يحمل مشروع قانون جديد يتعلق “بحماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وترقيتهم”، التزامات كثيرة وجديدة للدولة والمجتمع تجاه هذه الفئة، تخص مختلف جوانب الإدماج في مجالات الحياة، تعزيزا لحقوقهم.
يُقصد في مفهوم نص مشروع القانون، بحسب المادة الـ02، الشخص ذي الاحتياجات الخاصة: كل شخص طبيعي مهما كان سنه وجنسه يعاني إعاقة أو عاهات مستدامة ذات طبيعة وراثية أو خلقية أو مكتسبة.
وتحد هذه الاعاقة من قدرته على ممارسة نشاط أو نشاطات عديدة أساسية في حياته اليومية الشخصية والاجتماعية، نتيجة الإصابة وظائفه الذهنية أو العقلية أو الحركية أو العضوية أو الحسية.
مبادئ
ومراعاة للمصلحة العليا للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، في فصل الأحكام العامة من المشروع، تعمل الدولة في إطار إعداد وتنفيذ سياساتها القطاعية وما بين القطاعات على اعتماد المبادئ الآتية (المادة 03):
– تعزيز كرامة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة واستقلاليتهم، بما في ذلك حرية تقرير خياراتهم بأنفسهم.
– عدم التمييز على أساس الإعاقة واحترام الفوارق وقبول هؤلاء الأشخاص كجزء لا يتجزأ من المجتمع.
– تسهيل وصول الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مختلف المرافق العمومية والفضاءات ووسائل الإعلام والاتصال والنقل والتكنولوجيات الجديدةتسهيل الإدماج الاجتماعي والمهني للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ومشاركتهم التامة في كل ميادين الحياة على قدم المساواة مع الأشخاص الآخرين دون أي تمييز أو إقصاء.
وقصد تجسيد المبادئ المذكورة في المادة 3 أعلاه، أدرجت المادة الـ 04 التي تنص على سعي الدولة لإشراك المجتمع المدني، في إطار حماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وترقيتهم وتعزيز حقوقهم على تحقيق الأهداف المتمثلة، لاسيما فيما يأتي:
- ضمان حماية فعالة لحقوق وحريات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وضمان وصولهم وممارستهم وتمتعهم بكل حقوق المواطنة ضمان مشاركة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بصورة فعالة وكاملة في الحياة العامة والسياسية ودعم تواجدهم وانخراطهم ضمن مختلف الهيئات العمومية والخاصة والمجتمع المدني، على قدم المساواة مع الأشخاص الآخرين، الكشف والتشخيص والتكفل بصفة مبكرة بالإعاقة والتحسيس بالتدابير الوقائية من الإعاقة والعوامل المؤدية إلى تفاقمها، يجب ضمان:
- العلاجات المتخصصة وإعادة التدريب الوظيفي وإعادة التكييف.
- الحصول على الأجهزة الاصطناعية ولواحقها والمساعدات التقنية، وكذا الأجهزة والوسائل المكيفة مع الإعاقة وضمان استبدالها عند الحاجة.
- الإدماج الاجتماعي والاقتصادي والمهني للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لاسيما بتوفير مناصب عمل ومشاريع مكيفة،
- تربية وتعليم إجباري للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
- التكوين والتعليم المهنيين للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
- التكوين والتعليم العاليين للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
- تعليم الكبار للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وفق برامج ومناهج مكيفة مع حالتهم وقدراتهم،
- دخل للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
- احترام القدرات المتطورة لدى الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لاسيما الأطفال، وتمكينهم من حق الإصغاء إليهم والتشاور معهم مع مراعاة سنهم ونضجهم.
- حماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وسلامتهم، لاسيما في حالات الأوبئة والطوارئ الإنسانية وكذا الكوارث الطبيعية والحالات الاستثنائية
- تشجيع الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي الناشطة في مجال حماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وترقيتهم.
ويعتبر تجسيد هذه الأهداف، بحسب نص المادة 05، التزاما وطنيا، يخص جهود وتدخلات الأسرة، ومن ينوب عن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة قانونا، الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وهيئات الضمان الاجتماعي والهيئات العمومية والخاصة والجمعيات والأشخاص الطبيعيين.
وتعمل الدولة على تعزيز التعاون الدولي من خلال تبادل المعلومات والخبرات وبرامج التكوين والتكفل في مجال الإعاقة وتسهيل التعاون في مجال البحث للاستفادة من المعارف العلمية والتقنية الحديثة.
منح وخدمات
ويأتي الفصل الثاني من هذا القانون “الوقاية من الإعاقة والخدمات الصحية والاجتماعية و إعادة التدريب الوظيفي وإعادة التكييف”، للتفصيل في حق الاستفادة من الخدمات التي توفرها الدولة.
وتتمثل هذه الخدمات في توفير الآليات والوسائل الملائمة لرصد وتشجيع الأبحاث العلمية في الإعاقة والوقاية منها وتثمين نتائجها، والعمل على تطويرها وتجسيدها طبقا للمعطيات العلمية والتطورات الطبية والاجتماعية.
وتشير المادة 10، إلى أنه يقع على أولياء الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أو من ينوب عنهم قانونا ومستخدمي هياكل ومؤسسات الصحة العمومية والخاصة أثناء ممارسة وظائفهم، وكل شخص معني التصريح الإلزامي بالإعاقة فور ظهورها أو كشفها، لدى المصالح الولائية المكلفة بالنشاط الاجتماعي، قصد تمكين هذه المصالح من التكفل بها في حينها.
وتستفيد هذه الفئة من كل الخدمات المتعلقة بالعلاج وإعادة التكييف والتكفل النفسي التي تتطلبها حالتهم الصحية والأجهزة الاصطناعية ولواحقها والمساعدات التقنية، قصد تمكينهم من تحقيق أعلى مستوى ممكن من الاستقلالية (المادة 11).
وتنص المادة الـ 12 على تكفل الدولة حق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في الرعاية والخدمات الصحية والاجتماعية دون تمييز، من خلال اتخاذ التدابير الآتية:
- ضمان الخدمات الصحية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة
- وضع الترتيبات التيسيرية المعقولة قصد ضمان إمكانية وصول الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة للخدمات ومؤسسات وهياكل الصحة.
- تكوين وتأهيل المستخدمين الطبيين والإداريين العاملين في مؤسسات وهياكل الصحة حول كيفيات التواصل مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بما يحقق إيصال المعلومات لضمان خدمات طبية نوعية لهم.
- ضمان العلاجات والبرامج الصحية لهذه الفئة، مع مراعاة فئات الأطفال والنساء والأشخاص المسنين منهم، توفير النشرات الصيدلانية والإعلانات الصحية ذات المنفعة العامة بالأشكال الميسرة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ضمانا لحقهم في الإعلام وحصولهم على المعلومة في الوقت المناسب.
المادة 13: يستفيد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بدون دخل من مساعدة اجتماعية تتمثل في التكفل بهم و أو من منحة مالية طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما.
وتؤول هذه المنحة، حسب نص المادة الـ 14، إلى الشخص ذي الاحتياجات الخاصة المتوفى إلى أبنائه القصر وإلى أرملته غير المتزوجة وبدون دخل طبقا للنسب المنصوص عليها في التشريع المعمول به.
يستفيد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، بحسب الحالة، من مجانية النقل أو التخفيض في تسعيرات النقل البري والنقل بالسكك الحديدية، العمومي الداخلي، إلى جانب التخفيض في تسعيرات النقل الجوي العمومي الداخلي، بالنسبة للذين تقدر نسبة عجزهم بـ 100 %، وهو ما ينطبق أيضا على مرافقيهم مثلما تنص عليه المادة الـ 02 من هذا المشروع، بمعدل مرافق واحد لكل شخص، حيث تتكفل الدولة بالأثر المالي الناجم عن مجانية النقل أو التخفيض في تسعيراته.
وبغض النظر عن الأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها، وفق ما حملته المادة الـ 16، يستفيد الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة الذين تقدر نسبة عجزهم بـ 100 %، من تخفيض في مبلغ إيجار وشراء السكنات الاجتماعية التابعة للدولة أو الجماعات المحلية.
وفي هذا الشق، تضمن الدولة خدمات وبرامج إعادة التدريب الوظيفي التي تهدف إلى تمكين الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من استعادة أو تطوير قدراتهم البدنية أو العقلية أو الذهنية من أجل تحقيق استقلاليتهم ومشاركتهم في جميع ميادين الحياة على قدم المساواة مع الأشخاص الآخرين (المادة 17).
إضافة إلى توفير خدمات نوعية ومكيفة تعتمد على الابتكارات العلاجية والتكنولوجيات الحديثة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة تسمح لهم بالحفاظ على قدراتهم من أجل تحقيق استقلاليتهم (المادة18).
التعليم والتكوين
ويأتي الفصل الثالث تحت عنوان “التربية والتعليم والتكوين والتعليم المهنيين”، للتفصيل في كيفية ضمان تكفل مبكر بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، لاسيما التربية المبكرة والتعليم التحضيري باستعمال مناهج وتقنيات مكيفة.
ويبقى التكفل المدرسي، بحسب نص المادة الـ 19، مضمونا بغض النظر عن مدة التمدرس أو السن، طالما بقيت حالة الشخص ذي الاحتياجات الخاصة تبرر ذلك.
وتنص المادة 20 على اجبارية التمدرس للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، في مؤسسات التربية والتعليم. وتفتح عند الحاجة، أقسام خاصة في الوسط المدرسي العادي ضمن المؤسسات التابعة للقطاع المكلف بالتربية الوطنية الفائدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويستفيد ذوي الاحتياجات الخاصة أيضا، عند اجتياز الامتحانات والمسابقات، من ظروف مادية ملائمة تسمح لهم بإجرائها في إطار عادي، حسب طبيعة إعاقتهم.
وفي المادة الـ 21 ، يستفيد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة المسجلون في مؤسسات التربية والتعليم ومؤسسات التكوين والتعليم المهنيين المتكفل بهم في المؤسسات الاستشفائية، من التكفل البيداغوجي اللازم وفق ما تستدعيه حالاتهم الصحية.
وتتكفل الدولة بحصولهم على التعليم والتكوين العاليين، ومشاركتهم في أنشطة وبرامج البحث العلمي. وتسهيل الوصول إلى الوثائق البيداغوجية والتعليمية اللازمة في إطار دروسهم وأبحاثهم ومن ظروف مادية ملائمة عند اجتيازهم للامتحانات والمسابقات تسمح لهم بإجرائها في إطار عادي (المادة 22).
ومما جاء في هذا الفصل في مادته الـ 24، يمكن لأشخاص طبيعيين أو معنويين إنشاء مؤسسات خاصة قصد ضمان علاجات تربوية، وتربية وتعليم متخصصين للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة المصابين بإعاقة ذهنية، طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما.
ويخضع إنشاء هذه المؤسسات وتوسيعها وتحويلها أو إلغائها إلى ترخيص مسبق طبقا للشروط والكيفيات المحددة عن طريق التنظيم.
وتعمل الدولة، بحسب نص المادة الـ 25، على تشجيع ودعم الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي المعتمدة التي تضمن التربية والتعليم المتخصصين لفائدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، لاسيما من خلال إمكانية استفادتهم من تكوين المستخدمين التقنيين وتحسين مستواهم وتجديد معارفهم.