تواصل الجزائر تنفيذ مشروعها الطموح للرقمنة الشاملة الذي يشمل جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ويعكس هذا المشروع رؤية شاملة تستهدف تحسين الأداء في كافة القطاعات، وآخر هذه الخطوات جاء خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، حيث تم اتخاذ تدابير خاصة لتشجيع البحث العلمي في مجالات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وإقرار تدابير خاصة بمنح الطلبة والأساتذة الباحثين.
في إطار هذا المشروع الطموح، أكد الخبير في الأمن السيبراني الدكتور عطوي عبد الرحيم لـ«الشعب”، أن دعم قطاع التعليم العالي يعد ركيزة أساسية لبناء جيل جديد من الخبراء قادر على حماية البنية التحتية الرقمية للجزائر.
ويرى الدكتور عطوي، أن ربط رئيس الجمهورية بين الأمن القومي والقطب العلمي بسيدي عبد الله، يعكس الإدراك العميق لأهمية الكفاءات الوطنية في مواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة التي تشكل تحديا حقيقيا للأمن الوطني في العصر الرقمي.
ركيزة النجاح
علاوة على ذلك، شدد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور منصوري عبد القادر، في تصريح لـ “الشعب”، على أن الشراكة بين وزارتي الدفاع الوطني والتعليم العالي، تمثل ركيزة أساسية لبناء منظومة وطنية قوية للأمن السيبراني. ففي ظل التهديدات المتزايدة على البيانات والمعلومات الحساسة، فإن تضافر الجهود بين المؤسستين يضمن توفير الكفاءات اللازمة لحماية الأمن القومي الرقمي. ومن المتوقع أن يسهم هذا التعاون في رفع مستوى الخبرات لدى طلاب القطب الجامعي التكنولوجي بسيدي عبد الله، وتمكينهم من الاستفادة من الموارد البشرية والمادية المتاحة لدى كلتا الوزارتين.
في السياق، أوضح الدكتور منصوري أن وزارة الدفاع الوطني تعتمد على كوادر بشرية مؤهلة تدير النظم الإلكترونية الخاصة بها بقدرات جزائرية خالصة، مما يضمن الحماية القصوى للبيانات الوطنية، مضيفا أنها تعتمد على “هندسة بشرية صارمة” لتفادي أي اختراقات محتملة، مؤكداً أن العنصر البشري يمثل الحلقة الأضعف في عمليات الاختراق في كثير من الأحيان.
في نفس الإطار، أوضح محمودي حسان، مدير المدرسة الوطنية العليا في علم النانو وتكنولوجيا النانو في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أن رفع المنحة الخاصة بالطلبة والأساتذة الباحثين في القطب العلمي والتكنولوجي بسيدي عبد الله يعد خطوة مهمة للغاية.
وبحسب محمودي، هذا القرار يعكس التزام الدولة بتشجيع الكفاءات العلمية الشابة وتعزيز البحث العلمي في المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية، مثل الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، مما يسهم بشكل فعال في تحقيق الأهداف الطموحة لمشروع الرقمنة الشاملة.
الأفق الرقمي
وتشير العديد من الدراسات، إلى أن العالم يشهد سباقاً محموماً نحو التفوق الرقمي. وتسعى الجزائر، بوعي تام بهذا التطور، إلى تأمين مكانة متقدمة في هذا المجال الحيوي، من خلال التركيز على العلوم المتقدمة كعلوم الكم والنانو وتكنولوجيا الرقاقات والذكاء الاصطناعي، وتطمح الجزائر إلى الانخراط في التنافس التكنولوجي العالمي، بهدف تعزيز مكانتها الدولية وتحقيق تقدم اقتصادي مستدام.
كما تواصل الجزائر مسيرتها نحو الرقمنة الشاملة بخطوات مدروسة واستراتيجية تهدف إلى حماية أمنها القومي وتطوير قدراتها التكنولوجية، من خلال دعم البحث العلمي والتعاون بين القطاعات المختلفة، وتكوين رأس مال بشري مؤهل، كلها عوامل تضع الجزائر على الطريق الصحيح نحو تحقيق أهدافها الطموحة في عالم يشهد تنافساً تكنولوجياً محموماً.