استضاف المركز الوطني للسينما والسمعي البصري، سهرة أمس الأربعاء بالجزائر العاصمة، المخرج السعيد عولمي، حيث تم عرض فيلمه الوثائقي الموسوم “آثار تخترق الزمن” الذي يسلط الضوء على بشاعة أساليب التعذيب ضد المعتقلين الجزائريين داخل مراكز الاعتقال والاستنطاق إبان الثورة التحريرية .
يندرج هذا اللقاء السينمائي، الذي ينظم تحت إشراف وزارة الثقافة والفنون ضمن برنامج إحياء ليالي شهر رمضان، في إطار العدد الأول من “نادي السينما” للموسم الجاري، ويسلط الفيلم الوثائقي “آثار تخترق الزمن” على مدار 70 دقيقة على معاناة المعتقلين الجزائريين الذين واجهوا أفظع أساليب التعذيب والإهانة و الإذلال داخل هذه المراكز التي أنشأها المستعمر الفرنسي بداية من 1955، بهدف الحصول على معلومات تخص الثورة التحريرية و عزل مجاهدي جيش التحرير الوطني عن المجتمع والتي تم إنشاؤها بمنطقة الأوراس والبيض وقسنطينة لتعمم بعدها على كل جهات الوطن.
ويقدم الوثائقي شهادات حية لمجاهدين ومجاهدات جزائريين تم تعذيبهم بوحشية طالت حتى الأطفال والنساء داخل هذه المراكز باستخدام أبشع أساليب القمع والتعذيب والإهانة والتنكيل والاغتصاب على غرار مراكز تلاغ ، مزرعة امزيان بقسنطينة، وغيرها من مراكز التعذيب السرية للجيش الفرنسي منها الحراش بالجزائر العاصمة .
ودعم الوثائقي بشهادات حية لفاعلين تاريخيين ومجندين فرنسيين ومؤرخين وباحثين فرنسيين و جزائريين حول بشاعة التعذيب والقمع الذي مارسه الجيش الفرنسي ضد الجزائريين على غرار شهادات المحامي الفرنسي جاك فرجيس، المجاهد الراحل رضا مالك ، الباحثة مليكة القورصو كما كشفوا عن تورط السلطات الفرنسية ووتسترها حول عمليات التعذيب الوحشي و القتل و الاختفاء داخل هذه المراكز.
وبالمناسبة ، أكد المخرج السعيد عولمي أن الفيلم الوثائقي “آثار تخترق الزمن ” الذي أخرجه وأنتج خلال سنة 2022 من طرف وزارة المجاهدين وذوي الحقوق ضمن سلسلة من الأفلام الوثائقية، يوثق لحقبة المستعمر الفرنسي بالجزائر وما ارتكبه من تعذيب وجرائم بشعة في حق الشعب الجزائري ” مضيفا أنه “يتناول آثار التعذيب النفسي والجسدي داخل مراكز التعذيب بالجزائر لهؤلاء المعتقلين الذين يحملون آلام نفسية إلى اليوم جراء صدمات وحشية التعذيب ويعد أيضا مساهمة في تدوين الذاكرة والمحافظة عليها من أجل تبليغها للأجيال الصاعدة”.
وأبرز المخرج خلال المناقشة الثرية التي تلت تقديم الفيلم الوثائقي “ضرورة الاستمرار في إنتاج مثل هذه الأفلام التي تكشف ما اقترفه المستعمر من تعذيب وجرائم بشعة في حق المجاهدين والمدنيين العزل خلال فترة احتلاله للجزائر”.
وقال عولمي أن العمل “كان أكاديميا وكشف بالصورة والصوت والوثائق والشهادات الحية عن المآسي والجرائم البشعة من تعذيب وحشي وقتل، مع الاعتماد على استنطاق أماكن الذاكرة وأيضا مقاربة النظرات المتقاطعة” ، مشددا على وجوب دعم الأعمال التي تساهم في المحافظة على الذاكرة الوطنية .
وذكر مخرج الفيلم السعيد علومي، أن هذا العمل الذي تطلب سنوات من البحث والتحقيق في الأرشيف داخل الوطن وخارجه منها تقارير الصليب الأحمر الدولي ومقابلات مع شهود وباحثين و زيارات لمواقع المحتشدات “ساهم في عرض صفحة سوداء من صفحات الاستعمار الفرنسي وهي التعذيب و القمع المليئة بالمآسي التي ذهب ضحيتها ملايين الجزائريين”.
ونوه السعيد عولمي بأهمية تطرق الباحثين إلى جوانب أخرى من أثار تعذيب الجزائريين بمراكز الفرز والعبور بينها الأثر النفسي للجريمة والذي قد يمتد إلى أجيال لاحقة .
ودعا إلى الاهتمام بالحفاظ على مواقع المحتشدات كدليل مادي على جرائم المستعمر وتنظيم زيارات إليها لصالح الشباب لتعريفهم بفظاعة الاستعمار الفرنسي.