تُواجه القارة السمراء ثلاثة تحديات مصيرية، قضية الاحتلال المغربي للصحراء الغربية وجائحة كوفيد 19 والإصلاحات الهيكلية للاتحاد الإفريقي.
هذه القارة، المتعبة بمشاكل مُفتعلة، لطالما عانت من ويلات الاستعمار الغربي وتعرضت شعوبها للاضطهاد واستنزاف الثروات، يمكنها اليوم أن تعيد الاعتبار لموقعها ضمن النظام العالمي الجديد، بفضل الدور الريادي الذي يقوم به عدد من بلدانها الناشئة، مدافعة عن الشرعية الدولية ومتمسكة بميثاقها القائم على حقوق الإنسان.
إنها الرسالة التي ينبغي أن يقرأها أعضاء الاتحاد الإفريقي خلال اجتماع رؤساء الدول والحكومات الأحد المقبل، لرسم معالم العمل المشترك وصياغة قرارات حاسمة تنهي معالجة ملفات تعيق مسعى إعادة التموقُع في النظام العالمي الجاري وضعه دون بصمة سمراء.
الطُموح إلى نيل مقعد دائم ضمن عضوية مجلس الأمن الدولي، وفقا لمسعى إصلاح المنظومة الأممية، يقتضي أساسا تشكيل قناعة راسخة بتنظيف القارة من بقايا الماضي الاستعماري والعنصري ليبرز الإنسان الإفريقي في المشهد العالمي الجديد، مساهما في العلم والتنمية والتضامن البشري.
لا يُعقل أن تبقى الصحراء الغربية آخر مستعمرة في القارة تواجه مناورات دولة الاحتلال مواصلة خيار الهروب إلى الأمام ومحاولة القفز على الشرعية الدولية، في وقت يضاعف كوفيد 19 من تهديداته لشعوب القارة التي تحتاج للارتقاء أكثر إلى مستوى تطلُعات الأجيال بما يوقف الهجرة ويحدّ من أطماع الشركات متعددة الجنسيات في هيمنة قديمة جديدة على ثروات القارة.
ليس من سبيل لترجمة كل تلك الطموحات سوى وضع من يسبحون ضد تيار النهوض بإفريقيا أمام خيار واحد، هو المطابقة مع النظام الأساسي للاتحاد القاري، عن قناعة راسخة والتخلي عن ثقافة الهيمنة والتوسع والاحتلال المنبوذ في كل العالم الحر، والدخول في مقاربة المبادرة الجديدة للتنمية المستدامة ليكون لـ «السمراء» صوتها المسموع بكل الاحترام المطلوب والإصغاء اللازم.
التحدي المشترك يقتضي أن يخطّ الاتحاد الإفريقي من خلال أدواته التنفيذية مسار المرحلة المقبلة، بكل الصرامة والوضوح لمعالجة الملفات الكبرى ذات الصلة بالسلم وحل النزاعات التي لا علاج لها سوى في البيت الإفريقي ومن طرف الأفارقة، بالارتكاز على الرصيد الكبير لنضالات القارة حتى في مرحلة قلّة الموارد وضعف الإمكانيات واستطاعت إنجاز الكثير، وهو ما ليس بغريب عنها اليوم أيضا.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.