يفصل مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالجمعيات الدينية، عيسى بلخضر، في هذا الحوار مع “الشعب أونلاين” في عديد الملفات والقضايا التي تهم الرأي العام بالجزائر على كافة الجوانب، سواء تلك المتعلقة بالزوايا والجمعيات الدينية أو التي لها علاقة بالواقع السياسي.
واعتبر بلخضر تخوف الأحزاب السياسية من ما وصفته بتغول المجتمع المدني بسبب الرعاية التي حظي بها من قبل الرئيس تبون مبالغا فيها حتى وإن كان يلتقي معها لكنه ليس معنيا بالوصول إلى السلطة أو استلام مؤسسات الدولة كبديل.
مستشار الرئيس شدد في هذا الحوار على وجود مجموعات حالمة تتكون من حين لآخر ترغب في الاستثمار بأي شيء وتدعي أنها تبحث عن الديمقراطية لكنها غير مستعدة للالتزام بأدنى السلوكيات والواجبات الوطنية أو الأخلاقية.
وفي السياق أقر بن بلخضر بوجود من لازال يتصور المجتمع المدني بأنه للاستخدام والتوظيف وليس لتفعيل المجتمع، ليضيف :”ومع ذلك فإننا نتصور وعي الشباب الأن والمشاريع المتعددة ليس بالسهولة استخدامها كما كانت تستخدم في وقت سابق”.
الرئاسة دائما ما دعت إلى ضرورة تعزيز مكانة المجتمع المدني في الجزائر، هل هذا الأمر سيهدد مكانة الأحزاب السياسية التي أظهرت تخوفها من تغوله ما قد يجعله مسيطرا على المشهد السياسي؟
تخوف الأحزاب السياسية من المجتمع المدني مبالغ فيه جدا وفي غير محله، لأن المجتمع المدني في أي دولة وفي أي مجتمع تنظيمه وتأطيره قانونيا هو بمثابة مؤسسات التنشئة الاجتماعية للتيارات السياسية والفكرية وحتى الاقتصادية وليس العكس.
بمعنى أوضح المجتمع المدني هو الورشة المفتوحة التي تلتقي فيها كل القدرات الاجتماعية من الأفراد، فهي مرحلة أولى يمر عبرها الذي يمكن أن يكون نقابيا، إعلاميا، حقوقيا أو غير ذلك لهذا إن هذا التخوف في غير محله إطلاقا.
صحيح أن بعض الأحزاب مثلا ترى المجتمع المدني على أنه بديل عنها، ولكن الواقع غير ذلك لأن له وظائف آخرى ومتعددة، نعم قد يلتقي مع الأحزاب لكنه ليس معنيا بالوصول إلى السلطة أو استلام مؤسسات الدولة كبديل.
المجتمع المدني في وقت سابق كان ذراع السلطة وأحزابها التي تعتمد عليها خلال الحملات الانتخابية أو لتمرير مشروع سياسي معين، هل هذا الأمر سيستمر أم لا؟
بالنسبة لبرنامج الرئيس فإن هنالك إرادة سياسية أن ننتقل بالمجتمع المدني من طابع المنظمات الجماهيرية إلى المجتمع المدني المبني على أهداف حسب أنواع المؤسسات والأهداف التي نسعى إليها، ولكن الانتقال من هذا إلى ذلك قد لا يكون سريعا بسبب وجود ذهنيات مقاومة التغيير.
الواقع يقول إن هنالك من لازال يتصور المجتمع المدني هو للاستخدام وليس لتفعيل المجتمع، هو للتوظيف وليس للبدائل، هو درجة أقل وليس شراكة مجتمعية مناظرة للمؤسسات الأخرى السياسية والإدارية، ومع ذلك فإننا نتصور وعي الشباب الأن والمشاريع المتعددة ليس بالسهولة استخدامها كما كانت تستخدم في وقت سابق.
زيادة على ذلك رأينا بعض الضوابط التي آتى بها القانون العضوي للانتخابات ثم قوانين عضوية آخرى قادمة، نتمنى في القريب بالنسبة للمرصد الوطني للمجتمع المدني هذه القضية تتضح وتوفر له أطر وستختلف عن السابق، لكن من جانب الذهنيات التي سيتم القضاء عليها شيئا فشيئا.
كيف تقيمون أداء الجمعيات الدينية في الجزائر خلال الفترة التي أشرفتم على هذه المهمة؟
بالنسبة لي كلفت بمهمة مستشار للمجتمع المدني لمدة 6 أشهر ثم قرر الرئيس أن يخصص الحركة الجمعوية بمستشار والجانب الديني بمستشار، لأن الجمعيات الدينية في الجزائر فيها قسمان، قسم تقليدي الذي مازالت مصداقيته مع العرش ومع السكان المحليين وفيه مختلف الشرائح الكبار والصغار ولازال يمثل الكثير البنى الاجتماعية على المستوى المحلي، وهذه قضية لا يمكن تجاهلها ومخطىء من يتصور أننا تجاوزناها لأن هذه المؤسسات التقليدية لازال لها دور يخفت هنا ويرتفع هناك.
أما القسم الثاني فيتمثل في الجمعيات الدينية الحديثة التي لها برامج حيوية كبيرة جدا في النشاط الديني فهي متعددة يمكن أن تعطي بدائل عديدة وخاصة في مجال الحفاظ على الهوية وعلى الثوابت استعاد الطلبة في مجال التحفيظ القرآني، مواجهة الآفات ومواجهة الفكر الوافد، فهذه أيضا نحن نحرص على تنشيطها لأنها تمثل جزء رئيسي وأساسي وحساس في المجتمع.
الجزائر خلال الفترة الأخيرة تعرضت لهجمات إعلامية من الخارج سواء من المغرب أو من فرنسا، الجمعيات الدينية هل كان لها دور في الرد على هذه الهجمات؟
طبعا، نحن باعتبارنا معنيين بالمجتمع المدني وخاصة فيما يتعلق بالجمعيات الدينية المتعددة، كانت لها مواقف وفتاوى صدرت عن مشايخ كبار لهم تأثيرهم الخارجي حتى في دول الجوار، كانت لهم ندوات وكان لهم استنكارهم ورأيهم، لأن هذه المؤسسات الدينية هي أكثر حساسية وأكثر وعيا بقضايا الهوية وقضايا المرجعية الدينية بالجزائر.
ومع كل هذا فهي تعنى كذلك بقضية الذاكرة، لأن الذاكرة الجزائرية النسبة الكبرى منها هي ذاكرة العلماء الذين انطلقوا من المدارس القرآنية ومن الزوايا ثم إلى الجهاد، فعندما نربط الذاكرة بالحاضر تصبح الجمعيات الدينية هي رأس المال الأساسي المعول عليه.
هل هنالك مقاومة من الداخل من أجل التغيير والذهاب لجزائر جديدة مثلما يصفها الرئيس؟
على مستوى الجمعيات فيه ترحيب كبير وتفاؤل بالنسبة للشباب أو حتى بالمؤسسات التقليدية، المقاومة نجدها في الفئات التي ترى مصالحها ضاقت، هنالك أناس تضايقهم الترسانة القانونية الجديدة التي تقطع طرق سواء فيما يتعلق بالانتخابات أو في قضية الوصول إلى المال أو الاقتصاد الموازي.
ويجب أن نقر بوجود شريحة آخرى ليست متخوفة من القوانين، بل هي شريحة حالمة لا رؤية لهم يتبعون أهواءهم فكلما يرون الاستفزازات أو حركة التغيير تحدث ينتهزون الفرص ويتصورون أنهم يمكنهم تحقيق كل شيء، حيث رأينا بعض الأشخاص المشبوهين تتكون من حين لآخر تدعي أنها تبحث عن الديمقراطية لكنهم غير مستعدين للالتزام بأدنى سلوكيات وواجبات الوطنية أو الأخلاقية.
رمضان المبارك على الأبواب هل يتم التحضير لبرنامج خاص به؟
رمضان بالنسبة للحركة الجمعوية والمجتمع المدني بصفة عامة وفي قسمه الخاص بالجمعيات الدينية فيه استعداد كبير جدا، وما يبين ذلك أنه بعدما فتحت المدارس القرآنية أضحت تستقبل بالآلاف لأنها تطورت على كافة الأصعدة، وشهر رمضان يعول فيه على زخم الأعمال الخيرية، ففي السنة الفارطة وجدت جمعيات تجاوز رقم أعمالها 100 مليار سنتيم، لهذا نعول عليها هذه السنة لاسيما وأن الاعدادات بدأت، والعملية التضامنية سوف تكون كبيرة جدا رغم الظروف الصحية التي تشهدها البلاد بسبب تواصل تفشي فيروس “كورونا”.
على ذكر تفشي فيروس “كورونا” كيف تعاملت المدارس القرآنية مع هذا الوضع منذ عودتها إلى النشاط؟
بدأوا يتاقلون مع الوضع، كان لدي زيارة إلى ولايتين خلال الفترة الأخيرة، لاحظت أن هنالك احترام كبير للاجراءات المتخذة، نحن لا نتحدث عن المدارس الصغيرة بل عن التي لها هياكلها فقد عملوا وفق نظام التفويج والتزموا بشروط التباعد على غرار المدارس النظامية.
هل هنالك جديد بشأن المسجد الأعظم، متى سيتم افتتاحه كليا ؟
بعد عودة الرئيس إلى أرض الوطن سالما معافى سوف تبدأ وتيرة التحضير للجهاز الاداري وتبدأ العملية مباشرة، لأن أزمة كورونا جعلتنا نؤجل افتتاح المسجد ولكن اليوم لسنا في ضائقة لأن الأشعال انتهت بقي فقط تهيئة الطواقم الادارية والمؤسسة التي تشرف عليه سوف يعلن عنها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
هل سيتم الاعتماد على إمام جزائري أو سيكون هنالك إمام من خارج الوطن لإمامة الجامع الأعظم؟
بطبيعة الحال سيكون الإمام جزائريا لأن هذا الأمر له رمزية بالنسبة للجامع والجزائر التي تفتخر بصرح ديني ضخم يحتوي على كل شيء.