أخرى، بالإضافة إلى 6 نماذج أولية صناعية و19 مشروعا قطاعيا، كما تمّ إطلاق منصة على أنترنيت مخصّصة لدعم ريادة الأعمال في الوسط الجامعي، تقدّم خدمات متنوعة للطلاب رواد الأعمال، بما في ذلك دليل لإنشاء وتطوير شركاتهم، مع معلومات حول الإجراءات الإدارية وفرص التمويل والتكوين المتوفر.
يتم تقديم الدعم المالي للشباب روّاد الأعمال، بما في ذلك تغطية تكاليف النماذج الأولية للطلاب أصحاب المشاريع وإطلاق ثلاثة مراكز للنماذج الأولية لدعم تطوير المشاريع، بالإضافة إلى ذلك، تتم تغطية التكاليف المتعلقة بإيداع براءات الاختراع على المستويين الوطني والدولي.
بالموازاة مع ذلك، سنّت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في إطار تعزيز الذكاء الاصطناعي في التعليم، استراتيجية للبحث والابتكار الوطنية للذكاء الاصطناعي 2020-2030، بهدف تحسين أداء قطاعات رئيسية مثل التعليم العالي والصحة، والنقل، والطاقة، والتكنولوجيا، ويعتمد نجاح هذه الاستراتيجية وفق خبراء في القطاع، على تعزيز الصلة الوثيقة بين الجامعة والشركات قطاع عام أو خاص، ممّا يؤكّد على أهمية معالجة مخاوف الشركات، حسب تقرير المجلس الاجتماعي والاقتصادي.