دعا الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، خليفة سماتي، في حوار لـ”الشعب”، إلى تأسيس المجلس الأعلى للذاكرة لما يمثله من أهمية في صون ذاكرة الشهداء، وترقية يوم 19 سبتمبر يوما وطنيا.
منظمة أبناء الشهداء تواصل تبليغ رسالة الشهيد، ماذا تمثل لكم سبعينية الثورة هذا العام ، وهل هناك برنامج خاص للمنظمة؟ .
خليفة سماتي: بداية أشكر “الشعب” الموقرة، التي أتاحت لنا هذه الفرصة بمناسبة إحياء الذكرى الـ 70 لاندلاع ثورة التحرير المباركة. وقد عودتنا ” الشعب” مدرسة الإعلام الوطني الأصيل بالوفاء لهذا الخط منذ تأسيسها.
نعم، كما تعلمون أن تأسيس منظمتنا في فيفري 1989 ارتبط بالدفاع عن التاريخ الوطني وفاء لأرواح أبائنا الشهداء من أجل استمرار رسالة نوفمبر الخالدة، التي حددت معالم الدولة الجزائرية، ولخصتها في إقامة “دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية”. هذا هو المشروع الذي ناضل من أجله الشعب الجزائري طوال كل مرحلة الاستعمار.
وقد تحقق والحمد لله بفضل تضحيات الرجال والتفافهم الصادق حول هذا المشروع، الذي سيبقى بوصلة الشعب الجزائري المعروف بحبه لتاريخه.
نحيي اليوم الذكرى الـ 70 لاندلاع الثورة في جو خاص على المستوىين الوطني والدولي. وكما هو معلوم على المستوى الداخلي الاحتفال يتزامن مع بداية العهدة الثانية لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون.
وقد كانت منظمتنا من التنظيمات المساندة للرئيس لأسباب موضوعية تتعلق بالحصيلة الإيجابية، التي تحققت في السنوات الخمس الماضية رغم صعوبة الظرف.
ولعل من أهم الإنجازات، التي تحققت، الحفاظ على دستورية المؤسسات وإٍرجاع القطار إلى سكته الشرعية بتحييد القوى الخفية المرتبطة بالمال الفاسد والأجندة الأجنبية. يجب ألا يخفى علينا أن البلاد كادت تنزلق نحو متاهات لا مخرج منها، لولا تصدي الجيش الوطني الشعبي، لهذا المشروع الخبيث ووقوف الرجال بكل شجاعة وتحملوا المسؤولية التاريخية لإنقاذ الوطن من مخالب مجموعات غير دستورية استولت على القرار ومقدرات الشعب .
علينا أن نطرح بكل صدق ماذا كان سيحدث لو تمكنت هذه المجموعات تحقيق أهدافها؟ لهذا كان موقفنا منذ البداية واضحا وساهمنا بكل إخلاص إلى جانب القوى الحية في الدفاع عن أرض الشهداء لتحقيق رسالة الأباء والمجاهدين الشرفاء .
وعلى المستوى الدولي، فإن الأحداث الجارية في غزة ولبنان، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية على يد الكيان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة والغرب بصفة عامة يقدم صورة واضحة على نوايا الغرب، الذي يسعى بكل وحشية للإبقاء على مصالحه وتثبيت الوضع الراهن، الذي يضمن لهم الهيمنة.
ولذلك، أكثر ما تمثله لنا ذكرى سبعينية ثورة التحرير المباركة هو البقاء على نهج نوفمبر واليقظة الدائمة ودعوة الشعب إلى مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
ونحن على يقين أن العهدة الثانية للرئيس تبون، وبالنظر إلى التعهدات، التي قطعها الرئيس من شأنها أن تزيد البلاد قوة وازدهارا.
يحرص الرئيس عبد المجيد تبون، على التذكير دائما بأن البناء الوطني يقتضي الوفاء للشهداء.. كيف يساهم أبناء الشهداء في إرساء أسس الجزائر المنتصرة؟.
أبناء الشهداء جزء من المكون الشعبي الوطني ولدينا مسؤوليات تاريخية وسياسية تجعلنا مع القوى الحية في الدفاع عن بلادنا، وقد أثبت أبناء الشهداء خلال فترة الإرهاب العصيبة موقفهم ودفاعهم عن الوطن بحمل السلاح ضد الهمجية المستوردة.
وبعد أن تعافت البلاد من خراب العشرية الحمراء سعت أطراف أخرى إلى تحريف المسار عن الطريق السليم. لكنها فشلت وخاب سعيها.
مسلسل الدسائس والمؤامرات لن يتوقف وفي كل مرة يرتدي قناعا جديدا. لذلك نرى أن ما يقترحه الرئيس في ورقة طريق العهدة الثانية كفيل بأن يحصن الدولة الجزائرية ويجعلها في مأمن بتقوية الجبهة الداخلية من خلال الحفاظ على البعد الاجتماعي للدولة الجزائرية، مثلما نص عليه بيان أولى نوفمبر.
هناك مطالب بمراجعة قانون المجاهد والشهيد، ما هي الإضافات الممكنة، التي تحفظ للجزائر عهد أبنائها؟
شكرا على هذه السؤال. منذ أن استلمت قيادة المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، جعلت من تعديل وإثراء قانون المجاهد والشهيد من أولويات برنامجنا لما يمثله هذا القانون من أهمية كسند تشريعي، الأول من نوعه منذ الاستقلال، ينص على حقوق أسرة الشهيد.
نحن في المنظمة ننظر ونتعامل مع هذا القانون، الذي كان آخر نص قانوني صادق عليه الرئيس اليامين زروال، حفظه الله في أفريل 1999 قبل أن يغادر الحكم كنص واحد متكامل لا يتجزأ بين شقيه التاريخي والاجتماعي. لكن أثناء تنفيذ الأحكام طبقت بعض الأحكام وتم تجاهل الكثير منها ونحن نأسف لهذه الانتقائية غير المبررة.
لذلك وردا على سؤالكم، ليس لدينا إضافات على قانون لم تطبق كل نصوصه، نحن نريد وندعو أولا أن يطبق هذا القانون وتلتزم كل الجهات المهنية بأحكامه لأن حماية كرامة ذوي الحقوق مسألة أساسية.
وكما قلت من قبل، نحن ننظر إلى قانون المجاهد والشهيد كنص واحد لا يتجزأ، إذ توجد فيه مواد تنص على الحقوق الاجتماعية وأخرى تتعلق بالتاريخ والذاكرة.
وفيما يخص الحقوق الإجتماعية، التي كفلها القانون لذوي حقوق الشهيد أغلبها لم تطبق وقد حرم أبناء الشهيد وهم من الفئات الاجتماعية الأكثر فقرا من حقوقهم المشروعة المنصوص عليها في القانون مثل منحة التعويض وذلك بسبب اللغط ، الذي أثارته المادة 25 التي خلقت مشاكل كبيرة بين أبناء الشهداء من الأسرة الواحدة جراء سوء التطبيق.
هل تعلم أن ابنة الشهيد مازالت تتقاضي منحة قدرها 5000 دج في الشهر إذا كانت عازبة و7000 دج إذا كانت مطلقة.
نحن نطالب بإصرار أن يتغير هذا الوضع غير اللائق، علما أن قانون المجاهد والشهيد ينص على أن منحة أرملة الشهيد يجب أن تتماشى مع القدرة الشرائية وقد حددت بـ 150 في المئة من الحد الأدنى للأجر المضمون . هناك حقوق أخرى تتعلق بالصحة والسكن والاستثمار وهي جميعا معلقة.
وفيما يتعلق بالجانب التاريخي والذاكرة، نبارك كل القرارات الكبيرة، التي اتخذها رئيس الجمهورية، عيد المجيد تبون، في هذا المضمار، وهي قرارات تستحق الذكر والإفتخار بها أذكر منها اعتبار الثامن ماي يوم وطني للذاكرة، وإقرار الوقوف دقيقة ترحم على أرواح شهداء مجزرة 17 أكتوبر 1961، التي اقترفها الاستعمار بكل وحشية في حق مهاجرينا في فرنسا دون أن ننسى العمل الكبير الذي قامت به اللجنة الوطنية للذاكرة وما حققته من نتائج برعاية رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون.
كل هذه النتائج تحققت خلال العهدة الأولى للرئيس، ولدينا الثقة في شخصه لمواصلة هذا النهج الوطني الخالص، لاسيما أن الدستور الجديد خص مسألة الذاكرة أولوية وأعطاها الحماية والمكانة اللائقة بها وجعلها من الركائز القانونية.
وبهذه المناسبة والشعب الجزائري يحيي الذكرى السبعون لاندلاع ثورة التحرير المباركة بودنا أن تعمم صفة الشهيد على كل الذين سقطوا في ميدان الشرف منذ مقاومة الأمير عبد القادر والمقاومات الشعبية إلى غاية انتزاع الاستقلال الوطني، وألا تقتصر على الفترة الممتدة من 1954 إلى 1962 فقط مثلما هو منصوص عليه اليوم.
كما ندعو إلى تأسيس المجلس الأعلى للذاكرة وهي هيئة منصوص عليها أيضا في قانون المجاهد والشهيد. وهذا أمر في غاية الأهمية خاصة أن مسألة الذاكرة مازالت وستبقى المعيار الذي يضبط علاقة الجزائر بفرنسا.
وفي الأخير، إننا في المنظمة ننتظر ونطلب من السيد رئيس الجمهورية بكل احترام أن يرقى 19 سبتمبر 1958 إلى “يوم وطني”، لأن تأسيس الحكومة الجزائرية المؤقتة في هذا التاريخ كان يوما مفصليا في مسار كفاح لشعبنا، وهو من المحطات الأساسية إلى جانب بيان ثورة نوفمبر ومؤتمر الصومام وتأسيس الحكومة المؤقتة، التي فتحت الباب على مصراعيه أمام اتفاقيات إيفيان المتوجة بعيد النصر.
في الأخير لا يفوتني إلا أن أتقدم باسمي الخاص ونيابة عن أسرة الشهيد بخالص الشكر إلى رئيس الجمهورية، لما يوليه من عناية خاصة للتاريخ ومسألة الذاكرة ونجدد وقوفنا إلى جانبه وإلى جانب قوات جيشنا الوطني سليل جيش التحرير حامل لواء الشهيد.