تشكلت الحلقة التي كانت تنقص السلسلة لتكتمل بانخراط الدبلوماسية الاقتصادية في ديناميكية تجسيد النموذج الجديد، الجسر الذي يعبر منه الاقتصاد بكل أدواته، من مؤسسات إنتاجية ومتعاملين مستثمرين، ضمن سوق تقبع تحت تداعيات أزمة مالية وصحية، إلى مستوى التنافسية والتموقُع في أسواق خارجية من بوابة التصدير، ضامن الديمومة.
معضلة الأسواق التي تؤرق صاحب القرار الاقتصادي مسألة تعني أكثر من متدخل، من بينهم محترفو العمل الدبلوماسي على مستوى مختلف المُمثّليات بإشراف وزارة الخارجية، التي تدخل المعركة بكل مقومات النجاح، وفقا لمقاربة شرحها الوزير صبري بوقدوم، ترتكز على المبادرة، التنظيم والأكثر جدوى أرضية رقمية شاملة، تعطي نفسا جديدا للفعل الاقتصادي.
اليوم، لا يحتمل الظرف بكل جوانبه المالية ومؤشرات النمو المتدنية، التردد أو انتظار حلول سحرية، إنما المطلوب الانطلاق في إنجاز برامج الإنعاش الاقتصادي، الذي يشكل قاطرة تقود البلاد بكل الانشغالات والتطلعات إلى تغيير الواقع المرهق بتراكمات عُشريات، تجاوز فيها الخطاب والتصورات حجم الانجاز، رغم الكلفة المثيرة للجدل، لتبقى وتيرة النمو تتأرجح، في انتظار أن تنتعش قريبا.
النُمو أمر يعني المؤسسة الإنتاجية أساسا، لكنه يتعلق أيضا بمدى تجاوب المحيط بكل المتدخلين من مرافق مالية وإدارية، والطرف الفعال، الجهاز الدبلوماسي لتأمين جوانب التسويق والتعريف بالمنتوجات ورصد الأسواق الخارجية، خاصة من حيث تحديد واقع التشريعات والمعايير، لتتفرغ المُؤسسة الجزائرية والمستثمر للمهمة الأصلية، تنحصر في العملية الإنتاجية بكل تفاصيلها، أبرزها الجودة وتقليص الكلفة وإدخال التكنولوجيات الجديدة بكفاءات جزائرية، أثبتت في أكثر من مجال القدرة على رفع التحديات.
صراع القوى النافذة في الساحة العالمية لم يعد يحسم بالدبلوماسية التقليدية، التي أصبحت بحكم تغيّر طبيعة الصراعات الجيواستراتيجية من نطاق المدّ الإيديولوجي إلى «حرب أسواق» شرسة في أكثر من حالة، لاعبوها في الصف الأول ممارسو العمل الدبلوماسي كأحد روافد المعركة، عضدا للنسيج الإنتاجي، يستدعي التشبع بقناعة راسخة واحترافية في رصد وتحليل المؤشرات، لغاية واحدة ووحيدة خدمة الاقتصاد الوطني.