يعتبر الإحصاء العام للفلاحة، والذي يعد الثالث من نوعه “عملية وطنية” هامة، تتعدى جمع بيانات بسيطة، إذ تعتبر تثبتا لحقيقة الأرقام بالواقع، لتجسّد عملية بناء لوحة القيادة فيكون اتخاذ القرار صائبا، وذلك ضمن مسعى الجزائر في تحقيق الأمن الغذائي من خلال اعتماد خطة تحديث الزراعة الرامية لإعادة هيكلة القطاع بكامله.
أكدّ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال آخر اجتماع له مع الطاقم الحكومي، بأنّ الإحصاء العام للفلاحة، يكتسي أهمية بالغة لاتخاذ أنسب القرارات وعصرنة قطاع الفلاحة وتعزيز دوره الاستراتيجي في تحقيق الأمن الغذائي، موجّها تعليمات بالتدقيق في إحصاء كل المنتوج الفلاحي الوطني بفروعه، ليشمل أيضا رؤوس المواشي بأصنافها وتوزيعها وطنيا ومدى تقدّم نسبة المساحات المسقية وعدد الأشجار المثمرة بأنواعها، خاصة أشجار الزيتون والنخيل عبر التراب الوطني.
في الموضوع، أكّد الخبير الفلاحي بوخالفة لعلى، أنّ عملية الإحصاء ليست عملية عقابية، بل تهدف إلى إيصال المعلومة الحقيقية التي تمكّننا من تنظيم السوق، واحتياجاته وتنظيم عمليتي الإنتاج والتسويق أيضا، وهذا لتفادي كل الأزمات التي تعرفها الأسواق الوطنية وتحقيق مسعى الأمن الغذائي، وهو توفير كل ما يحتاجه المواطن كميّا وكيفيّا في كل وقت.
وشدّد الخبير الفلاحي في اتصال مع “الشّعب”، على أنّ الإحصاء الفلاحي أصبح حتمية لرصد صورة حديثة للنموذج الفلاحي ودمج جميع الثروات الجديدة والتغيّرات التي طرأت على القطاع في النظام الإحصائي الفلاحي الوطني، مبرزا أنّ عملية الإحصاء العام للفلاحة، التي تشمل إحصاء كل ما له علاقة بهذا القطاع، جاءت وفقا لتعليمات رئيس الجمهورية بتطوير قطاع الفلاحة.
وأبرز محدثنا – في السياق – أنّ الهدف من الإحصاء هو تمكين المسؤولين من اتخاذ قرارات تخصّ القطاع الفلاحي وتنظيم السوق والتوجّه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، موضّحا أنّ هذه العملية تسمح لنا من إجراء تخطيط للسوق باستغلال الأرقام للقيام بدراسات تشخيصية تمكّننا من ضبط الأسواق واتخاذ قرارات، سواء لتعويض العجز إن وجد إما بالاستيراد أو بطريقة أخرى.
أمّا إذا كان هناك فائضا – يضيف المتحدث – ولتفادي الإتلاف والخسارة، سيتم التفكير في تسيير الفائض بالتحويل أو التخزين أو التصدير، فالإحصاء يمكننا من معرفة أحوال السوق، حيث نستخلص دروسا من المعلومات المتحصّل عليها من خلال الاستمرارية والمتابعة الميدانية، حيث أنّ نتائج ومعطيات الإحصاء ستسمح ببرمجة أولويات البلاد من الأمن الغذائي.
ولفت الخبير إلى أنّ “الأسعار المرتفعة التي شهدتها بعض المنتجات في السوق، سببها غياب الأرقام الحقيقية التي تبرز القدرات والإمكانات الوطنية في المجال الزراعي، ما تسبّب في خلل أدى إلى ارتفاع الأسعار”.
لا مناص عن الرقمنة..
وشدّد بوخالفة على أهمية الرّقمنة في عملية الإحصاء للقضاء على الفوضى في الأسواق التي تتميّز بعدم استقرار الأسعار، خاصة ما يتعلّق بالمواد الغذائية الأساسية ذات الاستهلاك الواسع، ومحاربة كل محاولات المساس باستقرار الأسواق على غرار مواجهة ظواهر مثل المضاربة.
أما بخصوص نقطة الأراضي المسقية التي تحدّث عنها الرئيس خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد، أول أمس، أبرز محدّثنا أنّ الجزائر تتوفّر على مساحات مسقية شاسعة تقدر بـ 1.4 مليون هكتار وجب المحافظة عليها، مشيرا إلى أنّ الرئيس حريص على توسيع المساحات المسقية والحفاظ عليها وإعطائها أهمية، من خلال استغلالها في الزراعات الاستراتيجية وزراعة الخضروات والفواكه. وحول إمكانيات الثروة الحيوانية، أبرز محدثنا أنّ الإحصاء العام يمكّننا من تحديد هذه الثروة، ففي موضوع رؤوس الأغنام مثلا كانت الجزائر تحصي سابقا 29 مليون رأس في السابق، وبعد تحيين الإحصاء ومع اندثار مناطق السهوب والمراعي وتخلي المربيّين عن التربية، انزلق الرقم إلى 17 مليون رأس غنم، كما هو الحال مع الدواجن حيث قضت الأمراض على 50 بالمائة منها.