تفاؤل كبير أبداه الليبيون بعد انتخاب رئيس حكومة انتقالية تتولى مهمة تنقية الأجواء وتجاوز الخلافات السياسية، القيادة الشرعية يعوّل في مهمتها على ترتيب البيت، بشكل يعبد المسار لإجراء الانتخابات شهر ديسمبر المقبل، وبذل كل الجهود الممكنة لطي أعنف صفحة مؤلمة عاشها الشعب الليبي من دمار ومخاطر التمزيق، وجاء الانفراج بمثابة الخطوة المتقدمة نحو القفز بليبيا إلى برّ الأمان، بل إن هذه القفزة تعد بمثابة حجر الأساس يسمح ببناء مؤسسات ليبية قوية، تنهي تآمر الأطماع الخارجية وتسقط المصالح الضيقة لبعض الأشخاص الذين يتكالبون لتقاسم ثروات ليبيا، ولعلّ أبرز ما يسيل لعاب الأعداء خزان الغاز العملاق في منطقة المتوسط.
تلاشت العاصفة بعد رحى حرب هائجة، قصمت ظهر الشعب الأعزل وفرقت الصفوف وجعلت الانفلات الأمني واقعا مرا لا مفر منه، وفي كل مرة كان يبدو إحداث التوافق عبر جولات ماراتونية صعبة تخللتها تحديات كبيرة ومعقدة شبه مستحيل، لكن وأخيرا انتصرت لغة الحوار وأرسيت مقاربة السلم، الصيغة الوحيدة القادرة على رسم معالم طريق صحيح لإزالة الفرقة وإنهاء المعارك بصورة نهائية، وما أحوج الشعب الليبي في هذا الوقت بالذات إلى الدعم ولذا ينتظر من المجموعات الدولية أن تقف إلى جانب هذه المكاسب المحققة والأخذ بيد الليبيين لتجاوز المعاناة الطويلة، عبر مساعدتهم في إسقاط محاولات الشر التي قد تضمر نوايا خبيثة وتسعى للعبث بالوفاق الثمين والتاريخي المحقق بشق الأنفس.
تتجه الأزمة الليبية نحو النهاية، بفضل الحل السلمي الذي رافعت عنه الجزائر مطولا، كونه الخيار الفاصل والوحيد الذي يطفأ بؤرة التوتر، ويضمد جراح ليبيا الجريحة ويجعلها تقوم من جديد لتسير بثقة وخطوات ثابتة نحو تجاوز معاناة عمرها عقد من الزمن، وأخيرا ليبيا في طريق استعادة أمنها بإرادة وقرار أبنائها وقيادييها، الواعون بضرورة التقاطع حول مصلحة الوطن والتقارب لحماية بلدهم من الانهيار، قرار صائب وحكيم يعتبر ضربة قوية للتنظيمات الإرهابية في المنطقة ومن يقف خلفها لتغذيتها. وضع الثقة في الحكومة الانتقالية الجديدة يقلل من التهديدات على مستقبل البلد الذي ينتظر منه خطوات عملاقة، بهدف تحقيق حلم إرساء السلم الاجتماعي والمصالحة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.