في قراءة للتعيينات والتحويلات والتغييرات التي أجراها خلال التعديل الحكومي، يلاحظ رهان رئيس الجمهورية، بحسب ملاحظين، على الشق الاقتصادي الذي يشكل جزءا أساسيا من رؤيته التنموية للبلاد. علاوة على ذلك، أكد التعديل الحكومي الجديد على التزام الدولة بتفعيل السياسات التي تستجيب للتحديات الداخلية وتطلعات المواطنين.
تضمنت التعديلات تأسيس وزارات جديدة، وتوزيع مهام دقيقة على الوزراء الجدد، بهدف ضبط السوق الداخلية، ومحاربة التضخم، وتعزيز الصادرات خارج قطاع المحروقات، حيث تسعى الحكومة لترجمة تعهدات رئيس الجمهورية إلى واقع اقتصادي ملموس يعود بالنفع المباشر على المواطن.
في نفس السياق، يبرز التعديل الوزاري توجهاً نحو هيكلة جديدة تعكس ضرورة تنظيم التجارة الداخلية بشكل مستقل عن التجارة الخارجية، لضمان استقرار السوق وتحسين الأداء الاقتصادي، وتكريس جهود حثيثة لتحقيق الرفاهية الاقتصادية.
ضبط السوق..
تعد وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، التي أسندت إلى الطيب زيتوني، أحد أبرز التعديلات التي تنم عن توجه جديد، حيث تم فصل التجارة الداخلية عن الخارجية بهدف التركيز على تحسين الأوضاع الاقتصادية الداخلية.
وسيتم التركيز على ضبط السوق المحلي، خاصة ما يتعلق بمراقبة أسعار السلع خاصة الأساسية منها، ومحاربة المضاربة، والحد من تأثير السوق السوداء التي تستنزف الاقتصاد الوطني من خلال إبقاء كتلة نقدية كبيرة خارج الإطار البنكي، مما يفاقم معدلات التضخم ويؤثر سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين.
كما أن الوزارة المستحدثة ستضطلع بدور رئيسي في تنفيذ بنود قانون المالية لسنة 2025، لاسيما تلك المتعلقة بضمان استقرار السوق المحلي، بما يسهم في حماية القدرة الشرائية وتحقيق استدامة اقتصادية على الأمد البعيد. ومن المتوقع أن يساهم التقسيم الإداري الجديد في فاعلية أكبر في الأداء والتفاعل مع التحديات التجارية الداخلية خاصة مسألة ضبط السوق والأسعار.
ترقية الصادرات..
في نفس السياق، جاءت مهمة وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات، محمد بوخاري، لتجسد استراتيجية رئيس الجمهورية بتقسيم المهام بين وزراء متخصصين. وأوضح الدكتور مصطفى منصوري، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في تصريح للشعب، أن تخصيص وزارة مستقلة للتجارة الخارجية، يعد استجابة مباشرة لحجم التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها الجزائر على الصعيد الخارجي.
كذلك، تهدف الوزارة إلى تنظيم الواردات التي تفوق 35 مليار دولار سنوياً، وضبط عمليات الاستيراد لتكون أكثر انضباطاً وفاعلية وكذلك محاربة الاستيراد العشوائي الذي أضر بالاقتصاد الوطني بشكل كبير خلال العقد الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، يكمن التحدي الأكبر في تعزيز الصادرات خارج قطاع المحروقات، والتي من المتوقع أن تحقق أرقاماً غير مسبوقة هذا العام، حيث من المحتمل أن تتجاوز حاجز 10 ملايير دولار، وهو مستوى تاريخي لم يسبق للجزائر بلوغه منذ الاستقلال.
ويعكس هذا الإنجاز توجه الجزائر نحو تنويع مصادر دخلها، ويشكل دليلاً على كفاءة السياسة الاقتصادية التي انتهجها الرئيس تبون، والتي تعتمد على تقسيم العمل بشكل مدروس لتمكين كل قطاع من تحقيق أهدافه بكفاءة عالية.
ويرى العديد من المتابعين بأن الحكومة الجديدة وتقسيماتها تعكس رؤية اقتصادية طموحة لتنفيذ البرامج والإصلاحات المسطرة، خاصة مع التركيز على المؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة، والإنتاج الصيدلاني وكذلك الطاقات المتجددة والتي تم إسنادها لكتاب دولة لدى الوزارات المعنية. كما يجسد التعديل الحكومي الأخير حرص رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على بناء اقتصاد قوي ومستدام قادر على مواجهة التحديات المعاصرة، من خلال توزيع الأدوار والمهمات بشكل أكثر دقة وفعالية.