أبرز باحثون بشاعة الجرائم الفرنسية في الجزائر، وعلى رأسها محرقة الأغواط في 1852، وذلك في ندوة تاريخية بعنوان:”محرقة الأغواط جريمة تأبى النسيان “، نظمها المركز الوطني للدراسات والبحث في المقاومة الشعبية والحركة الوطنية و ثورة أول نوفمبر ، اليوم الخميس.
أجمع باحثون على ان تاريخ فرنسا اجرامي احتلالي عقيدته القتل، وما ارتكبته في الأغواط الذي سمي بعام الخلية، او عام الشكارة هو مجزرة حقيقية ضد الإنسانية وهولوكوست حقيقي.
في هذا الصدد، قال مدير المركز الوطني للدراسات والبحث في المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954، حسين عبد الستار، ان محرقة الاغواط امتزج فيها الألم والدموع، حيث ان الإنزال الفرنسي في مدينة الأغواط كان بهدف التوسع نحو الجنوب، باعتبار ان الاغواط هي بوابة الصحراء.
وأضاف الدكتور عبد الستار، ان هذه المحرقة ما تزال جرحا في ذاكرة الجزائريين لا ينسى، وانه ينبغي وضع هذه الذكرى في ميزان الذاكرة الوطنية امام ما يحاك ضد الجزائر من خطاب كولونيالي، عاد من جديد بطرق اخرى.
ودعا إلى تقوية الجبهة الداخلية من خلال استحضار مثل هذه المحطات التاريخية الأليمة في ذاكرة الجزائريين، والتي تمثل الوحدة الوطنية.
واشار إلى المصطلحات الفرنسية في خطابها الكولونيالي ان فرنسا جاءت لتحضر الجزائر.
وتحدث عبد الستار، عن بسالة وشجاعة الشبخ بن ناصر بن شهرة، الذي كان تاجرا كبيرا.
فرنسا أبادت ثلثي سكان الأغواط
وأكد الدكتور حسين عبد الستار، ان محرقة الاغواط لم تكن معركة لأن القوة العسكرية لم تكن متكافئة، بتجنيد 37 الف جندي فرنسي للهجوم على 35 ألف جزائري، ولأول مرة استعملت الأسلحة الكيمياوية بالاغواط.
وأبرز مدير المركز الوطني للدراسات والبحث في المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، أهمية مدينة الأغواط بالنسبة للإستعمار الفرنسي، والتي عقد فيها الأمير عبد القادر، اجتماعا مهما جدا بها اثناء جهاده، بحضور أعيان المنطقة.
وأكد ان الإنزال العسكري الضخم للهجوم على الأغواط يوحي وكأنهم سيحتلون دولة وليست مدينة، حيث كلف ثلاث جنرالات حاملين قوات من معسكر، تيارت، والمدية وعقداء، مقدرة بـ بخمسة آلاف و300 جندي فرنسي لقنبلة أسوار المدينة وتمكنوا من الدخول. حيث ابادت ثلثي سكان الأغواط، التي لم يسلم منها الرضع وقتل الذكور كي لا ينجب مقاومين، وبقيت جثث الضحايا ستة اشهر ولم يسمح بدفنها، وهذا ما تؤكده مصادر فرنسية.
الأغواط كانت واحات تمتلك اقتصاد قائما بذاته
قال مدير المتحف الوطني للمجاهد، البروفيسور إلياس نايت قاسي، ان احياء الذكرى الـ 172 لمحرقة الأغواط، يتزامن مع هذه المرحلة التي تكالبت فيه الكثير من الأقلام الحاقدة على تاريخ الجزائر، مشدّدا على ضرورة ان نقف وقفة رجل واحد للرد على هذه الابواق الحاقدة.
وأشار مدير المتحف الوطني للمجاهد، إلى ان الاغواط كانت واحات تمتلك اقتصاد قائما بذاته يتحكم في صناعة البارود عكس ما كان يروج له بأن الصحراء خالية من السكان، ودعا إلى تغيير نظرتنا لمفهوم جغرافية الصحراء.
محرقة الأغواط ابادة لسكان المدينة
وتطرق الدكتور دحمان تواتي، من المركز الجامعي لتيبازة، إلى السياق التاريخي لمحرقة الأغواط، مؤكدا ان هذه الجريمة تدخل في إطار الابادة، بعدما اجبر الأمير عبد القادر ، للإتجاه نحو الحدود الغربية وقضى على مدنه، اراد المحتل الفرنسي تعميق الهجوم نحو داخل الجزائر ، وبالتحديد مدينة الأغواط الذي توجد وسط البلد.
وأوضح المحاضر، ان هدف الإستعمار الهجوم على الأغواط هو بسبب ان المدينة تعتبر بوابة للجنوب الكبير، والسيطرة على خطوط التجارة، والتي نفذها الجنرال جون جاك بيليسي، رفقة جنرالات أخرى تنفيذا لأوامر الجنرال راندون، الذي أصبح حاكما عاما بعد ارتكابه لمجازر كبيرة.
وبالمناسبة عرض شريط وثائقي انتجته وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، حول محرقة الاغواط، وكرم الاساتذة المحاضرين.