كشفت نتائج توجيه حاملي شهادة البكالوريا لسنة 2024 عن توجيه 65.3 بالمائة من الطلبة الجدد نحو التخصصات العلمية، في مقدمتها العلوم والتكنولوجيا للطلبة الحاصلين على تقدير جيد جدا وممتاز، اختاروا المدارس العليا بالقطب التكنولوجي عبد الحفيظ إحدادن بسيدي عبد الله، و34.7 بالمائة نحو العلوم الإنسانية والاجتماعية، وهو مؤشّر عن بدء تكريس توجه الدولة في إطار التنمية الاقتصادية والاجتماعية واقتصاد المعرفة تكون الجامعة الجزائرية قاطرته.
عزم راسخ على تكريس اقتصاد المعرفة
أوضح المستشار لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي المكلف بالإعلام الرقمي والمعلومة الإحصائية، عبد الجبار داودي في تصريح لـ “الشعب”، أن هذا التوجيه جاء تلبية للرغبات الثلاثة المعبر عنها في الاستمارات، ما حقّق نسبة رضى لما يفوق 70.22 بالمائة، وفق خطة رقمية تُرجمت في أحسن نظام توجيه للطلبة استند إلى مؤشرات الاستحقاق والعدالة والإنصاف في نيل الرغبات المعبر عنها لكل الطلبة عبر الوطن.
وحسب داودي، جاء هذا التوجيه نتيجة لدراسات معمّقة للرغبات في السنوات السابقة، ما سمح بوضع المنشور الوزاري التفاعلي الذي سمح للطلبة بالتعرف أكثر على التخصصات، واعتماد أداة المحاكاة باستخدام الذكاء الاصطناعي الذي سمح بمعالجة 10 ملايين نقطة بهذا التطبيق، إلى جانب تطبيقات أخرى ساعدت الطلبة في تسهيل اختياراتهم وحتى معرفة نهاية مسارهم الدراسي والمهني من خلال التعرف على فرص التوظيف التي يتيحها تكوينهم الجامعي.
مدرسة الأمن السّيبراني..الأعلى طلبا
وأبدى قرابة 50 ألف طالب جديد، الرغبة في الالتحاق للمدارس العليا بالقطب التكنولوجي سيدي عبد الله، فيما تمّ الموافقة على 1200 طالب فقط، بالنظر للعدد المحدود للمقاعد البيداغوجية بالمدارس الخمس العليا، وجاءت في المرتبة الأولى المدرسة الوطنية للأمن السيبراني، حيث تمّ تسجيل طلب كبير فاق 12 ألف طلب تراوح بين تقدير جيد جدا وممتاز بمعدل أدنى أول يبدأ من 18.25، المدرسة الوطنية العليا للأنظمة المستقلة – الجزائر بـ 11486 بمعدل أدنى 18.13، المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي الجزائر بـ 10643، بمعدل أدنى 18.64، المدرسة الوطنية العليا لعلوم النانو والنانو تكنولوجيا – الجزائر 7449 بمعدل أدنى 17.96.
وأوضح داودي أنّ الطلب المسجّل على المدرسة العليا للأمن السيبراني كان متوقّعا ومبرّرا جدا، حيث ستكون أول سنة لها خلال الموسم الجامعي الحالي 2024-2025، وستكون الدفعة المتخرّجة الحصن المنيع والجدار الواقي للأمن المعلوماتي بالجزائر، الذي يمثل عنصرا من عناصر السيادة الوطنية، وسيشرف على تكوين الطلبة أساتذة من وزارة التعليم العالي والدفاع الوطني.
بالنسبة للجامعات – يقول داودي – تم توزيع أكثر من 331 ألف طالب على تخصصات مختلفة، منها العلوم الطبية 30044 طالب، حيث تضاعف العدد ثلاث مرات، الصيدلة بـ6016 طالب، طب الأسنان بـ 4013 طالب.
خمسة مؤشّرات للتّوجيه
وأكّد داودي أنّ تعزيز التكوين في العلوم الطبية تسهم فيه مؤسسات تكوينية جديدة، وصلت إلى 21 مؤسسة جامعية، آخرها 7 ملحقات تعزّز بها القطاع هذه السنة، فيما قدّر تعداد حاملي شهادة البكالوريا الموجهين إلى شعبة الإعلام الآلي 5.74 بالمائة، حيث ينتظر أن يصل عدد المتخرجين في آفاق 2025-2026 أكثر من 62 ألف متخرّج.
وأكّد المتحدّث أنّ أهم المؤشّرات المتحكّمة في توجيه الطلبة ترتبط أساسا برغبة الطالب، المعدل، الرغبة المعبر عنها والتوزيع الجغرافي، بالإضافة إلى عدد المقاعد، وفق معالجة آلية رقمية محض، مشيرا إلى أنّ كثيرا من التخصصات عرفت ارتفاعا في المعدل الأدنى المطلوب فيها، منها من تجاوز معدل 18 أي أعلى من المعدل المطلوب في الطب.
وبخصوص تعداد حاملي شهادة البكالوريا الموجهين إلى مسارات التكوين للحصول على شهادة مزدوجة ومسارات التكوين ذات الكفاءة المزدوجة، فقد تمّ تأهيل 19 عرض تكوين للحصول على شهادة مزدوجة، 5 منها في الطب و14 في تخصصات أخرى، حيث بلغ عدد الموجّهين إلى هذه المسارات 2143 طالب، كما تم تأهيل أربعة عروض تكوين للحصول على شهادة ذات كفاءة مزدوجة، وبلغ عدد الموجّهين إلى هذا المسار 564 طالب.
23 جامعة في رحاب الجيل الرّابع
من جهة أخرى، تراهن الجامعة الجزائرية على التكوين النوعي من خلال الانتقال إلى الجيل الرابع، فالتحول الرقمي أصبح واقعا ملموسا، وقد تقرّر هذا العام تحويل 23 جامعة من تصنيف “جامعة كلاسيكية” إلى “جامعة جيل رابع”، بينها 15 جامعة و8 مدارس عليا، وهذا انطلاقا من عدّة معايير ومؤشرات تتعلق بمدى تطور البنية التحتية الرقمية التي تعكس الخدمات المقدمة من قبل المؤسسات الجامعية، المرئية، إضافة إلى الانفتاح على المحيط الاقتصادي والاجتماعي، الوطني والجهوي والإقليمي وكذا الدولي، ناهيك عن تصنيفها وترتيبها عالميا، إلى جانب مؤشر الابتكار وريادة الأعمال مقارنة بالجامعات الأخرى، والبحث كمصدر للإشعاع العلمي.
تلبية طلبات المحيط الاقتصادي
وبخصوص التشبيك مع المؤسسات العالمية، تحدّث داودي عن تحول الجامعة الجزائرية إلى جهة مستقبلة للطلبة وللأساتذة، حيث تمّ عكس الجهة من وإلى الجزائر بعدما كانت البعثات من جهتها فقط، وهذا بفضل اتفاقيات الشراكة البالغ عددها 45 اتفاقية مع مؤسسات جامعية من كل القارات من أوروبا وآسيا، الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وهذا يدل – يقول محدثنا – أن الجامعة الجزائرية أصبحت تقدّم مستويات البحث العلمي المعتمد عالميا بأساتذة يتمتّعون بخبرة عالية مشهود لها، بدليل وجود طلبة ليسانس وماستر أجانب يدرسون ببلادنا.
أما فيما يتعلق بالبحث العلمي، فقد أشار المتحدّث إلى أنّ الجامعة الجزائرية انتقلت إلى البحث التطبيقي، حيث تمّ تسجيل أكثر من 35 برنامج بحث تبنّته مؤسّسات كبرى، وتمّ تحويلها إلى منتجات قابلة للتسويق على مستوى أكثر من 12 قطاعا للاستفادة من هذه المشاريع، مؤكّدا أنّ الجامعة الجزائرية ماضية في هذا التطور، خاصة وأنّ القيادة العليا للبلاد تعوّل على الجامعة لتكون قاطرة للتنمية والإبداع.