يكتسي مشروع تعديل القانون 01-19 الخاص بالنفايات أهمية بالغة، لما يحمله من رؤية إستراتيجية في إدماج حقيقي للاقتصاد الدائري، يعتبرها مختصون، تقدما نوعيا للبلاد في إدارة مستدامة للنفايات وتثمين الموارد واستحداث فرصا “خضراء”، وهي خطوات تستجيب لتحديات ومعضلات حقيقة يشهدها العالم..
سبق لـ “الشعب أونلاين” التطرق إلى الخطوط العريضة لمشروع مراجعة النص التشريعي الحالي الخاص بالنفايات، من أسباب وأهداف وسياسات، ولأهمية هذا القانون، نتناول في هذه المرة بالتفصيل مضمون أهم التعديلات المقترحة والجوانب التي مستها.
خُصّص المشرع المادتين الـ 1 و2 من المشروع، لضبط مفاهيم كثيرة لها علاقة بتسيير النفايات، أصناف وطرق معالجة، مثل التسيير المدمج، التثمين بأنواعه، الاقتصاد الدائري، الخروج من صفة النفايات، التصميم الايكولوجي.. آلخ.
مفاهيم..
يرتكز تسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها، بحسب نص المادة 02 من المشروع، على مبادئ التسلسل الهرمي لطرق معالجة النفايات وفقا لترتيب الأولوية، بإضافة: التحضير لإعادة الاستعمال وإعادة الاستعمال وتصليح التثمين والإزالة، التصميم الإيكولوجي، مبدأ المسؤولية الممتدة للمنتجين.
وتضبط المادة 03 مفاهيم كالآتي:
- التسيير المدمج للنفايات: كل العمليات المتعلقة بجمع النفايات وفرزها ونقلها ومعالجتها بما في ذلك مراقبة هذه العمليات بهدف التقليل من اثارها على الصحة العمومية والبيئة.
- تثمين النفايات: كل العمليات الرامية إلى إعادة توظيف النفايات أو تصليحها أو إعادة استعمالها أو التحضير لإعادة استعمالها أو رسكلتها أو تسميدها و/أو هضمها لاهوائيا أو كل عمل آخر يهدف إلى الحصول، انطلاقا من النفايات على مواد قابلة للاستعمال أو على الطاقة.
ويتم التمييز بين نوعين من التثمين، أولا: تثمين المادة ويشمل حسب الطريقة إعادة التوظيف، إعادة الاستعمال أو التحضير لإعادة الاستعمال، التصليح، الرسكلة، التسميد، الهضم اللاهوائي.
ثانيا، التثمين الطاقوي ويشمل عمليات التثمين التي تعتمد على استخدام القدرة الحرارية للنفايات عن طريق حرقها واسترجاع هذه الطاقة على شكل حرارة أو كهرباء.
ويعرف الاقتصاد الدائري، في نص المادة ذاتها، مجمل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي تستدعي استعمال أنماط الإنتاج والاستهلاك والتبادل القائمة على التصميم الايكولوجي، التصليح، إعادة الاستعمال، التحضير لإعادة الاستعمال والرسكلة، التسميد، الهضم اللاهوائي التي تهدف إلى تقليل الموارد المستعملة وكذا الأضرار التي تلحق بالصحة العمومية وبالبيئة.
ويُقدم المشروع التصميم الايكولوجي، على أنه الإدراج المنهجي للجوانب البيئية انطلاقا من تصميم المنتجات وتطويرها بهدف تقليل الآثار البيئية السلبية طوال دورة حياتها.
- التنظيم الإيكولوجي: تنظيم جماعي أو فردي يوضع من قبل منتجي أو واضعي المنتوجات المسوقة على المستوى الوطني للتكفل بتسيير النفايات الناتجة عن منتوجاتهم.
- الوقاية من النفايات: كل التدابير المتخذة قبل أن تصبح المادة أو المنتوج نفاية من خلال التقليل من كمية النفايات عن طريق إعادة توظيفها أو تمديد مدة صلاحية المنتجات ومن خلال التقليص من الآثار الضارة للنفايات التي يمكن أن تؤثر على الصحة العمومية والبيئة.
ويوضح المشرع أن “الخروج من صفة النفايات” في هذا المشروع يقصد منه الرجوع إلى صفة المادة أو المنتوج وفقا للتشريع والتنظيم في هذا المجال وهذا حتى يكون استعمالها لا يضر بالصحة العمومية و أو البيئة.
- المنتج الواضع للمنتوج في السوق: كل شخص طبيعي أو معنوي ينتج أو يضع منتوج، يخلف نفايات في السوق الوطنية عن طريق البيع أو الاستيراد أو وضعه تحت تصرف الغير.
- المسؤولية الممتدة للمنتج: يقصد بها الكيفيات والترتيبات التي تقيم على المنتج مسؤولية تسيير النفايات الناتجة عن المنتوجات التي صنعها أو سوقها.
- المنتوج البلاستيكي للاستعمال الوحيد: محتوى موجه لتغليف المواد الغذائية أو غيرها من المنتجات التي تباع بالتجزئة والذي يصبح نفاية بعد الاستعمال الفوري له”.
استراتيجية وطنية
يشير هذا المشروع الى إستراتيجية وطنية للتسيير المدمج للنفايات ومخططات عملها، بتعديل المادة 03 أحكام القانون رقم 01-19، بالمادتين 5 مكرر و 5 مكرر 1، وتحرران كما يأتي:
ويُعد الوزير المكلف بالبيئة الإستراتيجية الوطنية للتسيير المدمج للنفايات ومخططات عملها، وتحدد هذه الإستراتيجية الأهداف والتوجيهات والأولويات في تسيير النفايات والتقليل منها ومعالجتها، إلى جانب وضع نظام وطني للمعلومات والخرائط يرتبط بتسيير المعطيات المتعلقة بالنفايات.
وتعدل المادة 04 وتتمم أحكام المادتين 6 و7 من القانون 01-19، بحيث تلزم المادة الـ 06 كل منتج للنفايات أو الحائز لها، إلى جانب اللجوء المنهجي للتصميم الإيكولوجي لتفادي إنتاج النفايات حتى منتوجات التغليف، الاعتماد أسس الاقتصاد الدائري.
ويلزم كل منتج للنفايات والحائز لها بضمان أو بالعمل على ضمان عن طريق التنظيم الايكولوجي، تثمين النفايات الناجمة عن المواد التي يستوردها يسوقها وعن المنتوجات التي يصنعها (المادة 07).
وتنص المادة 7 مكرر على أن النفايات تخرج من صفة النفاية إلى صفة المادة أو المنتوج عند خضوعها لعملية التثمين، بيجب أن يتم تغيير هذه الصفة وفقا للشروط المتعلقة لاسيما بما يأتي:
- استعمال المادة أو المنتوج لأغراض خاصة وجود سوق أو طلب على مثل هذه المادة أو المنتوج
- تلبية المادة أو المنتوج للمتطلبات التقنية لأغراض خاصة، ويحترم التشريع والتنظيم والمقاييس المطبقة على المنتجات ألا يكون لاستعمال المادة أو المنتوج أي آثار ضارة على الصحة العمومية والبيئة.
إلى جانب إلزام كل منتج وواضع للمنتوج دفع مساهمة ايكولوجية تسمى “ايكو مساهمة” للتكفل بتسيير النفايات الناتجة عن منتجاته، بينما يستبدل استعمال المنتجات البلاستيكية ذات الاستعمال الوحيد تدريجيا، حسب نص المادة (10) مكرر.
وتعدل المادة 8 وتتمم أحكام المادة 15 من القانون رقم 01-19، حيث يمنع معالجة النفايات الخاصة، بما في ذلك النفايات الخاصة الخطرة إلا في المنشآت المرخص لها من قبل السلطات المختصة وذلك وفقا للأحكام التنظيمية المعمول بها.
كما يمنع حسب المادة 15 مكرر استعمال النفايات الخاصة، بما في ذلك النفايات الخاصة الخطرة، على حالها في ميدان الفلاحة، وتخضع لتسيير خاص حسب متطلبات تقنية وصحية لتفادى المساس بالصحة العمومية والبيئة.
وتشير المادة الـ 25 إلى منع استيراد النفايات الخاصة بما في ذلك النفايات الخاصة الخطرة باستثناء تلك القابلة للتثمين.
مخطط ولائي
بموجب النص المقترح للتعديل، ينشأ مخطط ولائي للتسيير المدمج للنفايات المنزلية وما شابهها يوافق عليه الوالي المختص إقليميا، حسب نص المادة 11 المعدلة والمتممة بالمواد 33 مكرر، و 33 مكرر 1 و 33 مكرر 2 و 35 مكرر و 35 مكرر 1 و 35 مكرر 2، تحرر كما يأتي:
يُعد هذا المخطط تحت سلطة الوالي بالتشاور مع البلديات المعنية، وهيئاتها الخاصة بالتسيير، ويتضمن حسب مضمون المادة 33 مكرر 1، ما يلي:
- جرد أنواع وكميات ومصادر النفايات المنزلية وما شابهها التي ستعالج عن طريق التثمين بالدرجة الأولى، وكذا المنشآت الملائمة الموجودة
- أجهزة جمع وفرز ومعالجة هذا الصنف من النفايات من أجل ضمان مستوى عال من الحماية البيئية، مع مراعاة الوسائل المادية والمالية وإجراءات المرافقة الضرورية لتنفيذها،
- تحديد مسؤوليات مسيري هذا الصنف من النفايات – تحديد الأوعية العقارية الضرورية لمنشآت المعالجة ونشاطات رسكلة هذا الصنف من النفايات وتثمينها،
- مخطط شامل لفرز وتثمين ورسكلة هذا الصنف من النفايات – تنظيم فروع معالجة هذا الصنف من النفايات.
- بالنسبة للولايات الساحلية يجب أن يتضمن هذا المخطط كيفيات التكفل بالنفايات البحرية”.
ويكلف وزير البيئة باعداد المخطط الوطني للتسيير المدمج للنفايات المنزلية وما شابهها والنفايات الهامدة، بالتنسيق مع الوزير المكلف بالجماعات المحلية، حسب المادة 33 مكرر 02.
ومن المستجدات في هذا القانون، ما تعلق بمعالجة أنواع من النفايات، وهو ما تشير إليه المادة 35 مكرر: “يجب أن تخضع النفايات العضوية مسبقا لمعالجة بيولوجية من خلال التسميد و أو فصل الهضم اللاهوائي، ماعدا تلك ذات الأصل الحيواني والتي يجب أن تخضع لتسيير خاص لتفادى من خلاله المساس بالصحة العمومية أو البيئة.”
ويجب أن يكون محل تثمين طاقوي كل منشأة معالجة النفايات المنزلية وما شابهها أو مفرغة تم إعادة تأهيلها، تولد الغاز الحيوي، حسب المواصفات التقنية المحددة عن طريق التنظيم.
وتمارس الهيئات المخولة في هذا الشأن، بموجب القوانين والتنظيمات المعمول بها، عملية حراسة ومراقبة منشآت معالجة النفايات طبقا لأحكام القانون رقم 03-10 المؤرخ والمتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة.
وتتولى الشرطة المكلفة بحماية البيئة بحث ومعاينة مخالفات أحكام هذا القانون طبقا لأحكام القانون رقم 03-10 المذكور.
عقوبات..
قصد الالتزام بما يحمله هذا النص التشريعي من تحديث وسياسات وتدابير جديدة، أدرجت “حزمة” عقوبات نظير ارتكاب مخالفات متعلقة، في شكل غرامات مالية متفاوتة القيمة وتصل إلى حد السجن.
في هذا الجانب، يعاقب بغرامة مالية من 2000 دج إلى 10.000 دج، وفق نص المادة 55، كل شخص طبيعي يرمي أو يهمل النفايات المنزلية وما شابهها، أو يرفض استعمال نظام جمع النفايات وفرزها الموضوع تحت تصرفه من طرف الهيئات المبينة في المادة 32 من هذا القانون.
وتحمل المادة 56 غرامات مالية من 20.000 إلى 80.000، لكل شخص طبيعي أو معنوي يمارس نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو أي نشاط آخر، يرمي أو يهمل النفايات المنزلية وما شابهها أو يرفض استعمال نظام جمع النفايات وفرزها الموضوع تحت تصرفه من طرف الهيئات المبينة في المادة 32 من هذا القانون”.
ويعاقب بغرامة مالية من عشرين ألف دينار من 20.000 إلى 90.000 دينار، كل من يرمي أو يهمل نفايات هامدة في أي موقع غير مخصص لهذا الغرض، لاسيما على الطريق العمومي، ومن 70.000 دج إلى 140.000 دج، كل من لم يصرح لم يصرح بالنفايات الخاصة الخطرة.
ومثلما أشرنا في مستهل الجزء المتعلق بالعقوبات، يعاقب بالحبس من ثلاثة (3) أشهر إلى سنتين (2) وبغرامة مالية من 150.000 دج إلى 1.200.000 دج، من يستعمل منتوجات مرسلكة تشكل خطرا على الأشخاص، في صناعة المغلفات المخصصة لاحتواء مواد غذائية أو في صناعة الأشياء المخصصة للأطفال المادة (59).
ويعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة مالية 300.000 دج إلى 1.200.000 دج، من يعيد استعمال مغلفات المواد الكيميائية لاحتواء مواد غذائية مباشرة، وأيضا من يخلط النفايات الخاصة الخطرة مع النفايات الأخرى.
ومن سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة مالية 600.000 دج 1.800.000 دج، من يسلم نفايات خاصة خطرة بغرض معالجتها إلى شخص مستغل منشأة غير مرخص لها بمعالجة هذا الصنف من النفايات، وتطبق العقوبة ذاتها على من يستغل منشأة لمعالجة النفايات دون التقيد بأحكام هذا القانون.
وتشدد هذه العقوبات إلى غاية 5 سنوات وغرامة مالية 3.000.000 دج، ضد من يودع نفايات خاصة خطرة، يرميها، يطكرها، يغمرها أو يهملها في مواقع غير مخصصة لهذا الغرض، ويمكن ان تصل العقوبة إلى 10 سنوات و (6.000.000 دج) لكل من استورد النفايات الخاصة بما في ذلك الخاصة الخطرة غير القابلة للتثمين.