لم تعد مسألة الانتقال الطّاقوي مجرّد خيار وإنما حتمية وتوجّه استراتيجي للبلاد يجب المضي فيه قدما لاستكمال هذا المسار في أقرب وقت.
إنّ الطّلب المتزايد الموجّه للاستهلاك الداخلي على الطاقات الأحفورية في الجزائر يكاد يناهز الكميات الموجّهة للتصدير، لهذا أطلق خبراء صافرة إنذار يحذّرون من خلالها من مغبّة الاستمرار على هذه الوتيرة لأنّه سيضع بلادنا مطلع 2030 أمام الاختيار بين أمرين، وهما إمّا التصدير وحرمان المواطن من الطاقة أو توفيرها للاستهلاك الداخلي وحرمان البلاد والمواطن من مداخيل تعتمد أساسا على المحروقات؟
الجزائر تمتلك كل الإمكانيات الطبيعية والبشرية لتكون رائدة في مجال الطاقات المتجددة، فحسب البروفيسور شيتور، وزير الطاقات المتجدّدة أنّ حقلا من اللوحات الشمسية قدره 250 كلم على 250 كلم من صحراء الجزائر قادر على تزويد الكرة الأرضية بحاجتها من الطاقة، وأن أقّل من هذه المساحة بمرة ونصف قادر على تلبية حاجة كل القارة الأوروبية من الطاقة الكهربائية، بينما لا تزال الجزائر تعتمد 100 من المائة على الطاقات الأحفورية في إنتاج الطاقة؟
إنّ الانتقال الطاقوي يشكّل فرصة ثمينة للجزائر لا يجب أن تضيع من بين أيدينا لأنّ فوائدها ستعود على جميع المجالات والأصعدة، ويكفي أنها على الصعيد السياسي والسيّادي ستحفظ للبلاد قرارها، بعيدا عن أي ضغوط لأنّها ستخرجنا من سطوة أسعار سوق النفط، التي جعلت بلادنا تشتغل بمنطق فلاح بسيط مصيره مرتبط بالمحصول؟!
العالم كلّه يتوجّه نحو الطاقات المتجددة والصناعات الجديدة تأخذ هي الأخرى هذا المنحى، فكما تعد السيارة الكهربائية بمنافسة السيارة التقليدية التي تشتغل بالوقود ها هي «الدرونات» أو الطائرات من دون طيار تنافس الطائرات والهيليكوبتر في بعض المهام، وكذلك الشأن بالنسبة للقطارات، الشاحنات، وقد يأتي الدور على السفن التي قد تشتغل مستقبلا بالهيدروكهرباء…إلخ، ويومها سيتم إعلان حرب ضروس على الطاقات الأحفورية، وستفرض – على الدول التي تأخرّت عن ركب الطّاقات المتجدّدة – عقوبات وغرامات قد تفوق تكاليف استخراجها؟
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.