التزم رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بإنجاز مليوني وحدة سكنية في عهدته الرئاسية الثانية، وقد أمر الحكومة بتكييف قانون المالية لسنة 2025 لرصد وتنويع مصادر تمويل هذا البرنامج الضخم، والاستمرار في رفع تحدي الإنجاز بالجودة العالية والآجال المطلوبة لمختلف الصيغ السكنية، خاصة وأن السّكن في الجزائر يحظى باهتمام خاص من قبل الرئيس، لانه من المكتسبات الاجتماعية، ووفاء لعهد الشهداء وحفاظا على أمانتهم تكريسا لمبادئ بيان نوفمبر التي تؤكّد على البعد الاجتماعي للدولة الجزائرية، وهي الرّسالة التي طالما أكّد عليها رئيس الجمهورية تبون في أكثر من مناسبة، تحقيقا للإنصاف والعدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
ملف: زهراء بن دحمان وأم الخير سلاطني وحبيبة غريب
إجـراءات استباقية لتوطين مشروع مليوني شقّة
اتّخذت وزارة السكن العديد من الخطوات الفعلية لإطلاق برنامج مليوني سكن، وهو جزء من تعهّد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمام الجزائريين لتعزيز جودة الحياة والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وتحقيق تنمية مستدامة في البلاد. وتتطلّع وزارة السكن لتحقيق إنجازات ملموسة في مجال الإسكان بحلول 2029، من خلال استكمال الوحدات السكنية المتبقية من برنامج مليون وحدة مستهدفة في الخماسي الأول (2019-2024)، وتوسيع المشاريع السكنية بإنجاز وحدات إضافية، وفقا للزيادة السكانية والمتطلبات السكنية المسجلة على كامل التراب الوطني.
دخلت وزارة السكن والعمران والمدينة في اجتماعات ماراطونية مع المديرين التنفيذيين التابعين للقطاع، لضبط مخطط عمل القطاع بالنسبة للفترة الممتدة من 2025 إلى 2029، وتنفيذ التزامات رئيس الجمهورية في قطاع السكن، باستكمال مشاريع المتبقية من البرنامج الأول قبل نهاية العام، وإنجاز مليوني وحدة سكنية جديدة بينها سكنات البيع بالإيجار “عدل” في نسختها الثالثة، والتي ينتظرها آلاف الجزائريين بشغف كونها تلبي أكبر عدد من الطلبات المودعة من قبل الطبقة المتوسطة خاصة فئة الشباب، وقد قطعت الوزارة الوصية مراحل متقدمة من المشروع، حيث تمّ – لأول مرة وبطريقة استباقية – تحضير الأوعية العقارية لتوطين هذه المشاريع في أكثر من ولاية، وهو ما جعل المشروع يولد وهو يحمل بذور نجاحه قبل انطلاقه.
استكمال البرامج السكنية المسجلة، وإطلاق برنامج جديد بقوام مليوني وحدة سكنية في الجزائر بحلول 2029، يعد خطوة مهمة نحو تحسين الظروف المعيشية للجزائريين، وعلى هذا الأساس، تطلّب الأمر معالجة التحديات القائمة بجدية وفاعلية من قبل مسؤولي الوزارة الوصية، عن طريق تفعيل الجهود المشتركة والتخطيط الدقيق.
وفي هذا السياق، ترأّس وزير السكن والعمران والمدينة محمد طارق بلعريبي، ثلاثة اجتماعات تقنية مهمة، في أقل من شهر، جمعته مع المدراء التنفيذيين التابعين للقطاع، بالإضافة إلى مدراء دواوين الترقية والتسيير العقاري وكذا رؤساء المصالح المكلفة بالتحكم في المشاريع بـ 15 ولاية، كما عرفت الاجتماعات مشاركة المديرين الجهويين لوكالة عدل، وتمت مناقشة التحديات المنتظرة لاستكمال المشاريع السكنية، وإطلاق المشاريع الجديدة.
وشكّل ملف توطين البرنامج الخماسي 2024-2029 الذي أقرّه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، المقدّر بمليوني وحدة سكنية من مختلف الصيغ، محور اهتمام الوزير، حيث أمر بإطلاق أشغال توطين البرنامج مباشرة بعد المصادقة على قانون المالية 2025، وطالب مسؤولي المديرية العامة للسكن بالتنسيق مع المديرية العامة للتعمير والهندسة المعمارية والبناء بإعداد جدول لعملية انطلاق المشاريع لعام 2025، وكذا جدول خاص بعملية توزيع السكنات، خاصة خلال المحطات التاريخية المهمة (05 جويلية والفاتح نوفمبر).
وبهدف تسريع تجسيد البرامج المنجزة لسنتي 2023 – 2024، أمر الوزير بتقليص آجال الانطلاق والإنجاز، والعمل على تسديد كل مستحقات المتعاملين في وقتها بدون أي تأخير، وهذا إجراء من شأنه الحفاظ على وتيرة تسمح باحترام مواعيد تسليم السكنات للخماسي 2025-2029 تجسيدا لبرنامج المليوني سكن.
أغلفة مالية مرصودة
يعتبر ضمان التمويل من أكبر التحديات التي تواجه تنفيذ أي مشروع، وعلى هذا الأساس، عملت السّلطات العمومية على تأمين الميزانية الكافية لمشاريع البناء، سواء الجاري استكمالها أو تلك التي سيتم إطلاقها بداية من العام القادم، فنجاح أي مشروع يعتمد على مدى قدرة الحكومة على تخصيص الموارد المالية اللازمة وتحقيق التوازن بين الإنفاق الاستثماري والالتزامات الأخرى.
يقترح مشروع قانون المالية 2025 لتغطية العمليات والمشاريع الجاري إنجازها مبلغا قدره 1432.67 مليار دينار كاعتمادات دفع، أي 45.8 بالمائة من إجمالي نفقات الاستثمار، منها أكثر من 93 بالمائة على مستوى 10 محافظ، حازت محفظة وزارة السكن على نسبة 17.3 بالمائة منها.
أمّا بالنسبة للبرنامج الجديد، يرتقب في عام 2025 تسجيل عمليات جديدة برخصة التزام تقدّر بـ 1844.86 مليار دينار، واعتمادات دفع بـ1446.97 مليار دج، وهو ما يمثل على التوالي 83.6 بالمائة و46.3 بالمائة من إجمالي نفقات الاستثمار، يستفيد قطاع السكن بنسبة 22.2 بالمائة منها، وهو ما يعني رفع حجم التمويل لتنفيذ مختلف المشاريع المسجلة برسم هذا العام الذي سيعرف إطلاق برنامج جديد يتضمن مليوني وحدة سكنية بمختلف الصيغ، منها سكنات البيع بالإيجار “عدل 3”.
واستحدثت الدولة آلية الادخار السكني المقنن المندرج في إطار ورقة الطريق الجديدة لقطاع السكن، والتي تعتمد على خطة عمل تمويل السكن تأخذ في الحسبان الاستعمال الأمثل لموارد الميزانية، وتقوم على استقطاب المدخرات وكذا إنشاء البنك الوطني للإسكان، بحيث تخصّص الودائع المحصلة من الادخار السكني المقنن أساسا لتمويل برامج السكن العمومي التي تبادر بها الدولة، وتدعمها بصفة مباشرة أو غير مباشرة في اطار بناء السكنات، كما يمكن أن يتم تخصيص جزء من الأموال لاستعمالات أخرى بموجب قرار مشترك بي وزير المالية ووزير السكن.
جدير بالذكر، أنّ الادّخار السكني المقنّـن موجّه للأشخاص الطبيعيين والمعنويين المقيمين وغير المقيمين الحاملين للجنسية الجزائرية، وتسمح ودائع الادّخار السّكني المقنن بزيادة مصادر تمويل المشاريع السكنية وتنويع استخداماتها.
وحرصا على مرافقة طالبي السكن المدعم واستكمال التركيبات المالية، قامت الدولة بوضع الترتيبات اللازمة لمنح قروض بفوائد ضئيلة، ناهيك عن التخفيضات ما بين 80 بالمائة إلى 100 بالمائة على قيمة الأوعية العقارية الموجهة لتوطين البرامج السكنية، ويهدف استمرار تقديم دعم الدولة لقطاع السكن، وتنويع مصادر تمويله الإبقاء على الطابع الاجتماعي للسكن كمبدأ أساسي للدولة الجزائرية.
وفي هذا السياق، وبهدف الاستجابة لاحتياجات كل فئات المجتمع، أنجز قطاع السكن برنامجا واسع النطاق، يشمل صيغا مختلفة موجهة للحصول على الملكية أو الإيجار. كل هذا لتمكين المواطنين من الحصول على سكن لائق وبأسعار تتماشى والقدرة الشرائية لكل فئة، إضافة إلى تخصيص إعانات عمومية توزع وفقا لمعايير اقتصادية واجتماعية محددة مسبقا.
وتتمثل الصيغ السكنية المختلفة التي بادرت بها الدولة والممولة كليا أو جزئيا من خزينة الدولة، والتي خصّت جميع فئات الأجور في السكن العمومي الإيجاري، السكن الاجتماعي، الموجه لذوي الدخل الضعيف، والذي يقل عن 175 دولار، السكن الترقوي المدعم، وهو مخصص لذوي الدخل المتوسط المتراوح ما بين 175 و876 دولار السكن بصيغة البيع بالإيجار الموجه لأصحاب الدخل المتراوح بين 175 و876 دولار السكن الترقوي العمومي / الترقوي الحر، الموجّه لذوي الدخل الميسور يفوق 876 دولار، السكن الريفي، وهي الصيغة التي نالت حصة الأسد، وهي عبارة عن إعانات مالية تقدّمها الدولة تبلغ قيمتها 5110 دولار بالنسبة لسكان الشمال، و7300 دولار بالنسبة لقاطني الهضاب العليا والجنوب، الأمر الذي من شأنه تثبيت السكان في المناطق الداخلية، وخلق بيئة اقتصادية من شأنها جعل هذه المناطق مناطق خلاقة للثروة.
تعبئة العقار في أكثر من 11 ولاية
تحسّبا للشروع في تجسيد البرنامج الخماسي 2024-2029 بحجم 2 مليون وحدة سكنية التي أقرّها رئيس الجمهورية، اتّخذت وزارة السكن إجراءات استباقية أخرى، تتمثل في توفير الأوعية العقارية المستقبلة لهذه البرامج السكنية بجميع الصيغ، من ضمنها الصيغة الخاصة بصيغة “عدل 3” والشّروع – بصفة استباقية – في إعداد الملفات ذات الصلة لإعداد عقود ملكية هذه الأوعية وفقا للحصة التي سيتم تحضيرها في قانون المالية لكل عام، لاسيما قانون المالية لعام 2025.
وأنهت وزارة السكن تعبئة العقار على مستوى 11 ولاية، هي باتنة، الجزائر، تيزي وزو، المدية، جيجل، برج بوعريريج، سطيف، البليدة، تيبازة، المسيلة، عين الدفلى، بمساحة تزيد عن 14 ألف هكتار تابعة لأملاك الدولة تمكّن من استيعاب البرنامج الهائل للسكنات التي تعهّد بإنجازها رئيس الجمهورية في العهدة الرئاسية الجديدة، وتلبّي طموحات الجزائريين في امتلاك سكن لائق يحفظ كرامتهم، خاصة وأنّ الحصول على سكن هو حق كرّسه الدستور الجزائري، وتجلى على أرض الواقع من خلال البرنامج الطموح للمخطط الخماسي 2020-2024 الذي قوامه مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ، والبرنامج الثاني الممتدة إلى 2029 وقوامه مليوني وحدة سكنية.
أما بخصوص برنامج “عدل 3” الذي انطلق الاكتتاب فيه شهر جويلية الماضي، وتجري عملية غربلة وتمحيص الملفات من طرف الجهات الوصية، لضبط عدد الطلبات المودعة المقبولة، فتمّ توفير الأوعية العقارية الخاصة بتوطين أو احتضان هذا البرنامج، في سابقة أولى، عبر 16 ولاية، بفضل تجنّد مديري التعمير والهندسة المعمارية والتنسيق المحكم مع ولاة الجمهورية عبر كافة ربوع الوطن.
وفي هذا السياق، أمر وزير السكن، المدير العام للتعمير والهندسة المعمارية والبناء بضرورة إيفاد مديرين من الوزارة، ومعاينة جميع الأوعية العقارية من أجل تخطيط حضري منسجم ومستدام بالنظرة المستقبلية وفقا لهندسة معمارية حديثة، مع العمل المتواصل على تحيين البطاقية الوطنية للسكن كونها الوسيلة الوحيدة لكل من يحاول الاحتيال والحصول على سكن ليس من حقه، خاصة وأنّ القطاع يعمل بالنظام المعلوماتي المشترك مع القطاعات الأخرى.
سبعينية الثّورة.. توزيع عدد معتبر من السّكنات
تقترب وزارة السكن من “طي “ ملف “عدل 2”، حيث انتهت العديد من الولايات من توزيع برنامج السكنات بهذه الصيغة (ربع مليون وحدة سكنية فقط بمناسبة 5 جويلية 2024)، وبقيت بعض الحصص بكل من ولايات شلف، تلمسان، سيدي بلعباس، مستغانم، وهران، سيتم توزيعها بمناسبة سبعينية الثورة، وقد دأب قطاع السكن على تخليد المناسبات الوطنية والتاريخية بإدخال الفرحة على مئات الآلاف من العائلات الجزائرية بمنحها سكنات لائقة وبجميع الصيغ السكنية، وإعانات مالية لسكان الأرياف والمداشر والقرى.
ويعد قطاع السكن والعمران والمدينة، حلقة قوية في السلسلة الاقتصادية لما له من تداعيات إيجابية على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وكذا على التنمية البشرية.
وبفضل الدعم المتواصل لهذا القطاع التنموي، تم توزيع 1.7 مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ مع نهاية 2024، ما مكّن آلاف الجزائريين من الحصول على سكنات لائقة وميسورة، وهو ما يعكس المجهودات الجبارة للسلطات العمومية لتلبية حاجيات المواطن الاجتماعية، وتحسين ظروف المعيشة عبر كامل التراب الوطني.
وبفضل السياسة الحكيمة لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تمّ تقليص العجز المسجل في مجال السكن والقضاء على السكن الهش بشكل ملموس، حيث أنّ تجسيد كل هذه البرامج مكّن من تحسن ملحوظ في نسبة شغل السكن (TOL) بحيث انتقل من 5.6 بالمائة سنة 2000 إلى 4.4 بالمائة سنة 2011 ليصل إلى 4.25 بالمائة سنة 2023، وتصبو الجزائر إلى خفضه إلى ما دون 4 بالمائة في آفاق 2025.
سلسلة الإصلاحات التي أقرّها رئيس الجمهورية، خلال آخر خمس سنوات، ساهمت كذلك – وبشكل فعلي – في تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال مواد البناء، الأمر الذي خلق بيئة مناسبة للاستثمار في قطاع السكن، وفي هذا الشأن، بلغت طاقة إنتاج الإسمنت 38 مليون طن سنويا و06 مليون طن من حديد الخرسانة و40 مليون طن من الأجر والمواد الحمراء وأكثر من 210 مليون م2 من الخزف و4.6 مليون م2 من الرخام والغرانيت..إلخ، وهذا ما جعل الإنجازات في مجال السكن يتم تشييدها بمواد ومدخرات بناء جزائرية خالصة، ووسائل إنجاز، ودراسات وطنية 100 بالمائة.ويحصي قطاع السكن أكثر من 19 ألف مؤسسة إنجاز مصنّفة ومؤهلة، وما يقارب 9 آلاف مرقى عقاري معتمد و9 آلاف مهندس معماري معتمد و3 آلاف مهندس مدني معتمد، يتأهّبون للإشراف – كل في مجال اختصاصه – على المشاريع الجديدة وتنفيذها مع احترام التكلفة والآجال والجودة حسب المعايير والمقاييس الدولية، كما أن هذا الكم الهائل من الكفاءات والمؤهلات تجعل الجزائر على استعداد لتصدير خبرتها ووضعها تحت تصرف البلدان الشقيقة والصديقة، ومرافقتها في إطار مختلف البرامج التنموية بالجودة والنوعية المطلوبة.
مختصّون يبرزون مزايا البرامج السّكنية الجديدة
يعدّ التزام السيد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بإنجاز مليوني وحدة سكنية خلال عهدته الرئاسية الثانية، وعدًا طموحًا، وهو يعكس اهتمامًا كبيرًا بتلبية احتياجات المواطنين في قطاع الإسكان الذي يعد من أكثر القضايا إلحاحًا في الجزائر، وبالنظر إلى الحجم الكبير لهذا المشروع، فإنه يتطلب استثمارات ضخمة وتخطيطًا محكمًا، لحل المشكلات المرتبطة بالتمويل، وذلك ما أظهرته الأرقام والاعتمادات المالية المقترحة للتخصيص في قانون المالية 2025.
يرى المتابعون للشّأن العام الوطني، من المختصّين في المالية والاقتصاد وخبراء العقار، أنّه إذا تم تنفيذ هذا الالتزام بنجاح، فإنّ ذلك قد يسهم في تحسين الظروف المعيشية للعديد من الأسر، ويخفّف من الضغط على السوق العقاري، ويعزز الاستقرار الاجتماعي، زيادة على اعتباره خطوة إيجابية نحو تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الجزائر، وأداة لتفعيل الاقتصاد الوطني والدفع بحركيته، كونه مشروعا واعدا يتحدّث عن أرقام مليونية، على حد تعبير الخبير والمحلّل الاقتصادي البروفيسور مراد كواشي.
حركة قطاع البناء..تحرّك كـل القطاعات
قال البروفيسور مراد كواشي في تصريح لـ«الشعب”، “إنّ قطاع السّكن والبناء يمثّل قطاعا استراتيجيا بالنسبة للدولة الجزائرية، وقد ركّزت عليه كثيرا خلال الفترة السابقة نظرا للأهمية الكبيرة التي يحظى بها سواء من الناحية الاجتماعية أو من الناحية الاقتصادية”، على أساس المتعارف عليه في مقولة: “عندما يتحرك قطاع البناء كل القطاعات تتحرّك معه”، مضيفا أنّ انتعاش الحركية في قطاع البناء والسكن منذ عام 2020، أظهرت ديناميكية كبيرة، على
غرار مبادرة إنشاء البنك الوطني للسكن والوكالة الوطنية للعقار، زيادة على تحيين قانون التعمير، حيث من المرتقب إن يسهم البنك الوطني للسكن في إعطاء دفع أكبر للقطاع، كما سيحقّق تجسيد مختلف البرامج التي أمر بها رئيس الجمهورية بالنوعية المطلوبة وفي الآجال المحددة.وتحدّث البروفيسور كواشي عن تطور تجربة الجزائر في مجال الإسكان الذي يعد من أهم أولويات الحكومة من خلال رفع التخصيصات المالية لتطوير قطاع الإسكان، بهدف معالجة أزمة السكن وتلبية احتياجات المواطنين، وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني، حيث سيسمح مشروع إنجاز 2 مليون سكن بين 2025و2029، برفع تحديات اقتصادية ذات أثر إيجابي على الشقين الاقتصادي والاجتماعي، لاسيما في ظل تحقيق الجزائر لتحدي الاكتفاء الذاتي في مجال الاسمنت ومواد البناء، مثل الحديد، وهي أغلبها مواد أولية ونصف أولية صارت تصنع محليا وتصدر للخارج، ما يعني أنّ الجزائر أمام آفاق واعدة في مجال التصنيع المرتبط بقطاع البناء والسكن.
المنحى يتصاعد منذ 2020
وأشار المحلّل الاقتصادي إلى أنّ قطاع البناء والسكن في الجزائر، عرف وتيرة تصاعدية، منذ سنة 2020، ويلاحظ أن هذا المنحى التصاعدي سيحظى بالمزيد من الدعم والتمويل المالي، ضمن قانون المالية 2025، تنفيذا لالتزامات السيد رئيس الجمهورية، وتثبيتا للتوجه الاجتماعي للدولة الجزائرية، وذلك ما سيشمل مشاريع طموحة في مجال السكن والتجهيزات العمومية والخدماتية المرافقة لمشروع انجاز مليوني وحدة سكنية من مختلف الصيغ، الأمر الذي سيقلص – إلى حد كبير – من مشاكل السكن، ويحقّق الرفاهية والطمأنينة للمواطنين، كما سيفتح فرص واسعة أمام الاستثمار في مجال صناعة، وإنتاج مواد البناء بما يعني بالتالي فتح فرص عمل جديدة في كافة المجالات المستقطبة لليد العاملة.
تحفيز الطّلب على المنتجات الوطنية
من جهته، علّق الخبير الاقتصادي نبيل جمعة على الالتزامات التي قدمها السيد رئيس الجمهورية بخصوص السكن، قائلا إنّها انعكست على التوجهات السياسية والاقتصادية للحكومة الجزائرية، وأظهرت توجّهها نحو تعزيز العدالة الاجتماعية وتقليل الفوارق بين المناطق الحضرية والريفية، وكذلك التوجه نحو دعم الاقتصاد المحلي، من خلال تحفيز الطلب على المنتجات الوطنية المستخدمة في مشاريع البناء، مشيرا إلى أنّه يتوقع تكييف قانون المالية 2025 مع هذه الالتزامات، لاسيما من حيث تخصيص جزء كبير من الميزانية لتموين المشاريع السكنية، من خلال توفير الموارد المالية لتطوير البنية التحتية اللازمة، مرجحا أيضا أن يركز قانون المالية على دعم السكن العمومي ومشاريع الإسكان الموجهة لذوي الدخل المتوسط، لافتا أنه قد ترتفع الاعتمادات المالية الموجهة للسكن عن الاعتمادات المخصصة في قانون المالية 2024 التي بلغت 50 مليار دولار.
تحفيزات جبائية متوقّعة لفائدة مقاولات البناء
وتحدّث الخبير نبيل جمعة عن التحفيزات الجبائية والتسهيلات المتوقعة في قانون المالية 2025 بالنسبة للمقاولات والمؤسسات في قطاع السكن والتجهيزات العمومية، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في العرض، من أجل تشجيع المستثمرين على تطوير السكن في المناطق النائية، من خلال الدفع الميسّر ما يفتح آفاق واسعة للتجهيز السكني بهذه المناطق، مشيرا إلى أنه يتوقع أيضا أن يقدّم قانون المالية 2025 حلولا لمشاكل نقص الأراضي والأوعية العقارية اللازمة لاستقبال المشاريع السكنية الواعدة.
وقال جمعة إنّ هذا العدد الكبير من الوحدات السّكنية سيخلق فرص عمل كبيرة في قطاع البناء والصناعات المرتبطة به مثل الاسمنت والصلب، ما سيكون له الوقع الإيجابي المباشر على فتح فرص شغل والتقليل من معدلات البطالة، زيادة على دعم الشركات المحلية المنتجة لمواد البناء، ما يعزّز من الاقتصاد المحلي، وكذا مساهمة المشروع الواعد في تقليص أزمة السكن وتوفير حظوظ كبيرة للاستقرار الاجتماعي، كما سيسمح إنجاز مليوني سكن – يقول جمعة – بالتخفيف بشكل كبير من الضغط على سوق الإسكان، من حيث تقليص أزمة السكن وتخفيض الأسعار، وهي مشكّلة يعاني منها جزء كبير من المواطنين الجزائريين، في وقت اعتبر جمعة مشروع انجاز مليوني سكن حلا فعالا للعديد من المشاكل، لافتا إلى أن ازدهار قطاع السكن والبناء والأشغال العمومية، سيسهم – لا محالة – في ازدهار الاقتصاد الجزائري، ويحقّق نسبة نمو كبيرة للسوق الوطنية.
الهدف.. تحقيق الرّفاه الاقتصادي والاجتماعي
إنّ مشروع إنجاز 2 مليون سكن يمثّل خطوة جريئة وطموحة تعكس رؤية الرئيس تبون لتطوير الجزائر وتحسين مستوى معيشة المواطنين، فالمشروع ليس مجرد فكرة لحل أزمة السكن، بل هو أيضا جزء من استراتيجية اقتصادية شاملة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني، خلق فرص العمل، وتحقيق الاستدامة الاقتصادية، وبفضل الدعم الحكومي الكبير، وتطور قطاع البناء، والجهود المبذولة لتوفير الموارد المالية والتسهيلات، تبدو الجزائر على المسار الصحيح لتحقيق هذا الهدف الطموح، ومع التزام الدولة بتوفير السكن للجميع، يمكن القول أنّ السنوات القادمة ستحمل تغييرات جذرية في المشهد الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر.
المستشار في الأشغال العمومية عبد الكريم سلمان: مؤسّسات البناء الجزائرية تجربة رائدة في الإنجاز
أكّد مستشار في البناء والأشغال العمومية، عبد الكريم سلمان، أن التجربة التي اكتسبتها مؤسّسات الإنجاز الجزائرية وصلت اليوم إلى مرحلة متقدمة من التحكم والنجاعة، ما يؤهّلها لإنجاز المشاريع السكنية المليونية بالجودة والآجال المطلوبة، وتصدير خبرتها إلى الخارج لتستفيد منها عديد الدول الشقيقة والصديقة، كونها ربحت رهان الانجاز بيد عاملة جزائرية ومواد أولية مصنعة محليا، وذلك بإشراف مباشر من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون.
وكشف سلمان أنّ إنجاز مشروع مليوني وحدة سكنية الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية في التزاماته لعهدته الثانية على رأس البلاد “يمكن إنجازه بكل سلاسة وبدون مشاكل تذكر”، موضّحا أنّ التطور والتقدم الذي عرفته وسجلته الجزائر في مجال صناعة السكن من خلال تطويرها لمختلف الآليات والصيغ، يؤهّلها اليوم إلى تبوّء مرتبة ريادية بين عديد بلدان العالم كونها الدولة الوحيدة التي استطاعت إنجاز خمس ملايين وحدة سكنية في فترة زمنية وجيزة، وهو الأمر الذي أصبح يؤهل مؤسسات البناء بالدرجة الأولى إلى القيام بأدوارها محليا وتصدير خبرتها إلى الخارج بعد أن نالت التجربة الجزائرية الاعتراف إقليميا ودوليا”.
وقال سلمان – في تصريح لـ “الشعب” – متحدّثا عن إمكانيات ومميزات قطاع السكن: “نحن اليوم أمام قطاع يشتغل بأياد ومواد بناء جزائرية خالصة”، وأشار إلى أنّ “قرار استعمال مواد البناء محلية الصنع يعود إلى الفترة التي كان فيها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون يشغل منصب وزير السكن، فهو أول من منع استيراد مواد البناء من الخارج، وشجّع الإنتاج المحلي”.
وبفضل التوجيهات وقرارات رئيس الجمهورية، أصبحت الجزائر اليوم – يقول سلمان – بلدا مصنّعا للمواد الأولية البناء على غرار الحديد والأسمنت والسيراميك والبلاط وغيرها، وصلت إلى الاكتفاء الذاتي، لتتخطى ذلك بأشواط إلى مجال التصدير.
الموارد البشرية..الورقة الرّابحة
ولا يرتكز الاكتفاء الذاتي الذي حقّقته الجزائر في مجال بناء السّكنات على التحكم في إنتاج وتصنيع المواد الأولية بجودة ومعايير عالمية، بل تعدّى ذلك – حسب سلمان – إلى التّحكّم في توفير يد عاملة مؤهلة ومتخصّصة جزائرية خالصة، موضّحا أنّ الحكومة الجزائرية تسعى إلى توفير يد عاملة مؤهلة ومحترفة في مجال البناء، وفي كل مستوياته من خلال مختلف صيغ وبرامج التكوين سواء بالنسبة للكوادر والاطارات بالمعاهد العليا والجامعات أو بالنسبة لليد العاملة المتخصصة المتخرجة من مراكز التكوين والتعليم المهنيين.
وقد خطت الجزائر – يضيف سلمان – خطوة عملاقة في مجال التكوين، خاصة فيما يتعلق بالتخصصات في البناء التعمير والطاقات المتجددة وغيرها، حيث بات التكوين يمزج بين النظري والتطبيقي في الجامعات ومراكز التكوين، وذلك وفق تعليمات السلطات العليا للبلاد، كما يواكب وتيرة التطور والإنجازات الكبرى والمشاريع الاستراتيجية التي تعرفها البلاد.
في السياق، أضاف سلمان أنّ “مؤسّسات البناء الوطنية أصبحت تمتلك تجربة لا بأس بها في المجال، وتمكّنت من التحكم في كل مراحل الإنجاز، وهي تحترم آجال التسليم، فهناك من المؤسسات من هي قادرة على العمل من 16 إلى 24 ساعة يوميا، زد على ذلك توفر عاملي الأمن ومواد البناء الأولية”.
تنويع الصّيغ يحقّق العدالة الاجتماعية
وأشاد محدّثنا بقرار السلطات الرامي إلى التنويع في الصيغ السكنية من السكن الاجتماعي إلى صيغة البيع بالإيجار مرورا بالترقوي، محققة بذلك العدالة الاجتماعية من خلال حرص السلطات العليا للبلاد على تمكين المواطن الجزائري من حقه في السكن الذي يكفله الدستور، وتوفير مختلف الصيغ حسب دخل كل فئة “.
كما أثنى سلمان – في السياق – على “حرص الحكومة الجزائرية على توفير هذه الصيغ، وفق معايير الجودة والرفاهية على غرار صيغة السكن الاجتماعي، الذي يمنح للمواطن سكنات تضاهي صيغة الترقوي من حيث المساحة ومعايير ومقومات البناء”.
وشدّد سلمان على ضرورة حرص القائمين على إنجاز المشاريع الكبرى في مجال البناء والسكن على توفير كل متطلبات الحياة الكريمة للمواطن تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، وأيضا التفكير في توفير فضاءات الخدمات الاجتماعية، داعيا إلى التفكير في إعادة النظر في الطابع المعماري للمشاريع وفق خصوصيات كل منطقة، وإعطائها شكلا يتماشى وتضاريسها والطابع المعيشي والتراثي لأهلها.