يعتبر سنّ قانون يخص تنظيم استقدام فنانين أجانب لتنظيم حفلات فنية في بلادنا، يوجب وزارتي الداخلية والثقافة بالسهر على مراعاة الخصوصيات الثقافية للمجتمع الجزائري من ناحية وتوازنات الخزينة العمومية، واحدة من أهّم توصيات مجلس الوزراء.
هل من المعقول أن تستقبل الجزائر على أراضيها (فنانا) تجرّأ على شهدائها أو سبّ دولتها ورموزها، ليغادر بعدها محمّلا بهدايا وعطايا وكأن شيئا لم يكن!؟.
كيف لفنانين خاضوا في مستنقعات السياسة ودهاليزها واقترفوا الإهانة والإساءة، يتم استقبالهم استقبال النجوم، هل أصبحت ذاكرتنا ضعيفة إلى هذه الدرجة حتى يتم السماح لأشباه فانين بإحياء حفلات وسهرات في بلادنا، أليست هي إهانة لمرتين؟
الفنان الذي تجرّد من ثوب الفن ومن رسالته النبيلة التي يفترض أنّها تجمع الشعوب وتقرّب المسافات بينها وليس صبّ الزّيت على النار وإشعال الفتنة وأحقاد الحميّة، بينما يصمد الفن كجسر وحيد عندما تقطّع الحروب أوصال الأمم، فكيف لمن يدعون أنهم فنانين ثم يقفون دعاة على أبواب الفتن؟.
التراث الجزائري الغنّي بحكمه وعبره، يكتنز مثلا شعبيا رائعا يصف المتنكّرين للجميل بالذين «يأكلون الغلّة ويسبّون الملّة»، يصنّفون في خانة اللئام، لأنهم سبّوا الملّة بعد أكل الغلّة. ولكنّ الطامة الكبرى عندما تعطيهم غلتك بعدما سبّوا ملتك، أفلم يتم سابقا استضافة فنانين «تجرّأوا» على الجزائر وشهدائها ثم تم استقبالهم أحسن استقبال وأغدق عليهم بالعطايا والهدايا، ثم عادوا إلى ما كانوا عليه؟.
أما التمويل، وليس ذلك من باب اكتشاف القمر مجددا، فالجميع يعرف أن تكاليف التظاهرات الثقافية والفنّية توفّرها مساهمات المؤسسات الاقتصادية عبر (السبونسورينغ) وليس من خزينة الدولة وبهذا يتم الحفاظ على المال العام وتحويله إلى قطاعات ثقافية أخرى، لأن الثقافة ليست غناء ورقصا فقط ولكن سينما ومسرح…إلخ. وللأسف كثير من قاعات السينما تحوّلت إلى خراب بسبب غلقها لعشريات ولا أحد يكترث، بينما يكفي ما يتقاضاه فنان أجنبي في سهرة واحدة لإصلاحها حتى تستعيد النشاط.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.