أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، أن العمل من أجل وقف التصعيد الصهيوني، هو أقل ما يمكن انتظاره من مجلس الأمن الدولي، اليوم قبل الغد، وأضاف:” فمنطقة الشرق الأوسط أحوجُ ما تكون إلى تضافر جهود الجميع لتجنيبها ويلاتِ حرب شاملة تلوح في الأفق القريب، لا البعيد.”
وذكر أحمد عطاف، في كلمة خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في لبنان، هذا الخميس، إن ما يتعرض له لبنان من انتهاكٍ لسيادته ومن تقويضٍ لأمنِه ومن ضربٍ لاستقراره، قد اكتملت فيه كل أركان الجرائم التي استنسخها الاحتلال الإسرائيلي من غزة لتنفيذها في لبنان.
وتابع يقول:” وهي الجريمة يقول ضد السلام، وجريمة العدوان، والجريمة ضد الإنسانية، وجريمة الحرب، وجريمة الإبادة. وبعبارة أخرى تحويل لبنان إلى غزة أخرى.”
وأبدى عطاف تشديد الجزائر على أن جهود وقف التصعيد هذه يجب أن تركز بصفة أولية وأولوية، على وضع حدٍّ نهائي للجحيم المسلط على الشعب الفلسطيني في غزة.
وأشار في سياق حديثه هذا أن الجهود ينبغي أن تتوجه صوب المعتدِي، لا المعتدَى عليه “أي صوب الاحتلال الإسرائيلي، لا صوب الفلسطينيين أو اللبنانيين أو غيرهم من دول المنطقة التي طالتها الجرائم الإسرائيلية بجميع أنواعها وأصنافها، والتي ضاقت ذِرْعاً من تجبر وتسلط وطغيان هذا الاحتلال.”
وواصل قائلا:”لقد آن الأوان لمجلسنا هذا أن يدرك أن مسألة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن تبقى رهينةَ أهواء وأوهام الاحتلال الإسرائيلي يتصرف فيها وَيَعْبَثُ في مصيرها كيفما شاء.”
وفي ما يلي نص كلمة الوزير كاملة:
بسم الله الرحمن الرحيم
1- شكراً السيدة الرئيسة، والشكر موصول كذلك للسيد الأمين العام على إحاطَتِه المُلِمَّةِ بتطورات الأوضاع في لبنان الشقيق وهو يتعرض مجدداً لعدوان إسرائيلي سافر، وعدوان غاشم وعدوان همجي، لا يضاهيه بشاعةً وفظاعةً وجسامةً إلاَّ ما ابتُلِيَتْ به غزة شَرَّ البلية.
2- إن هذا العدوان يُمثل جزءً لا يتجزأ من سياسة التصعيد التي جعل منها الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني نهجاً مُفضلاً واستراتيجيةً مُتَعَمَّدَة على أكثر من جبهة وعلى أكثر من وجهة في منطقة الشرق الأوسط برمتها.
3- فهذا الاحتلال لم يعد يكتفي بحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبُها ضد الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية، بل صار يُشعل الأزمة تلو الأخرى، وصار يسعى، اليوم تلو الآخر، لبَسْطِ إجرامه وفرض جبروتِه على كافة دول الجوار: في اليمن، وفي سوريا، وفي إيران، وحاضراً في لبنان.
4- فَلأِشِقائِنا اللُّبنانيين أصدقُ عِبَرِ التضامن والمواساة والدعم في وجه هذا العدوان الإسرائيلي الشنيع، بل المشين، الذي يستدعي مِنَّا ومن مجلسنا هذا الإدانةَ الصريحة، والاستنكارَ الصارم، والرفضَ المطلق، والتحركَ المُستعجل لوقفِه ومحاسبَةِ المتسبِّبِينَ فيه والمُشْرفين على تنفيذِه.
5- إن ما يتعرض له لبنان من انتهاكٍ لسيادته ومن تقويضٍ لأمنِه ومن ضربٍ لاستقراره، قد اكتملت فيه كل أركان الجرائم التي استنسخها الاحتلال الإسرائيلي من غزة لتنفيذها في لبنان. وهي الجريمة ضد السلام، وجريمة العدوان، والجريمة ضد الإنسانية، وجريمة الحرب، وجريمة الإبادة. وبعبارة أخرى تحويل لبنان إلى غزة أخرى.
6- إن ما يعانيه اللبنانيون والفلسطينيون اليوم، ومعهم كل دول وشعوب المنطقة يمثل ثمناً يُدفع:
– ثمنٌ يَدْفَعُهُ كل هؤلاء بأرواحهم وممتلكاتهم ومُقَدَّراتِهِم لعدم اضطلاع مجلِسنا هذا بما يقع عليه من مسؤوليات لوقفِ حربِ الإبادة الدائرة رحاها في غزة، لأن فتيل التصعيد اشتعل أولاً بغزة قبل أن يَمْتَدَّ لَهِيبُه لاحقاً ليشمل كافةَ أرجاء المنطقة.
– وثمنٌ يَدْفَعُهُ كل هؤلاء بأرواحهم وممتلكاتهم ومُقَدَّراتِهِم لعدم تمكن مجلسنا هذا من لَجْمِ المُحتل الإسرائيلي ومحاسبَتِه على جرائمه، لأن غياب المساءلة والمحاسبة والمعاقبة كان بمثابة الإشارة الخضراء الممنوحة لاتّساع دائرة الإجرام الإسرائيلي وامتداد حدودها.
– وأخيراً وليس آخراً، ثمنٌ يَدْفَعُهُ كل هؤلاء بأرواحهم وممتلكاتهم ومُقَدَّراتِهِم لعدم تمكن مجلسنا هذا من حَمْلِ الاحتلال الإسرائيلي للتخلي عن أوهامه وما يَلهث وراءَه من سَرَابِ تحقيقِ الأمن والاستقرار لنفسه عبر نشر اللاأمن واللااستقرار في جواره، لأن هذا الاحتلال أصبح يبرهن لنا أنه يعتقد قولاً وفعلاً أن تمتعه بالأمن يكمن في حِرمان جواره منه.
7- لقد آن الأوان لمجلسنا هذا أن يدرك أن مسألة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن تبقى رهينةَ أهواء وأوهام الاحتلال الإسرائيلي يتصرف فيها وَيَعْبَثُ في مصيرها كيفما شاء.
8- فالاحتلال الإسرائيلي قد أثبت أنه لا يؤمن بالسلام ولا يريد السلام، وأنه يعتبر نفَسه استثناءً من كل ما يجمعنا تحت قبة منظمتنا هذه من مراجع وثوابت وقواعد وضوابط وأحكام.
9- والحالة هذه، تؤكد الجزائر أن العمل من أجل وقف التصعيد هو أقل ما يمكن انتظاره من مجلسنا هذا، اليوم قبل الغد. فمنطقة الشرق الأوسط أحوجُ ما تكون إلى تضافر جهود الجميع لتجنيبها ويلاتِ حرب شاملة تلوح في الأفق القريب، لا البعيد.
10- وفي ذات السياق، تشدد بلادي أن جهود وقف التصعيد هذه يجب أن تُرَكَّزَ، بصفة أولية وأولوية، على وضع حدٍّ نهائي للجحيم المسلط على الشعب الفلسطيني في غزة. كما أن ذات الجهود ينبغي أن تتوجه صوب المعتدِي، لا المعتدَى عليه، أي صوب الاحتلال الإسرائيلي، لا صوب الفلسطينيين أو اللبنانيين أو غيرهم من دول المنطقة التي طالتها الجرائم الإسرائيلية بجميع أنواعها وأصنافها، والتي ضاقت ذِرْعاً من تجبر وتسلط وطغيان هذا الاحتلال.
11- وقناعتُنا تبقى راسخةً مِن أَنَّ عودةَ الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط تتوقف على قدرة مجلِسنا هذا على تجاوز ما يُقَوِّضُ أداءَه من مُكبِّلات، لفرض الاحترام الكامل والشامل لوحدةِ لبنان وسيادَتِه وحُرمة ترابه، ولتنفيذ ما اعتمده من قرارات لوقف إطلاق النار بغزة، ولوضع حدٍّ للتصعيد الإسرائيلي الممنهج بالمنطقة، ولإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية، ولفرض إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة كحل عادل ودائم ونهائي للصراع العربي-الإسرائيلي.