بالرغم من أن القطاع الفلاحي بقسنطينة يعرف منذ سنوات تطورا كبيرا في إنتاج المحاصيل الكبرى، ما جعلها تحتل المراتب الأولى وطنيا، هذا رغم العديد من العراقيل التي تواجه الفلاح بدءا من التعدي الدائم على العقار الفلاحي لصالح الاسمنت وصولا إلى ندرة مياه السقي والاعتماد فقط على التساقط المطري لا غير ما يهدد مستقبلا من تقلص المساحات المزروعة بالولاية.
وتمثل مساحات زراعة القمح الصلب الذي يعتبر من كبريات المحاصيل ما يقارب 68 بالمائة من مجموع الحبوب الأخرى حيث يتم التركيز على إنتاجه بالدرجة الأولى لأهميته في تحقيق الأمن الغذائي والتقليص من فاتورة الاستيراد، حيث تقوم الولاية بتحويل وإمداد الولايات الشرقية المجاورة وحتى الغربية بالحبوب رغم الوضعية الصعبة التي شهدتها البلاد بسبب الأزمة الصحية إلا أن الولاية تمكنت من حصد أكبر كمية من الحبوب.
إلا أن نقص الموارد المائية يثير تخوف الفلاح في ظل نقص بدائل أخرى على غرار المساحات المسقية التي لا ستتجاوز 1.7 من المساحة الصالحة للزراعة والتي تعتمد حاليا حسب تقرير قدمته لجنة الفلاحة والغابات والري تحصلت “الشعب” على نسخة منه عن وجود 239 بئرا وبعض الحواجز المائية الترابية والتي تجف أغلبها صيفا، حيث لا يزال عامل توفير المياه عائق كبير في تطوير المجال الفلاحي بالولاية، ما دفع بالكثير من الفلاحين من التخلي عن شعب فلاحية هامة في مقدمتها شعبة الخضر والفواكه، رغم أن الولاية تحوي عدة حلول استعجاليه وتقضي على مسألة ندرة مياه السقي من بينها قربها من سد بني هارون بولاية ميلة، إلا أنها لم تتحصل على حصتها الشرعية لحد الساعة والتي من شأنها أن تنعش التنمية الزراعية، حيث أكدت اللجنة أن تعبئة الخزان مياهه يعتمد على 80 بالمائة من وادي الرمال، حيث ينطلق المجرى من واد بومرزوق ببلدية أولاد رحمون والخروب ليلتقي مع وادي الرمال، حيث يتزود بروافده ومجاريه على الجانبين بمياه الأمطار والثلوج نحو السد وهذا منذ بداية تشغيله سنة 2007.
ليطالب الفلاحون بتدخل الولاية لأخذ حصتها من مياه بني هارون الموجهة عموما للسقي، مع تسريع الدراسة الخاصة بمشروع إنجاز السد المائي على مستوى بلدية بني حميدان والذي يتسع لـ100 مليون متر مكعب لتدعيم مياه الشرب وتخصيص جزء منه للسقي الفلاحي، مع اقتراح إعادة النظر في المجاري المائية التي صدر في حقها قرار ولائي بمنع السقي منها إذا ما أصبحت مياهها نقية بعد تحليلها، كما ألح الفلاحون على ضرورة وضع رؤية واضحة لمشروع مستقبلي يعتمد على السقي لمزارع صغيرة المساحة ذات تربة خصبة غنية بالمواد العضوية تصلح إلا للزراعة الكثيفة والخضروات والفواكه وغيرها، في حين أن محطة حامة بوزيان التي أنشئت لمعالجة وتنقية وتصفية المياه الملوثة القذرة بعد تجميعها عبر البلديات ثم تحويلها للسقي بعد معالجتها وتنقيتها وتحليلها، حيث يتم استرجاع المياه لتستعمل في الاحتياجات الفلاحية، خاصة في بلدية حامة بوزيان التي يمنع عليها استعمال المياه الجوفية في السقي الفلاحي كونها موجهة للشرب، إلا أن استغلالها لم يتم لحد الساعة، في الوقت الذي لا تزال فيه محطات للانجاز هي في طور الدراسة بعلي منجلي والخروب وبن زياد وزيغود يوسف، غير كافية حتى بعد نهاية الأشغال بها مما يستدعي برمجة محطات أخرى مع سد مائي بالولاية.
وأكدت اللجنة، أن العديد من متخرجي الكليات والمعاهد الفلاحية، يملكون مشاريع ذات طابع فلاحي قد توجه لاستصلاح أراضي بور واستغلال الأراضي الهامشية المحاذية للغابات، غير أنها تتوقف على توفير المياه إلى جانب القيود البيروقراطية حيث يمكنهم إنشاء وحدات إنتاجية صغيرة توفر صناعة غذائية وأماكن للتخزين والتبريد، حيث اعتبرت أن أهم المشاكل التي يعانيها قطاع الفلاحة منها توسيع المدن على حساب الأراضي الزراعية كالمخطط التوجيهي الذي يؤدي إلى تآكل المساحات الزراعية لفائدة مشاريع البناء، هذا إلى جانب تواجد 219 ملفا لمستثمرات لم تحول بعد.
هذا وتعاني الولاية من العزوف عن زراعة الخضر والفواكه وتربية المواشي وإنتاج الألبان بسبب نقص المياه، والتركيز على المحاصيل الشتوية والحبوب التي تحتل فيها الولاية الصدارة، حيث تبلغ مساحة الأشجار المثمرة والزيتون إلى جانب الخضروات 5186 هكتار بإنتاج يقارب 640الف قنطار تحتل مساحة البطيخ غالبية المساحة المزروعة مقارنة مع الخضروات الأخرى، واعتبرت المصالح الفلاحية، أن الولاية شحيحة في الموارد المائية مقارنة مع ولايات أخرى، حيث أن أغلب الحواجز المائية التي يعتمد عليها الفلاحون في السقي قديمة مطمورة، حيث تقدر المساحة المسقية بحوالي 3 آلاف هكتار.